شركات إسرائيلية تخطط لزيادة الاستثمار في الطاقة بمصر

جذبت خطة مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة بعض اللاعبين الدوليين للاستثمار في هذا القطاع، حيث تمتلك البلاد مقومات الإنتاج مع تميزها بطقس مشمس تزداد فيه معدلات سطوع الشمس، فضلا عن وجود بنية تحتية ملائمة لذلك.
القاهرة - تعتزم شركة الطاقة الإسرائيلية “نيوميد إنرجي” (ديليك دريلينج سابقا) إطلاق تعاون اقتصادي مع شركة “إنلايت” للطاقة المتجددة، المدرجة في بورصة تل أبيب للاستثمار، في مشاريع للطاقة المتجددة في مصر ودول أخرى بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
تستهدف الشراكة الجديدة مشاريع في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة وقطاعات الطاقة المتجددة، تبدأ بمصر ثم الأردن والمغرب وعمان والبحرين والإمارات والسعودية.
وأعلنت الشركتان تعاونهما في كل مرحلة من مراحل المشروع، بما في ذلك البدء والتطوير والتمويل والبناء والتشغيل، ولن تقوما بذلك بمفردهما، حيث تعملان مع شركات محلية لمساعدتهما في تطوير المشاريع.
وتأسست “إنلايت” للطاقة المتجددة عام 2008، وتركز على تطوير مشاريع الطاقة الشمسية في إسرائيل، وعلى مدار الأعوام الماضية تحولت إلى لاعب دولي في هذا المجال، وتقوم بتطوير وامتلاك مشاريع على نطاق واسع في 12 دولة، تعمل بطاقة الرياح والطاقة الشمسية الكهروضوئية وتخزين طاقة البطاريات، وتمتلك الآن محفظة عالمية تناهز 20 جيغاوات، ما جعلها عنصرا رائدا في قطاع الطاقة المتجددة.

رمضان أبوالعلا: تحول مصر إلى مركز إقليمي يتطلب إنتاج 30 جيغا من الطاقة
وأعلنت شركة “ديليك” للحفر الإسرائيلية في فبراير الماضي تغيير علامتها التجارية لتصبح باسم “نيوميد إنرجي”، كما تشغل الشركة إلى جانب شركة “شيفرون” الأميركية أكبر حقلين بحريين في إسرائيل وهما” تمار وليفايثان” ويضخان الغاز الطبيعي إلى مصر للإسالة في محطتي دمياط وإدكو على البحر المتوسط، قبل أن يعاد تصديره إلى أوروبا.
وشاركت “نيوميد” كلاعب رئيسي في أن تصبح مصر مركزا للغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط، وشهد هذا التوجه إبرام شراكة مؤخرا بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، ومثلت الشركة ذراعا قوية لزيادة صادرات الغاز إلى أوروبا.
وتأتي خطة الشركتين كداعم رئيسي لمساعي مصر للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة، إذ قطعت البلاد شوطا كبيرا نحو تحقيق هدفها، والذي تسعى فيه إلى زيادة مكون الرياح والشمس بمزيج الطاقة في توليد الكهرباء كبديل عن الغاز الطبيعي، وتحقيق أقصى استفادة من تصدير الغاز المنتج محليا في ظل ارتفاع أسعاره عالميا.
وكشف عضو في لجنة الطاقة باتحاد الصناعات المصرية لـ”العرب” أن الاستثمارات الجديدة تعزز من تحويل مصر إلى مركز للطاقة المتجددة في المنطقة، لأنها قادمة بالتمويل والتكنولوجيا اللازمة، وتسهم في رفع إنتاج القاهرة من الطاقة المتجددة.
وأوضح المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن مع بدء تنفيذ تلك الشركات لمشروعاتها سوف يشهد السوق وقطاع المقاولات حراكا ملحوظا، ومن المتوقع أن تقوم تلك الشركات بضخ استثمارات كبيرة، وهي خطة تتبناها إسرائيل لتعزيز تعاونها مع القاهرة، وتريد أن توظفها في أنشطة استثمارية مختلفة في قطاع الطاقة.
وأعدت وزارتا البترول والكهرباء في مصر إستراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حتى عام 2035، وتضمنت دراسة عدد من السيناريوهات للوصول إلى أنسب توليفة للطاقة، في ظل الموارد المتاحة داخليا بأعلى عائد وأقل تكلفة.
وشملت الإستراتيجية تعظيم مشاركة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، ويتم حاليا تحديث الخطة لتستمر حتى 2040، في ضوء زيادة مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر مع استخدام الهيدروجين الأخضر في مزيج الطاقة.
الشراكة الجديدة بين "نيوميد إنرجي" و "إنلايت" تستهدف مشاريع في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة وقطاعات الطاقة المتجددة
وقال أستاذ الطاقة والتعدين بجامعة “فاروس” بمصر رمضان أبوالعلا إن الاستثمارات الإسرائيلية الجديدة تخدم إستراتيجية مصر في تنويع مصادر الطاقة، بين مشروعات استغلال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وعدم اعتماد القاهرة على الوقود الأحفوري سواء النفط أو الغاز فقط.
ويأتي ذلك استكمالا لمنظومة الطاقة المتجددة بامتلاك مصر أكبر محطة طاقة شمسية في العالم بمنطقة بنبان في أسوان والسد العالي كطاقة مائية، وطاقة الرياح في منطقة البحر الأحمر.
ويعد مجمع “بنبان” في جنوب مصر الذي افتتحه الرئيس عبدالفتاح السيسي في ديسمبر الماضي رابع أكبر مجمع لطاقة الشمس من حيث القدرة الإنتاجية، وأكبر تجمع لمحطات الطاقة الشمسية بنظام الخلايا الفولتية دون تخزين على مستوى العالم.
وأضاف أبوالعلا في تصريح لـ”العرب” أن تحول مصر إلى مركز إقليمي للطاقة المتجددة أو الطاقة الخضراء ليس بالإمكان حاليا لأن البلاد لم تغط احتياجاتها بعد، إذ تستهدف إنتاج نحو 2 جيجا من الكهرباء عبر “بنبان” ونفس الحجم تستهدفه من الطاقة النووية، ويتطلب تحول مصر إلى مركز إقليمي إنتاج نحو 30 جيجا من الطاقة المتجددة.
وأكد أن السوق المصرية تستوعب استثمارات عملاقة في مجال الطاقة المتجددة، لأنها تتمتع بطقس جيد لإنتاجها، ومن أفضل المناطق بالعالم التي لديها معدلات سطوع للشمس تسمح باستيعاب استثمارات ضخمة في قطاع الطاقة الشمسية.
السوق المصرية تستوعب استثمارات عملاقة في مجال الطاقة المتجددة، لأنها تتمتع بطقس جيد لإنتاجها
وحسب دراسة أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تتمتع مصر بمعدل كبير لسطوع الشمس، حيث يتراوح المتوسط اليومي بين 9.3 و10.8 ساعة لكل يوم، ويبلغ هذا المتوسط في الشمال 8.6 ساعة، بينما يرتفع في جنوب مصر إلى 10.8 ساعة لكل يوم، وتتزايد ساعات سطوع الشمس صيفا لتبلغ أقصاها في شهري يونيو ويوليو.
وأعلن وزير البترول المصري طارق الملا أن بلاده تستهدف تعزيز قدرة الطاقة المتجددة لتغطية 42 في المئة من احتياجات الكهرباء في البلاد بحلول عام 2030، مقارنة بنحو 10 في المئة خلال الفترة الراهنة.
ويلعب الموقع الجغرافي المتميز لمصر دورا حاسما في تأهيلها لأن تصبح مركزا محوريا يربط أوروبا بالشرق الأوسط في مشاريع الطاقة المتجددة، ولذلك تشهد البلاد سباقا بين الشركات الكبرى، وآخرها شركة “أكوا باور” السعودية التي وقعت اتفاقا مع وزارة الكهرباء المصرية في يونيو الماضي، لاستثمار نحو 1.5 مليار دولار في إنشاء أكبر محطة لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح بالشرق الأوسط.
وتبذل السلطات المصرية جهودا حثيثة لتقليل الاعتماد على الغاز والوقود التقليدي بشكل عام، ووضعت الحكومة خطة لترشيد استهلاك الكهرباء لتعزيز صادرات الغاز الطبيعي وزيادة تدفقات النقد الأجنبي الذي تسبب في أزمات اقتصادية بالبلاد.
وألزمت الحكومة جميع وحدات الجهاز الإداري للدولة بترشيد استهلاك الكهرباء بكافة المباني والمرافق التابعة لها طوال ساعات العمل الرسمية، والالتزام بالغلق التام للإنارة الداخلية والخارجية لها عقب انتهاء ساعات العمل الرسمية، وخفض إنارة الشوارع والميادين العامة والمحاور الرئيسية.