الشغف بالتراث يحول بيتا قطريا إلى متحف

الشغف باقتناء التحف النادرة حوّل بيت الشاب القطري منصور الرويلي إلى متحف تراثي يقبل عليه الزائرون المولعون بالمقتنيات ذات القيمة المعنوية والتاريخية ما جعله يحرص على المشاركة في المزادات لتوسيع متحفه من خاص إلى متحف عام يمتاز بخصوصية التنوع.
الدوحة - بدافع الحنين إلى الماضي والأنس بذكريات الأجداد، يُقبل كثير من المواطنين والمقيمين في الدوحة على زيارة بيت الشاب القطري منصور الرويلي الذي حوّل مجلسه إلى متحف لمحبي القطع النادرة.
وبدأ شغف الرويلي في عمر التاسعة بثلاث عملات ورقية قديمة أهداه إياها والده بغرض تشجيعه على تجميع المقتنيات الأثرية ذات القيمة المعنوية والتاريخية،
ومجلس الرويلي الذي صُمم على شكل متحف تراثي مُصغر حتى في المقاعد التي يجلس عليها الزائرون التي بُنيت بالطابوق القديم بارتفاع لا يزيد على 20 سنتيمترا عن سطح الأرض، ووضعت عليها مساند تمزج بين الماضي والحاضر، يغصّ بأنواع مختلفة من الإلكترونيات وأجهزة المذياع والهواتف القديمة والألعاب التي سادت دهرا ثم انزوت بفعل حركة التطور، مثل ألعاب شركة “أتاري” التي هيمنت على ألعاب الإلكترونيات في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي.
وتشمل جنبات المتحف صورا وأدوات منزلية وموسيقية ومباخر توثق لحياة الأجداد، إضافة إلى الأحجار البركانية التي كانت تستخدم لطحن الحبوب وصنع العطور، بجانب تشكيلة من الحلي التي كانت النساء يتزين بها قديما.
ما يحدد قيمة التحف هو مدى قدمها، فإذا كان عمر القطعة أكثر من 100 عام ارتفع ثمنها
ويزخر متحف الرويلي بعملات تنتمي لأكثر من 160 دولة تشمل عملات لبلدان عربية وخليجية تعود إلى آخر أربعة عقود.
كما ضمّت التحف الفنية القديمة أشكالا مختلفة لكاميرات التصوير النادرة وأحجار وردة الصحراء المشهورة في الخليج وقطر، بجانب عناصر البقالة القديمة التي تشير إلى الطرق التقليدية في التسويق والبيع والشراء.
وقال الرويلي إن جمع المقتنيات القديمة يحتاج إلى شغف ومتابعة مستمرة للمزادات، مبينا أن القطع الموجودة في هذا المتحف المُصغر ذات قيمة معنوية لا بد أن تتوارثها الأجيال، فكل قطعة تروي حكاية الماضي الجميل والتراث الأصيل “لذلك متحفي الشخصي هو بداية طموحي الأكبر نحو افتتاح متحف عام في المُستقبل”.
وأضاف “أحرص على المشاركة في المزادات التي تقام داخل قطر وفي دول الخليج وأقوم أحيانا بالسفر إلى بلدان أخرى لشراء تحفة قديمة”.
وتابع “يضم مجلسي شتى أنواع التحف حتى تلبي مختلف أذواق الزائرين، فمنهم من تجذبه الكتب الدراسية القديمة والأدوات المنزلية، وبعضهم تروقه الأزياء التي استخدمها الطلاب في ثمانينات وتسعينات القرن العشرين، ومنهم من يغرم بالجزء الخاص بدلال القهوة”.
وقال “حتى المجلات القديمة قمت بجمعها من أكثر من مكان وملابس الكشافة القديمة وما كان يوزع عليها في مدارسنا قديمًا ستجده أيضًا بجوار الدلال والمباخر القديمة”.
وتزيّن متحف الرويلي من أرضيته إلى سقفه أشكال مختلفة من دلال القهوة يرجع بعضها إلى العصر العثماني، وتعبّر عن ضيافة المجالس العربية التي لا تخلو من أكواب القهوة العربية الأصيلة.
جنبات المتحف تشمل صورا وأدوات منزلية وموسيقية ومباخر توثق لحياة الأجداد، إضافة إلى الأحجار البركانية
وأفاد الرويلي “متحفنا يحتوي على نحو ألف دلة، بجانب المستلزمات الأخرى المستخدمة في إعداد القهوة كأدوات التحميص وغيرها”.
وأوضح أن “الدلال الموجودة أنواع وبحر عميق له عالمه الخاص لا يعرفه سوى شخص يعشق التراث ويعرف بواطنه، فيوجد بمجلسي هذا دلال الرسلان الأصلية القديمة، وأيضًا الدلال الحمصية، والدلال الشطراوية، ودلالة القصر والبغدادية ودلال السيف وأيضًا العثمانية التي يعود تاريخها إلى الأربعينات والخمسينات، وبعض الدلال يعود تاريخها إلى عامي 1975 و1981”. وأضاف “تختلف أحجام الدلال وكذلك أثمانها، فكلما صغر حجمها زاد سعرها”.
وتابع “ما يحدد قيمة التحف هو مدى قدمها، فإذا كان عمر القطعة أكثر من 100 عام ارتفع ثمنها، خاصة الدلال العثمانية الأصلية التي يتخطى سعرها أكثر من 120 ألف ريال قطري”.
وذكر الرويلي أن حرصه على القديم لم يمنعه من المزج بين المعاصرة والأصالة، فبجانب الإلكترونيات يحتوي المتحف على أشكال من الأسلحة القديمة، مثل سيف يعود إلى العصر العثماني مصنوع في القرن التاسع عشر.
وأوضح “من بين التحف النادرة حاسبة ميكانيكية يدوية تعتبر من النوادر التي ترجع إلى الاتحاد السوفييتي قبل نحو قرن”. وقال “أسعد بعرض صندوق المبيت وهو حافظة استخدمتها النساء الخليجيات قديما لحفظ مقتنياتهن الثمينة”.