قرار المحكمة الأوروبية لا يمنع تمسك بريطانيا بترحيل اللاجئين إلى رواندا

لندن - وصفت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل الجمعة قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بمنع ترحيل طالبي اللجوء القادمين إلى المملكة المتحدة إلى رواندا، بأنه “مخزٍ للغاية” وتمّ اتخاذه بطريقة “مبهمة”. ورغم قرار المحكمة الأوروبية، أكدت الحكومة إصرارها على مواصلة استراتيجيتها.
وكانت طائرة مستأجرة خصّيصاً جاهزة للإقلاع من قاعدة عسكرية إنجليزية مساء الثلاثاء، عندما أعربت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عن معارضتها للإجراء ما تسبب بنكسة للحكومة البريطانية.
وتتبع هذه المحكمة المجلس الأوروبي وتسهر على احترام الشرعة الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقالت باتيل لصحيفة تلغراف السبت “يجب النظر إلى مبررات” هذا القرار، متسائلة “كيف ولماذا اتخذوا هذا القرار؟ هل كان هناك دافع سياسي؟ أظن نعم، بالتأكيد”.
تشهد بريطانيا جدلا واسع النطاق حول خطط ترحيل طالبي اللجوء، وذلك بعد انتقادات واجهتها الحكومة
وأضافت “الطريقة المبهمة التي اتبعتها هذه المحكمة مخزية للغاية”. وقالت “لا نعرف من هم القضاة، لا ندري ما هي لجنة القضاة، لم نتلق حكما”.
واعتبرت المحكمة التي مقرّها في ستراسبورغ (شرق فرنسا) أنّ على القضاء البريطاني أن ينظر في قانونية الإجراء قبل ترحيل المهاجرين. ومن المقرّر أن يتم ذلك في يوليو.
وجاء منع الطائرة التي كانت ستقل طالبي لجوء إلى رواندا، في إطار سياسة مثيرة للجدل انتقدتها جمعيات الدفاع عن حقوق الإنسان، بعد طعون قانونية فردية متعدّدة أثبتت حقّ المهاجرين.
ومن خلال رغبتها في التنصل من مسؤوليتها عن استقبال طالبي اللجوء وإرسالهم إلى مسافة تتجاوز ستة آلاف كيلومتر بعيدا عن لندن، تدّعي الحكومة البريطانية أنها تحد من عمليات العبور غير القانونية عبر قناة المانش والتي تتزايد باستمرار رغم الوعود المتكرّرة باحتواء ظاهرة الهجرة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقام أكثر من 11 ألف شخص بهذا العبور الخطير منذ بداية العام.
وأطلقت وزارة الداخلية المثيرة للجدل مشروعاً تجريبياً مدّته 12 شهراً لمراقبة المهاجرين الذين يصلون إلى المملكة المتحدة إلكترونياً عبر طرق “غير ضرورية وخطيرة”. وسيتعيّن عليهم المثول بانتظام أمام السلطات تحت طائلة الخضوع لحظر تجوّل أو الاحتجاز أو الملاحقة إذا لم يفعلوا ذلك.

بريتي باتيل: الطريقة المبهمة التي اتبعتها هذه المحكمة مخزية للغاية
وتشهد بريطانيا جدلا واسع النطاق حول خطط ترحيل طالبي اللجوء، وذلك بعد انتقادات واجهتها الحكومة بسبب تلك الخطط. وتتمسك الوزيرة، وهي من أصول هندية مهاجرة، بالقول إن من ينتقدون الخطط الحكومية “لم يقدموا حلولا أخرى”.
ولم تُصغ باتيل للانتقادات، بما فيها تلك التي قدمها كبير أساقفة كانتربري جاستن ويلبي الذي يُعتقد على نطاق واسع أنه يتمتع بسلطة أخلاقية في المجتمع البريطاني، حتى وصلت إلى ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز الذي أعرب في محادثات شخصية عن اعتقاده بأن خطط ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا “فظيعة”.
وكانت هذه الوزيرة قد اتهمت بالتنمر في السابق على موظفي وزارتها. وقدمت اعتذارا، ولكنها استأنفت التنمر لكي تفرض قرارا لا يوافق عليه مسؤولون ونواب من كلا الحزبين وشخصيات اجتماعية ومنظمات أهلية.
وعندما أضرب بعض اللاجئين المهددين بالترحيل عن الطعام، أرسلت باتيل بعض موظفيها المخلصين لكي يدعوا المضربين عن الطعام إلى تناوله “لكي يكونوا بصحة جيدة عندما يركبون الطائرة التي تتوجه بهم إلى رواندا”.
وذكرت شبكة “بي.بي.سي” أنّ أوائل المهاجرين الذين كانوا سيخضعون لرقابة مماثلة قد يكونون طالبي اللجوء الذين كانوا سيستقلون الطائرة إلى رواندا قبل قرار المحكمة الأوروبية.
وتعد خطة وزيرة الداخلية البريطانية نوعا آخر من العودة إلى تجارة العبيد، تحت ستار “محاربة الاتجار بالبشر”. وقالت باتيل في مقال مشترك مع وزير الخارجية الرواندي فنسنت بيروتا، نُشر في صحيفة التايمز، إنهما “اقترحا حلا مبتكرا لمواجهة التجارة القاتلة لمهربي البشر”.
وأضافا أن “الاستثمار البريطاني في رواندا، 120 مليون جنيه إسترليني كمبلغ أولي، سيساعد في معالجة النقص في فرص العمل الذي يدفع إلى الهجرة الاقتصادية”، وهو ما يعني أن الأشخاص الذين سوف تقوم بريطانيا بترحيلهم سوف يجدون فرصا للعمل في بعض الاستثمارات البريطانية التي تقيمها في رواندا.
وقد تفتح الخطوة البريطانية الطريق أمام خطوات بلدان أخرى منها الدنمارك، حيث أعلن وزير الهجرة الدنماركي ماتياس تاسفاي أن حكومته بدأت محادثات مع رواندا لنقل اللاجئين إليها أسوة ببريطانيا.

وقال تاسفاي في تصريحات صحافية إنه بحث مع مسؤولين من رواندا ملف نقل طالبي اللجوء إلى أراضيها، مؤكدا أن بلاده تعتزم تأسيس آلية جديدة لإرسال اللاجئين من أراضيها إلى رواندا.
وأوضح الوزير الدنماركي أن بلاده لم تتوصل حتى الآن إلى اتفاق مع رواندا، لكنها تخطط لعقد اجتماع مع المتحدثين باسم اللاجئين في البرلمان الأسبوع المقبل. وتحتاج الحكومة الدنماركية إلى دعم من البرلمان لعقد صفقة محتملة مع رواندا.
وأثارت هذه الخطوة انتقادات من دعاة حقوق الإنسان والأمم المتحدة والمفوضية الأوروبية.
وفي حال توصل الطرفان إلى اتفاق، ستكون الدنمارك أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تتخطى بشكل فعال نظام الهجرة واللجوء المتبع في الاتحاد.
وناقشت دول الاتحاد الأوروبي سابقا إنشاء مراكز خارجية لاستقبال اللاجئين بعد الارتفاع الكبير في عدد الوافدين عبر البحر المتوسط بين عامي 2016 – 2018، لكن المخاوف القانونية والإنسانية والسياسية والمتعلقة بالسلامة والجوانب المالية حالت دون المضي قدما في تلك المقترحات في ذلك الوقت.
وقال المجلس الدنماركي للاجئين، وهو منظمة غير حكومية، في بيان إن إرسال طالبي اللجوء إلى الخارج لمعالجة طلباتهم أمر “غير مسؤول ويفتقر إلى البعد الإنساني”.
اقرأ أيضاً: مساحة التفكير المفقودة في معالجة أزمة اللاجئين