تصعيد المقاومة ينذر بمواجهة فلسطينية – إسرائيلية جديدة

التقديرات الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن الضفة الغربية هي النقطة الأضعف لإسرائيل أمنيا، بحكم أنه ليس من السهل السيطرة عليها في حال اندلاع انتفاضة.
الثلاثاء 2022/09/06
انتفاضة ثالثة في الأفق

القدس- يقول خبراء فلسطينيون إن تصاعد المقاومة بالضفة الغربية، خلال الأسابيع الأخيرة، مؤشر على إمكانية اندلاع مواجهة جديدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وأوضح الخبراء أن الجيل الجديد فقد الثقة بأي مسار سياسي، وبات يحتضن المقاومة المسلحة.

ومؤخرا، نفذ الجيش الإسرائيلي عمليات اعتقال فلسطينيين في نابلس (شمال)، وفي بلدة سلواد شرقي رام الله (وسط)، وسط اشتباكات مسلحة، ومواجهات مع المئات من الفلسطينيين.

ووفق مصادر إسرائيلية، أُصيب مستوطنان إسرائيليان، في الثلاثين من أغسطس الماضي، أحدهما بجراح خطيرة، بعد إطلاق النار عليهما بمنطقة نابلس بعد محاولتهما التسلل لموقع “قبر يوسف”.

وبعد ساعات من العملية حاصر الجيش الإسرائيلي منزلا في بلدة “روجيب” القريبة من موقع الحادث، واعتقل 3 فلسطينيين بعد اشتباك مسلح.

محمد أبوعلان: إسرائيل ترى في الضفة الغربية الساحة المتفجرة والأكثر قلقا

ومنذ بداية العام الجاري، ينفذ الجيش الإسرائيلي سلسلة عمليات تركزت في مدن نابلس وجنين وطوباس، قُتل خلالها عدد من الفلسطينيين، واعتقل آخرون.

وتعرض الجيش الإسرائيلي في تلك العمليات لإطلاق نار من قبل مسلحين فلسطينيين، وواجه المئات من الفلسطينيين الذين رشقوا آلياته بالحجارة والعبوات الحارقة.

وقال المحلل العسكري رون بن يشاي إن “موضوعا واحدا الآن يشغل الجيش الإسرائيلي، وجهاز الشاباك (الأمن العام) أكثر من الاتفاق النووي الإيراني، وحتى أكثر من تحذيرات أمين عام حزب الله اللبناني حسن نصرالله”.

وأضاف “نلاحظ أن حالة الغليان تتزايد في الضفة الغربية خاصة في شمالها، والتي قد تتطور وتتحول لانتفاضة شعبية عنيفة، وعلى المؤسسة الأمنية أن تستعد لمثل هذه التطورات، ومحاولة منعها”.

وقال محمد أبوعلان، الخبير الفلسطيني والمختص بالشأن الإسرائيلي، إن “مشهد تطور المقاومة وخاصة المسلحة في الضفة الغربية تتصدر المشهد الإسرائيلي بحسب ما تنقله وسائل إعلام إسرائيلية”.

وأضاف أن “مستويات أمنية إسرائيلية ترى في الضفة الغربية وخاصة شمالها بالساحة المتفجرة والأكثر قلقا”.

وأردف “المؤشرات تشير إلى أن إسرائيل ستطلب من دول عربية الضغط على الفلسطينيين لمنع حالة التصعيد، خاصة أن القراءة الإسرائيلية تقول إن الضفة ستشهد موجة من الاحتجاجات والمواجهات مع الجيش”.

وأرجع ذلك إلى أن “الجيل الفلسطيني الجديد لا يخشى قوة إسرائيل، ولم يعيش الانتفاضة الفلسطينية الأولى ولا الثانية”.

وتابع “تعمل إسرائيل على ردع الفلسطينيين عبر الاعتقالات وخاصة الإدارية (دون محاكمة).

واستطرد “هناك ارتفاع في عدد الاعتقالات الإدارية، وهي احترازية تلجأ إليها إسرائيل في محاولة لمنع تنفيذ هجمات”.

وأضاف أبوعلان “تواجه المؤسسة الأمنية تحديا في مواجهة العمليات الفلسطينية، كونها غير منظمة، حيث يصعب تتبعها من قبل أجهزة الأمن”.

واستدرك “في إسرائيل يقولون إن الجيل الجديد فقد الثقة بأي عملية سلام مع إسرائيل، وحتى فقد ثقته في المستوى السياسي الفلسطيني”.

ويرى بلال الشوبكي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل (جنوب)، أن “التقديرات الأمنية الإسرائيلية بأن الضفة الغربية هي النقطة الأضعف لإسرائيل أمنيا، بحكم أنه ليس من السهل السيطرة عليها في حال اندلاع انتفاضة”.

وتابع أن “السبب يعود إلى الاحتكاك المباشر مع الوجود الإسرائيلي بحكم وجود المستوطنين والنقاط العسكرية وما إلى ذلك”.

مخاوف إسرائيلية من حالة التعاطف الشعبي مع المقاومة الفلسطينية، على حساب مسار التسوية السياسية

وأردف “أيضا من الواضح أن سياسة الترويض الاقتصادي التي مورست على مدار سنوات ماضية لم تأت أكلها، وباتت صور الفشل تظهر في أكثر من بقعة وتحديدا في شمال الضفة”.

وزاد “إسرائيل ترى خطورة كبيرة في شكل المقاومة الفلسطينية والتي لا تبدو في صورة منظمة يمكن تتبعها، وبالتالي التحدي الأكبر لسلطات الاحتلال كيفية تتبع الأعمال في ظل عدم وجود سلسلة تنظيمية يمكن من خلالها التقليل من الهجمات وإحباطها”.

واعتبر أن “حالة الانتفاض بالضفة، والتي قد تصل إلى مواجهة أكبر تشكل عقبة في تنفيذ المخطط الإسرائيلي اليميني الذي يرى في الضفة الغربية جزءا من إسرائيل، وامتدادا طبيعيا له وغير معني من الانسحاب منها”.

ولفت أن “المستوى الأمني الإسرائيلي يتخوف من حالة التعاطف الشعبي مع المقاومة الفلسطينية، على حساب مسار التسوية السياسية”.

ويرى مدير مركز “يبوس” للدراسات السياسية (خاص)، سليمان بشارات أن هناك مجموعة دوافع تشير إلى إمكانية تحول الضفة الغربية إلى ساحة مقاومة مجددا.

وأوضح أن أبرزها “غياب الأفق السياسي الذي يقوم على منح الفلسطينيين حقوقهم، وبالتالي لم يعد هناك أمل شعبي في هذه المرحلة، وبدأت هذه الحالة تنتقل إلى صفوف المثقفين والنخب والتنظيمات حتى أبناء حركة (فتح) الذين يؤمنون بمبدأ عملية السلام وينخرطون في السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية”.

وبيّن أن “الواقع الأمني المتردي، الناجم عن عمليات الاقتحام اليومية للمدن الفلسطينية، وكذلك الحال مع محولات المستوطنين اقتحام قبر يوسف بنابلس، تخلق حالة تحدّ من جانب، ومن جانب آخر خوف دائم يدفع الأجيال الفلسطينية الصغيرة للبحث عن قوة تواجه هذه الانتهاكات”.

وأضاف أن “انغلاق الأفق المستقبلي لدى الشباب الفلسطينيين المتمثل في عدم توفر فرص العمل والتعليم والتوظيف، أمر يخلق حالة اجتماعية مركبة يمكن أن تعزز البيئة الدافعة لتفريغ الضغط الداخلي الذي يولّده الاحتلال”.

الضفة

وذكر أن “الضفة الغربية تحتل أهمية كبيرة ضمن المعادلة الأمنية لدى السلطات الإسرائيلية نتاج مجموعة من المحددات”.

ولفت أن أول تلك المحددات “التركيبية الجغرافية المتداخلة مع الوجود الإسرائيلي وتحديدا المستوطنات المنتشرة على امتداد الضفة، والأمر الثاني المستقبل التوسعي الديموغرافي لإسرائيل حيث تعتبر الضفة الغربية إحدى منافذه”.

وأوضح أن المحدد الثالث هو “التماس المباشر مع المدن الإسرائيلية المركزية مع الضفة وإمكانية أن ينتقل أيّ عمل مقاوم منظم إلى داخل هذه المدن وبالتالي العودة إلى أحداث الانتفاضتين الأولى والثانية”.

وأشار بشارات إلى أن المحدد الرابع يتمثل في “إعادة مفهوم المقاومة المسلحة من مسلحة فردية مقتصرة على مجموعات إلى عمل منظم تنخرط به شرائح وتنظيمات تم تحييدها عنه منذ قرابة 17 عاما”.

2