لا توقعات بتحقيق اختراق في الملف الفلسطيني خلال زيارة بايدن

القدس - يستبعد مسؤولون ومراقبون فلسطينيون حدوث اختراق ملموس في الملف الفلسطيني خلال أول زيارة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط، رغم اتخاذ إسرائيل خطوات قالت إنها لبناء الثقة مع الفلسطينيين.
وبدأ الأربعاء زيارة إلى إسرائيل، وتشمل أيضا مدينة بيت لحم في الضفة الغربية للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قبل أن يتوجه الرئيس الأميركي إلى السعودية للقاء زعماء عرب.
وقال مسؤول فلسطيني، طلب عدم ذكر اسمه، إن الاتصالات الأميركية الفلسطينية للإعداد لزيارة بايدن لم ترتق إلى المستوى المأمول فلسطينيا، لاسيما على الصعيد السياسي.
وذكر المسؤول أن الرئاسة الفلسطينية شعرت بخيبة أمل من الاكتفاء الأميركي بالحديث عن الملفين الاقتصادي والأمني في العلاقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، دون أي بوادر لإطلاق أفق سياسي بينهما.

نبيل عمرو: القضية الفلسطينية غير موجودة عمليا في جولة بايدن
وبحسب المسؤول الفلسطيني يتوقع أن يعلن بايدن عن مساعدات مالية أميركية للمستشفيات الفلسطينية في القدس ولمؤسسات أهلية فلسطينية، دون أي إشارة إلى الدعم المالي للسلطة الفلسطينية.
وأوضح أن واشنطن لم تظهر أي مؤشّر على إمكانية إعلان بايدن عن إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في شرق القدس أو إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة المنظمات الإرهابية، وكذلك تبني موقف أكثر حزما بشأن الاستيطان الإسرائيلي.
وكان الفلسطينيون أعلنوا استئناف اتصالاتهم مع واشنطن إثر انتخاب بايدن بعد أن تراجعت العلاقات بين الجانبين إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في عهد سلفه دونالد ترامب الذي اعترف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
وحذر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ قبل أيام من تداعيات فشل زيارة بايدن إلى المنطقة في إطلاق أفق سياسي للحل السلمي بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وقال الشيخ للصحافيين في مدينة رام الله “إذا فشلت زيارة الرئيس بايدن في إطلاق أفق سياسي، سنذهب جميعا إلى مربع غير مريح إطلاقا”، مشيرا إلى مخاطر “فقدان الأمل لدى الفلسطينيين”.
وأكد الشيخ ضرورة أن ينتج عن زيارة بايدن إطلاق أفق سياسي وإجبار إسرائيل على الالتزام بالشرعية الدولية، والتأكيد على حل الدولتين وضرورة وقف الاستيطان وإجراءات تهجير السكان الفلسطينيين.
وهدد المسؤولون الفلسطينيون مرارا باتخاذ قرارات لإعادة تحديد العلاقة مع إسرائيل بما في ذلك احتمال سحب الاعتراف بها ووقف التنسيق الأمني معها في حال استمرار انسداد الأفق السياسي.
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل عام 2014، ومن المتوقع أن يؤكد بايدن وعباس خلال اجتماعهما الجمعة المقبلة على التمسك بالعملية السلمية وحل الدولتين.
ويرى الدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو أن أقصى ما يمكن أن يقدمه بايدن إلى الفلسطينيين في زيارته إلى المنطقة هو التأكيد على حل الدولتين، لكن دون إجراءات فاعلة لإحياء عملية السلام.
واشنطن لم تظهر أي مؤشّر على إمكانية إعلان بايدن عن إعادة افتتاح القنصلية الأميركية في شرق القدس أو إزالة منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة المنظمات الإرهابية
ويعتبر عمرو أن لقاء بايدن وعباس سيكون أقرب إلى “المجاملة” في ظل تلاشي الاهتمام الأميركي بملف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي والتركيز على دفع التطبيع العربي – الإسرائيلي.
ويبرز أن “القضية الفلسطينية غير موجودة عمليا في التحضيرات الجوهرية لجولة بايدن، وزيارته إلى بيت لحم للقاء الرئيس عباس تندرج فقط في إطار الاسترضاء والاحتواء ومحاولة منع الانفجارات الميدانية مع إسرائيل”.
ويلقي ضعف الموقف الفلسطيني -بما في ذلك عدم إجراء انتخابات والانقسام الداخلي المستمر منذ عام 2007 من جهة، والتطورات الدولية من جهة أخرى- بظلال سلبية عشية زيارة بايدن ، بحسب الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله.
ويقول المحلل أكرم عطا الله “نحن أمام وضع فلسطيني هو الأسوأ بعد فشل إجراء الانتخابات وتكريس الانقسام، حيث بدا أنه المسار الأبدي للفلسطينيين”.
ويضيف أن المناخات الدولية والإقليمية لا تساعد الجانب الفلسطيني في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية وما تثيره من تداعيات، فضلا عن تسارع وتيرة التطبيع العربي – الإسرائيلي دون ربط ذلك بوجوب إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
وقلل مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية “مسارات” هاني المصري، من النتائج المتوقعة من زيارة بايدن بخصوص القضية الفلسطينية.
من المتوقع أن يعلن بايدن عن مساعدات مالية أميركية للمستشفيات الفلسطينية في القدس ولمؤسسات أهلية فلسطينية
ويرى المصري أن لقاء بايدن وعباس “ليس سوى جائزة ترضية، فالقضية الفلسطينية ليست من أولوياته ويتم التعامل معها أكثر فأكثر كأنها قضية داخلية إسرائيلية تتعلق بالأمن والاقتصاد فقط”.
ويعتبر أن أقصى ما يسعى له بايدن بشأن القضية الفلسطينية هو “الحفاظ على الوضع الراهن السيء جدا للفلسطينيين، ومنع تفاقمه وصولًا إلى منع انهيار السلطة الفلسطينية لاستمرار دورها في إطار الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة”.
وبحسب المصري، فإن بايدن يركز على “دفع عجلة التطبيع العربي مع إسرائيل واستكمال عملية دمجها في المنطقة عبر التوصل إلى اتفاقات أمنية وعسكرية واقتصادية، مع ما يحمله ذلك من المزيد من تهميش القضية الفلسطينية”.
وذكر بيان صادر عن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان أن وزير الدفاع بيني غانتس صادق على سلسلة من الخطوات لبناء الثقة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بعد تقييم الأوضاع الأمنية قبيل زيارة الرئيس الأميركي.
وتابع البيان أن غانتس وافق على تسجيل 5500 شخص فلسطيني لا يملكون مكانة قانونية في السجل السكاني الفلسطيني، ما يرفع عدد الذين تمت الموافقة عليهم إلى 12 ألف فلسطيني خلال الأشهر الماضية.
وأضاف أن غانتس صادق على ست خرائط هيكلية للفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، خاصة المصنفة (ج) والخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، بالإضافة إلى زيادة حصة عدد العمال من قطاع غزة -المسموح لهم بالدخول للعمل والتجارة في إسرائيل- بـ1500 عامل إضافي لتصبح الحصة الإجمالية 15500.
وقررت السلطات الإسرائيلية فتح معبر جديد يحمل اسم “سالم” في شمال الضفة الغربية مخصص لدخول السيارات بغرض دخول العرب في إسرائيل إلى مدينة جنين. وأشار غانتس إلى أن إسرائيل تنظر في خطوات إضافية لبناء الثقة.