مهرجان "ليوا للرطب" احتفاء بالنخلة والتمور

النخلة شامخة بمنتوجاتها في التاريخ الخليجي بصفة عامة والإماراتي بصفة خاصة لذلك وجب تذكير الأجيال الجديدة والزوار بهذه الشجرة التي سهلت حياة سكان صحراء الربع الخالي في مهرجانات سنوية لما تمثله من دعامة أساسية من دعائم المجتمع الإماراتي وتقاليده المتوارثة.
أبوظبي - من جديد، انطلقت فعاليات مهرجان “ليوا للرطب” بالإمارات، وهو أكبر مهرجان للاحتفاء بالنخيل والتمور في دول الخليج.
ويقام المهرجان وسط أجواء عابقة بالتراث، في مدينة ليوا، بوابة صحراء الربع الخالي، في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي.
وينظم المهرجان لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، بحضور المئات من المزارعين والمهتمين بزراعة النخيل وإنتاج التمور.
ويأتي المهرجان ضمن خطط العاصمة الإماراتية للمحافظة على التراث، وبخاصة النخيل والرطب، باعتبارهما يمثلان دعامة أساسية من دعائم المجتمع الإماراتي وتقاليده المتوارثة، ويهدف المهرجان إلى ترسيخ مكانة النخيل والرطب والتمور كرمز لأصالة الماضي وخير للحاضر وضمانة للغد.
ويشكل المهرجان ملتقى فريدا لعشاق النخيل والرطب من أفراد ومؤسسات، من خلال سلسلة من المسابقات والفعاليات التي تهدف إلى تحفيز مزارعي النخيل ومنتجي التمور.
وينظم المهرجان مسابقات لأجمل التمور و”أكبر عذج”، حيث تستقبل لجنة التحكيم أطنانا من التمور لتقيّمها، وتزور المزارع المشاركة للتأكد من نظافتها العامة وتقيّم مدى العناية بالنخيل، وتدقق على استخدام أساليب الري الحديثة الموفرة للمياه.
وينظم الحدث الذي يستمر على مدار شهر يوليو مسابقات لأفضل التمور في أنوع الدباس، الخلاص، الفرض، الخنيزي، بومعان، الشيشي.
وخصصت اللجنة المنظمة للمهرجان 25 جائزة لمسابقة أفضل التمور بقيمة 446 ألف درهم (الدولار يعادل 3.67 درهم)، إذا يحصل الفائز بالمركز الأول على مبلغ 100 ألف درهم والمركز الثاني 75 ألف درهم والمركز الثالث 40 ألف درهم، فيما خصصت جوائز لمسابقة أكبر عذج بقيمة 234 ألف درهم، إذا يحصل الفائز بالمركز الأول على مبلغ 50 ألف درهم والمركز الثاني 40 ألف درهم والمركز الثالث 30 ألف درهم.
كما ينظم مسابقة للمزارع النموذجية، وخصص لها 15 جائزة بقيمة تبلغ 2 مليون 250 ألف درهم، إلى جانب مسابقة أجمل مجسم تراثي والتي خصص لها 10 جوائز بقيمة 117 ألف درهم.
وشهدت مسابقة “أكبر عذج” منافسات قوية بين مزارعي النخيل في دولة الإمارات، حيث بلغ وزن أكبر عذج 100 كيلوغرام.
وتقدم المتنافسون في المسابقة المزارع حمد عيسى المزروعي ليحصد المركز الأول بوزن 100 كيلوغرام، وفي المركز الثاني سعيد سيف المرر بوزن 96 كيلو و200 غرام، وفي المركز الثالث عبيد خميس المزروعي بوزن 92 كيلو و200 غرام.
وخلال المهرجان تستعرض الدوائر الحكومية جهودها في مجال دعم زراعة النخيل، ومن تلك الجهات بلدية مدينة العين، التي استعرضت منتجات إعادة تدوير نواتج النخيل.
وعرض جناح البلدية منتجات مصنعة كليا من نواتج تدوير نخيل واحات مدينة العين، وتنوعت المنتجات لتشمل مجموعة من الأثاث المنزلي مثل المظلات وسلال المهملات والمقاعد والطاولات بمختلفة الأحجام.
وتهدف البلدية إلى تحقيق معايير الاستدامة من خلال الاستغلال الأمثل للموارد البيئية وتقليل حجم النفايات، والمحافظة على البيئة بعدم اللجوء إلى حرق مخلفات النخيل ما يقلل من الانبعاثات الحرارية الناتجة عن عمليات الحرق وتخفيض تكاليف نقل المخلفات إلى المكبات الرئيسية، ويعمل هذا المشروع على الاستثمار في الصناعات التراثية وتشجيعها، والحفاظ على الهوية الوطنية.
كما يشهد المهرجان العديد من الفعاليات والمسابقات الشيقة والتي خصص جزء كبير منها لزوار المهرجان، وذلك من خلال مسابقات المسرح الرئيسي وجوائزه اليومية، والسوق الشعبي الذي يضم عشرات المحال المتنوعة، وأجنحة الجهات الوطنية الداعمة والمشاركة، وعربات الطعام المتنقلة، وقرية الطفل، والمسابقات الشعبية المتنوعة.
ويمنح السوق الشعبي في مهرجان ليوا للرطب بدورته الثامنة عشرة، زواره تجربة تسوق متميزة وسط أجواء تراثية، حيث يشهد إقبالا واسعا من الزوار من المواطنين والمقيمين والسياح، للاطلاع على عناصر التراث الإماراتي، بما يقدمه من مشغولات يدوية وحرفية قديمة.
ويعكس السوق جانبا مهما لطبيعة المجتمع الإماراتي، إذ يلمس الزائر فيه البساطة وجوانب من حياة الأجداد، وتحف أروقته روائح العود والبخور.
وما يميز السوق الشعبي المجموعة الكبيرة من المنتجات اليدوية، مثل البرقع الإماراتي، والمداخن، والحقائب المزينة بالخرز والخيوط المزركشة، ودلال القهوة والشاي التي تمت صناعتها ونقشها يدويا بشكل يعكس الطابع التراثي لدول الخليج.
ومن المشاركين في مهرجان ليوا للرطب التاجرة الصغيرة ظبي أحمد الحمادي، التي لفتت الأنظار اليها بعمرها الصغير الذي لا يتعدى الـ12 عاما، وهي تجلس خلف سلال التمور، وتشرح للزوار عن أنواع الرطب المتوفرة في الإمارات.
وبوجه بشوش، وبثقة نفس عالية تقابل التاجرة الصغيرة ظبي الحمادي زوار المهرجان، مرتدية الزي التقليدي الإماراتي، لتعكس دور المهرجان في تشجيع التجار من أبناء الإمارات بمختلف أعمارهم وفئاتهم.
وقالت الطفلة ظبي إنها سعيدة بكونها أصغر تاجرة تمور في المنطقة، وقد ورثت المهنة عن والدها، الذي حفزها على هذه التجارة، ونجحت خلال أيام المهرجان في التسويق لتمور العائلة وبيع كميات كبيرة منها.
وأشارت الحمادي إلى أنها على مدار الأيام الماضية كانت تكتسب المزيد من الخبرات في التعامل مع الزبائن الراغبين بشراء الرطب، وكيفية التعامل معهم والتفاوض على الأسعار، وكيفية شرح أنواع الرطب المتوفرة لهم.
ويقول العماني خالد حسن، إنه يحرص سنويا على زيارة المهرجان، كونه يعرض أفضل الأنواع من التمور، التي تشكل عنصرا هاما بمائدة الضيافة في دول الخليج، حيث تزخر مجالس المنازل بسلال التمور كنوع من صور الضيافة للزوار.
وأضاف “ما يميز المهرجان أنه يعرض أنواعا من أجود التمور، حيث يتنافس المزارعون لتقديم أفضل إنتاج، وهو ما يصبّ في مصلحة الزائرين الذين يعودون إلى منازلهم بسلال التمور الفاخرة”.
أما الإماراتي حمد بن بطي فيرى أن المهرجان فرصة للتعرف على وسائل الزراعة الحديثة، وكيفية الاعتناء بالنخيل، وسبل الحفاظ على المزارع من أضرار الآفات النباتية.
ويرى أن مسابقات التمور، تحفز المزارعين على الاعتناء بالمزارع لتحسين إنتاجهم من التمور، والفوز بالجوائز المالية الكبيرة التي يقدمها المهرجان، مشيرا إلى أن السوق الشعبي يسهم في تعريف المزارعين بكيفية الاستفادة من النخيل، بتصنيع مقاعد وطاولات وسلال، ما يعظم العائد من زراعة النخيل.