فايروسات شائعة على علاقة بمرض الزهايمر

فايروس جدري الماء يحرك المراحل المبكرة للمرض.
الثلاثاء 2022/08/09
الزهايمر أكثر أمراض الخرف شيوعا

يؤكد الباحثون أن مجموعة من الفايروسات منها فايروس جدري الماء النطاقي، أحد فايروسات الهربس الثمانية التي تصيب البشر، على علاقة بمرض الزهايمر. وأشاروا إلى أن فايروس جدري الماء يحرك المراحل المبكرة للمرض وذلك عبر تنشيطه لفايروس الهربس البسيط، وهو فايروس شائع آخر.

أكسفورد ـ ما يزال الزهايمر، أكثر أمراض الخرف شيوعا، غامضا إلى حد كبير، ويعجز العلماء حتى الآن، عن إيجاد علاج له، رغم الدراسات المختلفة والسنوات الطويلة من البحث.

ويختبئ مرض الزهايمر سنوات طويلة قبل أن تظهر أعراضه الأولى، وغالبا ما يبدأ على شكل نسيان شائع لدى كبار السن.

وقام باحثون في جامعة تافتس وجامعة أكسفورد، باستخدام نموذج ثلاثي الأبعاد لزراعة الأنسجة البشرية يحاكي الدماغ، أظهروا أن فايروس جدري الماء النطاقي، أحد فايروسات الهربس الثمانية التي تصيب البشر، والمسؤول عادة عن جدري الماء والهربس النطاقي، قد ينشّط الهربس البسيط وهو فايروس شائع آخر، لتحريك المراحل المبكرة من مرض الزهايمر.

وعادة ما يكون فايروس الهربس البسيط، أحد المتغيرات الرئيسية للفايروس، كامنا داخل الخلايا العصبية للدماغ، ولكن عندما يتم تنشيطه فإنه يؤدي إلى تراكم بروتينات تاو وأميلويد بيتا وفقدان وظيفة الخلايا العصبية، وهي سمات مميزة موجودة في المرضى المصابين بالزهايمر.

وقالت دانا كيرنز، الباحثة المساعدة في قسم الهندسة الطبية الحيوية “تشير نتائجنا إلى مسار واحد لمرض الزهايمر، الناجم عن عدوى جدري الماء النطاقي، التي تخلق محفزات التهابية توقظ فايروس الهربس البسيط في الدماغ. وبينما أثبتنا وجود صلة بين تنشيط جدري الماء النطاقي وفايروس الهربس البسيط، فمن المحتمل أن الأحداث الالتهابية الأخرى في الدماغ يمكن أيضا أن توقظ فايروس الهربس البسيط وتؤدي إلى مرض الزهايمر”.

وكشف ديفيد كابلان، أستاذ الهندسة في “ستارن فاميلي”، ورئيس قسم الهندسة الطبية الحيوية في مدرسة تافتس للهندسة أنهم عملوا على الكثير من الأدلة المؤكدة على ارتباط فايروس الهربس البسيط بزيادة خطر الإصابة بالزهايمر لدى المرضى. من أوائل من افترض وجود علاقة بين فايروس الهربس ومرض الزهايمر روث إتزاكي من جامعة أكسفورد، والتي تعاونت مع مختبر كابلان في هذه الدراسة.

وقال “نعلم أن هناك علاقة بين فايروس الهربس البسيط ومرض الزهايمر، واقترح البعض تورط فايروس جدري الماء النطاقي، لكن ما لم نكن نعرفه هو تسلسل الأحداث التي تخلقها الفايروسات لتحريك المرض. ونعتقد أن لدينا الآن أدلة على تلك الأحداث”.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن ما يقدر بنحو 3.7 مليار شخص دون سن الخمسين أصيبوا بفايروس “إيتش آس في ـ 1″، الفايروس المسبب للهربس الفموي. وفي معظم الحالات، يكون دون أعراض، ويكون كامنا داخل الخلايا العصبية.

وعند تنشيطه، يمكن أن يسبب التهابا في الأعصاب والجلد، ما يسبب تقرحات وبثورا مفتوحة مؤلمة. وسيكون لدى معظم حاملي الفايروس أعراض خفيفة جدا إلى معدومة قبل أن يصبح الفايروس كامنا.

ويعد فايروس جدري الماء النطاقي شائعا للغاية، حيث يصيب نحو 95 في المئة من الأشخاص قبل سن العشرين. ويمكن أيضا أن يبقى جدري الماء النطاقي، وهو شكل من أشكال فايروس الهربس، في الجسم، ويجد طريقه إلى الخلايا العصبية قبل أن يصبح نائما.

الزهايمر

وفي وقت لاحق من الحياة، يمكن إعادة تنشيط فايروس جدري الماء النطاقي للتسبب في الهربس النطاقي، وهو مرض يتميز ببثور وطفح جلدي، ويمكن أن يكون مؤلما للغاية ويستمر لأسابيع أو حتى شهور. وسيصاب واحد من كل ثلاثة أشخاص في النهاية بحالة من الهربس النطاقي في حياته.

ويحدث الارتباط بين فايروس الهربس البسيط ومرض الزهايمر فقط عندما يتم إعادة تنشيط “إيتش آس في – 1”  لإحداث تقرحات وبثور وحالات التهابية مؤلمة أخرى.

ولفهم العلاقة بين السبب والنتيجة بين الفايروسات ومرض الزهايمر بشكل أفضل، أعاد باحثو جامعة تافتس إنشاء بيئات شبيهة بالدماغ في إسفنج صغير على شكل كعكة يبلغ عرضها 6 ملم ومصنوع من بروتين الحرير والكولاجين.

وقاموا بتعبئة الإسفنج بالخلايا الجذعية العصبية التي تنمو وتصبح خلايا عصبية وظيفية قادرة على تمرير إشارات إلى بعضها البعض في شبكة، تماما كما تفعل في الدماغ.

وتشكل بعض الخلايا الجذعية أيضا خلايا دبقية، والتي توجد عادة في الدماغ وتساعد في الحفاظ على الخلايا العصبية حية وتعمل.

3.7

مليار شخص دون سن الخمسين أصيبوا بفايروس "إيتش آس في ـ 1"، الفايروس المسبب للهربس الفموي

ووجد الباحثون أن الخلايا العصبية التي تنمو في أنسجة المخ يمكن أن تصاب بجدري الماء النطاقي، ولكن هذا وحده لم يؤد إلى تكوين بروتينات الزهايمر المميزة تاو وبيتا أميلويد – التي تتشكل في مرض الزهايمر في أدمغة المرضى – وأن الخلايا العصبية استمرت في العمل بشكل طبيعي.

ومع ذلك، إذا كانت الخلايا العصبية تحتوي بالفعل على “إيتش آس في ـ 1” الهادئ، فإن التعرض لجدري الماء النطاقي أدى إلى إعادة تنشيط الهربس البسيط، وزيادة كبيرة في بروتينات تاو وبيتا أميلويد، وتبدأ الإشارات العصبية في التباطؤ.

ووفقا لكيرنز تشير الدراسات المعملية إلى أنه إذا أدى التعرض الجديد لجدري الماء النطاقي إلى تنشيط فايروس الهربس البسيط  الخامل، فقد يتسبب ذلك في حدوث مشكلات.

ولاحظ الباحثون أن العينات المصابة بفايروس جدري الماء النطاقي بدأت في إنتاج مستوى أعلى من السيتوكينات وهي بروتينات غالبا ما تشارك في إثارة الاستجابة الالتهابية. وأشار كابلان إلى أن فايروس الهربس البسيط معروف في العديد من الحالات السريرية بأنه يسبب التهابا في الدماغ، ما قد يؤدي إلى تنشيط فايروس الهربس البسيط الخامل وزيادة الالتهاب.

ويمكن أن تؤدي الدورات المتكررة من تنشيط فايروس الهربس البسيط  إلى المزيد من الالتهاب في الدماغ، وإنتاج لويحات، وتراكم الضرر العصبي والمعرفي.

كما ثبت أن لقاح فايروس جدري الماء النطاقي، لمنع جدري الماء والهربس النطاقي ، يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف. ومن المحتمل أن اللقاح يساعد في إيقاف دورة إعادة تنشيط الفايروس والالتهاب وتلف الخلايا العصبية.

17