بايدن يكتفي بتقديم مساعدات للفلسطينيين من دون خطة جديدة للسلام

استعداد محمود عباس لـ"صنع السلام" لا يجد تجاوبا.
السبت 2022/07/16
الحل باق كما هو

اختتم الرئيس الأميركي جو بايدن زيارته إلى الضفة الغربية، ثاني محطات جولته الشرق أوسطية، بإعلان حزمة مساعدات مالية للفلسطينيين من دون خطة جديدة للسلام أو حتى آفاق محتملة لعودة المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويكرس بايدن بذلك سياسة “السلام الاقتصادي” الذي يعتمد على تحسين ظروف حياة السكان المعيشية، مقابل عدم إقامة دولة فلسطينية.

بيت لحم (فلسطين) - اكتفى الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته لبيت لحم في الضفة الغربية، وهي محطته الثانية في زيارته الشرق أوسطية، بإعلان مساعدات مالية للفلسطينيين من دون خطة سلام جديدة للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي.

ورغم تأكيد الرئيس الأميركي مجددا دعمه لخيار “حل الدولتين” (إسرائيلية وفلسطينية)، إلا أنه لم يقدم أي خطة أو مقترح لدعم هذا الخيار أو دفع التسوية السياسية المتوقفة منذ فترة طويلة.

ويبدي خبراء ومحللون سياسيون تشاؤمهم أيضا حيال إمكانية إقدام واشنطن على ممارسة أي ضغوط على إسرائيل، للموافقة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

طلال عوكل: بايدن لم يقدم أفقا لفتح مفاوضات بين الجانبين

ووصف مراقبون لقاء بايدن بالرئيس الفلسطيني محمود عباس بلقاء مجاملة، أكد أن الملف الفلسطيني بند هامشي ضمن أجندات الولايات المتحدة في المنطقة.

وأعرب عباس عن استعداده لـ”صنع السلام”، لكن استعداده لم يجد تجاوبا من الرئيس الأميركي، الذي اكتفى بترديد تصريحات سابقة تؤكد أهمية “حل الدولتين”.

وقال عباس مخاطبا بايدن “إنني أنتهز فرصة زيارتكم للمنطقة لأقول: إنني أمد يدي لقادة إسرائيل لصنع سلام الشجعان، وقد حصل ذلك منذ زمن، ونحن نمد أيدينا مع كل قادة إسرائيل من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة”.

وتابع “ثقتنا بكم وبإدارتكم كبيرة، واستعدادنا للعمل معكم يدا بيد، لتحقيق السلام القائم على الشرعية الدولية، ومبادرة السلام العربية، والاتفاقات الموقّعة بيننا وبين إسرائيل، وبما يضمن الأمن والاستقرار الدائم لجميع دول المنطقة”.

وأضاف “السلام يبدأ من فلسطين والقدس، من هنا نمد أيدينا للسلام والعمل معكم”.

وطالب عباس الرئيس الأميركي بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وإزالة المنظمة من قوائم الإرهاب.

لكن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قال إن الإدارة الأميركية لا تريد إعادة فتح القنصلية التي أغلقها الرئيس السابق دونالد ترامب والموجودة في غرب القدس. ولم تصدر إعلانات رسمية علنية خلال الزيارة.

ومع اختتامه لأولى محطات جولته في الشرق الأوسط قبل توجهه إلى السعودية، زار بايدن مستشفى في القدس الشرقية وتعهد بتقديم 100 مليون دولار من المساعدات المالية والتقنية على مدى عدة سنوات.

وبالإضافة إلى المساعدات المعلنة للمستشفيات في القدس الشرقية، أعلن بايدن أيضا عن تدابير لتحديث شبكات الاتصالات في الضفة الغربية وغزة إلى الجيل الرابع فائق السرعة بحلول نهاية عام 2023، وإجراءات أخرى لتسهيل السفر بين الضفة الغربية والأردن المجاور. وإلى جانب ذلك، ستكون هناك حزمة تمويل منفصلة بقيمة 201 مليون دولار مقدمة من خلال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.

زيارة مجاملة
زيارة مجاملة

ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترفض بشكل قاطع خيار حل الدولتين، الذي لم يعد مطروحا على الطاولة في ظل توسع الاستيطان بالضفة الغربية، وهو ما يحول دون إقامة دولة فلسطينية متصلة الأركان.

وتعتمد عملية السلام في الشرق الأوسط، التي انطلقت من مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، على رؤية حل الدولتين، حيث نادت الدول العربية بشعار “الأرض مقابل السلام”.

وتقوم رؤية الحل على قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وتضم الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشرقية وقطاع غزة، بحيث تتعايش الدولتان (فلسطين وإسرائيل) جنبا إلى جنب بأمن وسلام.

وفي البداية، كانت إسرائيل ترفض بشدة إجراء تسوية سياسية والتفاوض مع الفلسطينيين، إلا أنها اضطرت إلى الموافقة إثر اندلاع الانتفاضة الأولى (1987 - 1994)، والتي انتقلت من مظاهرات شعبية إلى هجمات مسلحة ضد قوات الجيش الإسرائيلي داخل أراضي الضفة الغربية وغزة.

وفي العام 1993، وقّعت منظمة التحرير الفلسطينية اتفاق أوسلو مع إسرائيل، الذي ينص على إقامة حكم ذاتي فلسطيني على أراضي الضفة وغزة، وعلى إجراء مفاوضات سياسية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة بحلول عام 1999.

لكنّ إسرائيل لم تلتزم بالاتفاق، حيث عمدت إلى تكثيف الاستيطان اليهودي داخل الضفة ومدينة القدس، وهو ما يحول فعليا دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا.

وتسببت السياسات الإسرائيلية في تعثر المفاوضات بين الجانبين، وهو الأمر الذي ساعد على اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000.

ويرى المحلل السياسي طلال عوكل أن تصريحات بايدن بشأن خيار حل الدولتين “حديث دون أي فعل على الأرض”.

رغم تأكيد الرئيس الأميركي دعمه لخيار "حل الدولتين" (إسرائيلية وفلسطينية)، إلا أنه لم يقدم أي خطة أو مقترح لدعم هذا الخيار

وأضاف “وكأن بايدن يقول للإسرائيليين: إنني أنصحكم بأن خيار حل الدولتين هو أفضل لكم، ولكن أنتم أعلم بمصلحتكم”.

وتابع “بايدن لم يقدم أي خطة أو أفق لفتح مفاوضات بين الجانبين، أو الضغط على إسرائيل لوقف مخططاتها”.

وأشار إلى أن بايدن “لم ينفذ ما وعد به الفلسطينيين من فتح القنصلية الأميركية في القدس الشرقية، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير بواشنطن، وهذا يعني أنه غير قادر على لعب دور تفاوضي”.

ويرى عوكل أن بايدن يدفع باتجاه “السلام الاقتصادي” من خلال “خفض التصعيد وبناء الثقة”.

ويرفض الفلسطينيون “السلام الاقتصادي” الذي يعتمد على تحسين ظروف حياة السكان المعيشية، مقابل بقاء الاحتلال الإسرائيلي وعدم إقامة دولة مستقلة.

واستبعد أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت جهاد حرب إمكانية البدء بمفاوضات سلام بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في عهد بايدن.

وقال حرب إن “بايدن لم يقدم أي مقترحات أو آليات لتطبيق حل الدولتين، هو يرى أنه الأفضل، ولكن عمليا لا يوجد شيء”.

وأشار إلى أن “الوضع السياسي في إسرائيل، وعدم القدرة على وجود حكومة مستقرة ذات أغلبية تؤمن بالسلام، يجعل من الصعب أو المستحيل الذهاب إلى مفاوضات جادة من شأنها تطبيق خيار الدولتين”.

ومن المقرر أن تشهد إسرائيل في نوفمبر القادم جولة انتخابات جديدة هي الخامسة خلال ثلاث سنوات ونصف السنة، جراء عدم قدرة أي حزب على تشكيل حكومة تحظى بثقة البرلمان.

وخلال العقد الماضي، ضعُفت شعبية الأحزاب الإسرائيلية المؤيدة لـ”حل الدولتين” بشدة، وتزايدت في المقابل قوة الأحزاب اليمينية التي ترفض مبدأ إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

2