قوى موالية وأخرى معارضة للسلطة تضغط على ماكرون قبل زيارته إلى الجزائر

الجزائر - رفعت مجموعة من الجمعيات والمنظمات في الجزائر عريضة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تدعوه فيها إلى الضغط على التنظيمات الداعمة للإرهاب، في إشارة إلى القوى المعارضة للسلطة الجزائرية التي تتخذ من باريس مقرا لها.
وتأتي العريضة كرد على عريضة أخرى رفعتها منظمات وجمعيات مهاجرة للرئيس الفرنسي من أجل عدم التستر على خروقات حقوق الإنسان وقمع الحريات من طرف السلطات الجزائرية.
وطالبت مجموعة من المنظمات والجمعيات الوطنية الرئيس الفرنسي ماكرون بـ”وضع حد للجمعيات المتطفلة التي تستغل تواجدها بفرنسا لنشر خطاب الكراهية والإرهاب بين الجزائريين ومؤسسات الدولة لزعزعة استقرار الجزائر”.
وذكرت برقية للوكالة الرسمية “أنه في اجتماع انعقد الاثنين لمنظمات وجمعيات وطنية، وبمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي للجزائر، نطالب رئيس الجمهورية الفرنسية بوضع حد للجمعيات المتطفلة التي تدعي الديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير والتي تستغل تواجدها بفرنسا لنشر خطاب الكراهية والعنف وتشجيع الإرهاب بين الجزائريين ومؤسسات الدولة وزعزعة استقرار وأمن الجزائر، والذي يؤدي لا محالة إلى تدهور منطقة شمال أفريقيا والبحر المتوسط “.
الجزائر ترغب في افتكاك تحرك رسمي فرنسي للجم نشاط جمعيات وناشطين مستقلين يعارضون السلطة القائمة
وأضافت المنظمات في بيان “نطالب رئيس الجمهورية الفرنسية بتحمل مسؤولياته تجاه هذه التنظيمات المشبوهة والمدعومة من طرف دوائر المال الفاسد والمنظمات الإرهابية العالمية وجار السوء (في إشارة إلى المغرب) وذلك من أجل الدفع بالعلاقات الجزائرية – الفرنسية، ولتكون مبنية على الثقة والاحترام المتبادل، خدمة للمصالح المشتركة ومستقبل الشعبين، متمنين زيارة مفيدة وناجحة للرئيس ماكرون والوفد المرافق له للجزائر”.
وفيما لم تفصح الوكالة الرسمية عن هوية الجمعيات والمنظمات التي وقعت على البيان المذكور، فإن الموقف جاء كرد فعل على العريضة التي رفعها ما يعرف بـ”الانتشار الجزائري”، الذي دعا الرئيس ماكرون إلى عدم التستر على الخروقات والقمع الذي يطال حقوق الإنسان والحريات في الجزائر، وذلك بمناسبة الزيارة التي ستقوده للجزائر الخميس القادم.
ويبدو أن الرئيس الفرنسي واقع تحت ضغط تجاذبات بين الموالين للسلطة وبين المناوئين لها، حيث تسعى كل جهة لاستمالته لصالحها مما يكرس الاعتراف المبطن بنفوذ الرجل في توجيه السياسات الداخلية في الجزائر، رغم ما يثار من مواقف وخطابات مناهضة للفرنسيين.
ويوحي البيان المذكور إلى رغبة جزائرية في افتكاك تحرك رسمي فرنسي للجم نشاط جمعيات وناشطين مستقلين يعارضون السلطة القائمة، ويأتي على رأسها بعض خلايا حركة رشاد، وتنظيم حركة استقلال القبائل “ماك”، إلى جانب مناضلين تود الجزائر استلامهم من الحكومة الفرنسية، حيث تم تصنيفهم كحركات إرهابية وكأشخاص إرهابيين، بحسب الصحيفة الرسمية للبلاد.
ودعت جمعيات ما يعرف بـ”الانتشار الجزائري” الرئيس الفرنسي عشية زيارته إلى الجزائر لـ”عدم التستر” على ما أسمته بـ”تدهور حقوق الإنسان في البلاد وعدم التغاضي عن انحراف النظام الجزائري نحو الاستبداد”.
وأعرب “الانتشار الجزائري” في بيان أصدره الأسبوع الفارط عن أمله في أن تكون الزيارة مثمرة للبلدين المرتبطين ارتباطا وثيقا بالتاريخ والجغرافيا والثقافة واللغة وبكل التبادلات والشراكات القائمة منذ الاستقلال.
جمعيات ما يعرف بـ"الانتشار الجزائري" دعت الرئيس الفرنسي لـ"عدم التستر" على ما أسمته بـ"تدهور حقوق الإنسان في البلاد وعدم التغاضي عن انحراف النظام الجزائري نحو الاستبداد"
ونبه التنظيم المشكل من 13 جمعية ومنظمة معارضة الرئيس الفرنسي إلى ما وصفه بـ”موضوع خطير يجب عدم التستر عليه خلال الزيارة، وهو الوضع الحالي لحقوق الإنسان في الجزائر”.
ولفت إلى “تسجيل نحو 10 آلاف حالة توقيف تبعها أكثر من ألف احتجاز احتياطي في انتهاك لقانون العقوبات مارسه النظام منذ بداية تظاهرات الحراك الشعبي المؤيدة للديمقراطية منذ شهر فبراير 2019”.
وأوضح التنظيم أن “رد السلطات الجزائرية على التطلعات الشعبية كان بسياسة قمعية غير مسبوقة باستراتيجيتها الإرهابية لإسكات الشعوب التي تعيش حالة انفصال عن قيادات النظام السياسي الحالي”.
كما شدد التنظيم في بيانه على “بعض المكتسبات التي تم تحقيقها بعد عقود من الكفاح بشأن حرية التعبير والتنظيم والتظاهر والصحافة والنشاط السياسي في تدهور حاد، وعلى طريق الزوال، وأن كل أشكال التعبير خارج خط النظام تقمع بشكل منهجي”.
وكانت السلطات العمومية في منطقة القبائل قد أوقفت خلال الأيام الأخيرة عدة مناضلين وناشطين سياسيين محسوبين على المعارضة، للحيلولة دون وصولهم إلى المقر التاريخي الذي انعقد فيه أول مؤتمر لقيادة ثورة التحرير في بلدة “ايفري أوزلاقن” بمحافظة بجاية، والذي يحمل رمزية خاصة بالنسبة إلى دعاة “الدولة المدنية” في الجزائر.
وتستعد الجزائر بداية من شهر سبتمبر المقبل لاستقبال مقررين من لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تسعى للاطلاع على وضعية حقوق الإنسان في البلاد، ومعاينة ظروف التوقيف والسجن، بعد تصاعد وتيرة الشكاوى المرفوعة لديها من طرف جمعيات وشخصيات مستقلة.
وأكد التنظيم الذي يضم جمعيات مهاجرة في رسالته للرئيس الفرنسي على أن “الجزائريين في فرنسا ولكن أيضا الفرنسيين من أصل جزائري يخشون إجراءات انتقامية خلال ذهابهم إلى الجزائر، ما يقيّد حريتهم بالتنقل، وأن مسافرين لم يقترفوا ذنبا سوى بالتعبير عن رأيهم، اعتقلوا ومنعوا من مغادرة الأراضي الجزائرية. نشطاء سياسيون، وصحافيون مقيمون في فرنسا يلاحقون أمام القضاء الجزائري ما يثير قلق أسرهم المقيمة في الجزائر”.