في مدارس الموسيقى.. سعوديون يعزفون على أوتار الحرية

أنغام الموسيقى باتت تصدح في مطاعم السعودية ومقاهيها التي لم تعد مطالبة بالإغلاق في أوقات الصلاة.
السبت 2022/07/16
المملكة لشباب اليوم

أقبل الشباب في السعودية على حياتهم في الحقبة الجديدة التي تتسم بالانفتاح، فخرجت مواهبهم بعد أن كانت مقتصرة على زوايا البيت، وأصبح للمغرمين بالفنون فضاءاتهم ففي المجال الموسيقي تأسست مدارس لتعليم المغرمين أصول العزف وقراءة النوتة بعد أن كانت من المحرمات.

الرياض – يتابع السعودي أحمد عبدالله بشغف ابنته ياسمين وهي تلعب السلم الموسيقي ببراعة على الأورغ في مركز لتعليم الموسيقى في الرياض، في فرصة لم تتوفر لمحبي الفن في المملكة المحافظة حتى سنوات قليلة خلت.

وأكد الأب البالغ 42 عاما أنّه حقق أمنيته أخيرا في تعلّم الموسيقى من خلال ابنته البالغة سبع سنوات.

وقال، في مدرسة “ياماها للموسيقى” في وسط الرياض “أرى نفسي فيها… في الأمور التي لم تكن هناك فرصة لتحقيقها في طفولتي”. وأضاف، “الفرصة الآن أصبحت أكبر والاهتمام بالموسيقى يزداد. وباتت هناك مؤسسات ومدارس لم تكن موجودة من قبل”.

وأضاف فيما تتلقى ابنته توجيهات مدرسها المصري “الآن نفكر في الجيل المقبل… أستثمر فيها بتعلم الموسيقى”، في غرفة عُلّقت فيها لافتة تقول “الموسيقى للجميع”.

ولم تكن المدارس الحكومية أو الخاصة في المملكة تضم غرفا أو حصصا لتعليم الموسيقى للطلاب. كما لم تكن تُنظم حفلات غنائية عامة.

لكن منذ تسلّم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد في 2017، تشهد السعودية انفتاحا اجتماعيا بعد عقود من الإغلاق والقيود المشدّدة التي فُرضت على مجتمع غالبيته من الجيل الشاب.

وباتت أنغام الموسيقى تصدح في مطاعم السعودية ومقاهيها التي لم تعد مطالبة بالإغلاق في أوقات الصلاة.

Thumbnail

وتضم المملكة حالياً أكثر من خمسة مراكز لتعليم الموسيقى في العاصمة الرياض ومدينة جدة على ساحل البحر الأحمر، وسط إقبال كبير من الأسر السعودية المحبة للفنون.

ولعقود كانت الأسر السعودية الراغبة في تعليم أبنائها الموسيقى تعتمد على مدرسين خصوصيين يأتون إلى منازلها، وهو ما كان يفتقد البعد الأكاديمي في التعلم أو القدرة على الاحتراف.

وبعد أن خاب أملها في التعلم ذاتيا، وجدت الموظفة السعودية وجدان حجي المحبة للموسيقى منذ الصغر، ضالتها في هذا المركز للتعلم باحترافية.

وقالت حجي (28 عاما) بعد أنّ انتهت من حصة لتعلم الغيتار على يد مدرس أوكراني “حاولت التعلم عبر يوتيوب لكني لم أنجح، إذ ليس هناك من يصحح لي أخطائي”.

وبعد خمسة أشهر من التعلّم، قالت بخجل “لم أكن أعرف أي شيء لكن الآن تعلمت الأساسيات”.

وأوضحت الموظفة في شركة أجهزة طبية أنّ الموسيقى تركت أثرا إيجابيا في حياتها كأثر “اليوغا”. وقالت بحماس “الحصة مدتها ساعة تصفّي ذهني… شخصيتي تغيرت إلى الأفضل.. صرت أهدأ”.

واستحدثت السعودية في عام 2020 “هيئة للموسيقى” لتأسيس صناعة احترافية للفنون الموسيقية وتوفير التراخيص للمراكز الموسيقية، وأتاحت في برنامج منفصل دورات للموهوبين الراغبين في “ممارسة الموسيقى كمهنة”.

وأدرجت 100 مدرسة أهلية تعليم الموسيقى ضمن برامجها خلال العام الدراسي الحالي.

وفي مايو، أطلقت الهيئة “برنامج الثقافة الموسيقية” لتطوير مهارات طلاب المدارس الحكومية. والمدرّسون في مراكز تعليم الموسيقى أجانب ينتمون إلى مدارس موسيقية متنوعة.

وفي مركز “بيت الموسيقى”، في شمال الرياض، يتفاعل خمسة أطفال صغار مع توجيهات مدرستهم لتحريك أجسادهم بشكل يتوافق مع إيقاع الموسيقى، في غرفة زينت جدرانها بنغمات السلم الموسيقي.

Thumbnail

وقالت مدّرستهم اللبنانية مارلين “في هذه السن المبكرة، نحضّر الأطفال للموسيقى عبر إدراجها في أنشطة مثل الرسم والرقص”.

وتصدح نغمات الموسيقى الصادرة من الآلات المختلفة في طرقات المركز الذي يضم 16 غرفة لتعليم الصغار والكبار، وعُلقت على جدرانه صور لمشاهير الغناء من أمثال بوب مارلي وفيروز.

ويعتزم القائمون على هذا المركز الذي يضم حاليا 300 طالب افتتاح فرع جديد “مع تزايد الطلب”، بحسب ما أفاد مديره الفنزويلي سيزار مورا.

وقال مورا “هناك تقبل جيد للخدمات اللي نقدمها حتى الآن.. هناك مجتمع وسوق محب للموسيقى ينمو”.

وبعد انتظاره مرّتين انتهاء ابنتيه من حصتهما، قرّر السوداني وليد محمود (37 عاما) المقيم بالرياض منذ سنوات هو الآخر الانضمام إلى المدرسة وتعلّم لعب العود.

وقال ضاحكا بجوار ابنتيه لانا (5 سنوات) ودالا (3 سنوات) وهو يمسك بعود “السعودية تغيرت كثيرا… ربما نكوّن فريقا يوما ما. لم لا؟”.

20