هل يعجّل ضعف الأداء برحيل حكومة الخصاونة

تكافح حكومة بشر الخصاونة من أجل التوفيق بين ارتفاع الأسعار العالمية والقدرة الشرائية المهترئة للمواطن الأردني لتجنب احتجاجات شعبية، بدأت ملامحها تتشكل، قد تطيح بها.
عمان - تزايدت التسريبات السياسية في الأردن مؤخرا عن اقتراب تعديل وزاري شامل خاصة للحقائب الخدمية أو حتى رحيل حكومة بشر الخصاونة برمتها بسبب ضعف الأداء والتعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية التي يمر بها الأردن، فيما يؤرق ارتفاع أسعار المحروقات والأمن الغذائي الأردنيين.
وعززت مذكرة نيابية (تم سحبها لاحقا) تطالب بإقالة وزير المياه والري محمد النجار “لتقصيره في أداء مهامه” هذه التسريبات، رغم أن مصادر مقربة من الحكومة الأردنية تنفي اعتزام إجراء تعديل وزاري أو الإطاحة بحكومة رئيس الوزراء بشر الخصاونة.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي منذر الحوارات أن الحديث عن قرب رحيل الحكومة أو إجراء التعديل الوزاري أصبح بمثابة موسم شعبي سببه ضعف أداء الحكومة.
وقال إن المواطن بات يعلق آماله بإحداث فرصة للتغيير من خلال التعديل الحكومي، إلا أن ذلك يكون دون نتائج حقيقية.
وأوضح “في كل تعديل حكومي الملفات المهمة لا تطبق بالوجه الأفضل، لذلك يبقى المواطن يعتقد أن الحكومة آيلة للتعديل”.

منذر الحوارات: الأردنيون لم يعودوا يبالون بأي تغيير حكومي أو وزاري
وقال في تصريحات صحافية إن مراكز قوى تديرها جهات تنزعج من وجود رئيس معين هي من تقف وراء تسريبات التعديلات التي تنشر بين الفترة والأخرى.
وأضاف أن هذه الجهات تبدأ بنشر هذه التسريبات وأحيانا تتم هذه التسريبات من مرجعيات مهمة لدراسة ردود فعل الرأي العام.
وبيّن أن “الرأي العام لم يعد مباليا بشكل كبير بأي تغيير حكومي أو وزاري، فمن المؤسف أن المواطن لم يعد يهتم بمن يأتي ومن يرحل لأنه تلقى وعودا كثيرة بتحسين وضعه وفي كل مرة يجري الحديث عن آمال وطموحات حكومية بعيدة عن الواقع مما يرفع نسبة اللامبالاة لدى المواطن وهذا أخطر شيء يواجه المجتمع لأنه يحمل في طياته غضب كبير”.
وفرض غلاء أسعار السلع الاستهلاكية نفسه على الأسواق الأردنية في الأشهر الأخيرة، حيث سجلت زيادات حادة في أسعار سلع رئيسية أرجعها وكلاء إلى الغلاء عالميا.
ورغم أن الحكومة الأردنية أعلنت مؤخرا عن إجراءات للحد من ارتفاع الأسعار والسيطرة على ارتداد الارتفاعات العالمية والمتواصلة التي طالت أسعار السلع الغذائية والأساسية، إلا أن الوكلاء أكدوا أن خفض ضريبة المبيعات على السلع الغذائية والرئيسية هي أهم إجراء يمكن أن يلمس المستهلكون آثاره فعلا.
وتجد الحكومة الأردنية نفسها أمام معادلة صعبة للتوفيق بين ارتفاع الأسعار عالميا ومراعاة القدرة الشرائية لمواطنيها الذين تراجعت مقدرتهم الشرائية بشكل ينذر بتجدد احتجاجات 2018 التي أطاحت برئيس الوزراء السابق عمر الرزاز.
ورصدت الحكومة الأردنية مخصّصات لزيادة شبكة الأمان الاجتماعي وتوسيع قاعدة المنتفعين من صندوق المعونة الوطنية، حيث تم رصد مخصصات زيادة لصندوق المعونة الوطنية بنسبة 38 في المئة في محاولة للتخفيف من آلام الأردنيين الاقتصادية، إلا أن هذه الخطوات تظل ترقيعية وغير قادرة على بلوغ أهدافها.
وتجنّبت الحكومة الأردنية فرض رسوم وضرائب جديدة في موازنة العام 2022، في مقابل ذلك ركزت على محاربة التهرب الضريبي والجمركي، في خطوة تعكس خشية من ردود فعل الشارع المتحفز.
ويقول متابعون إن المواطن الأردني لم يعد قادرا على تحمل تراجع قدرته الشرائية، وغياب الخطط الحكومية الفعالة لدعمه، فضلا عن قناعته بأن الإجراءات الاجتماعية لدعمه يطغى عليها الطابع الارتجالي ولم تحقق أي نتائج إيجابية، بل على العكس فاقمت من أزماته.
ويعاني الأردن، وهو أحد أبرز بلدان الشرق الأوسط التي تعتمد على المساعدات، من صعوبات اقتصادية متنوعة منذ سنوات أثرت على نسب النمو وانعكست على معدلات البطالة، مما يتطلب وصفة تضمن الإبقاء على استمرارية الوظائف واستدامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، بوصفها العمود الرئيسي لخيمة الاقتصاد.
وتراجع تفاؤل الأردنيين باقتصاد بلادهم، إذ عبّر نحو نصفهم (51 في المئة) عن عدم تفاؤلهم بالوضع الاقتصادي خلال العامين المقبلين، بينما ترى الغالبية العظمى منهم (81 في المئة) أن الأوضاع الاقتصادية تسير في الاتجاه السلبي.
81
في المئة من الأردنيين يرون أن الأوضاع الاقتصادية تسير في الاتجاه السلبي
وذكر تقرير حالة الأمن الغذائي والتغذية في العالم لسنة 2021 أن مليون شخص يعانون من نقص التغذية في الأردن.
وأظهر التقرير أن الأردن يعاني من تحديات جدية في تحقيق أهداف القضاء التام على الجوع، وتحقيق الصحة الجيدة والرفاه والتعليم الجيد والصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.
ويحذر محللون من تداعيات الأوضاع الاقتصادية التي قد تؤجج التوتر الاجتماعي جراء حالة التدهور الحاصلة والتي لا آفاق قريبة لتجاوزها.
وتفاقمت معدلات الفقر والبطالة أثناء جائحة فايروس كورونا لضعف قدرة السوق على إيجاد الوظائف الجديدة، وفقدان الوظائف وإغلاق المشاريع الصغيرة والمتوسطة الريادية وإفلاسها.
وكشف الأردن مؤخرا عن ملامح رؤيته المستقبلية الطموحة للنهوض بالتنمية في أعقاب سلسلة نقاشات طويلة شملت كافة القطاعات أملا في طي صفحة الماضي في إدارة الاقتصاد عبر وضع أهداف إستراتيجية سيتم تحقيقها بحلول 2032.
ويسعى المسؤولون لترجمة الأفكار التي تضمنتها الورشة الاقتصادية التي استمرت أشهرا، وتحويل التحديات إلى فرص لتسريع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي وزيادة التنافسية وتنشيط الاستثمار وتحفيز سوق العمل بشكل أكبر.
ويعد البلد أحد نماذج الاقتصاد الهش بالمنطقة العربية كونه يعتمد على المساعدات الخارجية بشكل مفرط، وتكلّف واردات الطاقة أكثر من ثلثي موازنته السنوية، فضلا عن معضلة الجفاف التي تقضم الأراضي الزراعية، ولذلك فإنه شديد التأثر بالأزمات الخارجية وتقلبات الاقتصاد العالمي.