هل تحدد جيناتنا نوعية طعامنا؟

اكتشف خبراء الصحة أن أنواع المذاقات الخمسة للطعام ومن بينها الحلو والمالح والحامض، مرتبطة بجينات وراثية لدى الأفراد، وأشاروا إلى أنه يمكن لهذه الجينات أن تكون محددة للأطعمة التي يميلون لاستهلاكها، كما يمكن أن تكون وسيلة لتطوير جودة النظام الغذائي. واستخدم الخبراء هذه المعلومات لتطوير مقياس جديد يُعرف باسم “درجة الذوق متعدد الجينات”.
واشنطن ـ وجدت نتائج دراسة أولية جديدة شملت أكثر من 6000 بالغ أن الجينات المرتبطة بالتذوق قد تلعب دورا في تحديد خيارات الطعام ويمكن أن تؤثر بدورها على صحة القلب والأوعية الدموية.
وبحثت الدراسة آلية ارتباط العوامل الوراثية بإدراك جميع أنواع المذاقات الخمسة: الحلو، والمالح، والحامض، والمر، واللاذع ، مع استهلاك مختلف المواد الغذائية ومراعاة عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب.
وتشير النتائج إلى أن الجينات التي تحدد إدراك التذوق قد يكون من المهم أخذها بعين الاعتبار أثناء البحث عن سبل تعزيز جودة النظام الغذائي والتقليل من مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالنظام الغذائي، مثل السمنة ومرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وقالت جولي إي جيرفيس، المرشحة من مركز جين ماير لأبحاث التغذية البشرية للشيخوخة الذي تديره جامعة تافتس والذي يتبع وزارة الزراعة الأميركية، “التفكير في إدراك التذوق يمكن أن يساعد على جعل إرشادات التغذية الشخصية أكثر فاعلية من خلال تحديد العوامل المحركة لخيارات الطعام السيئة ومساعدة الناس على تعلم كيفية تقليل تأثيرهم إلى الحد الأدنى”.
الجينات التي تحدد إدراك التذوق من المهم أخذها بعين الاعتبار أثناء البحث عن سبل تعزيز جودة النظام الغذائي
وبحسب جيرفيس إذا كان الأشخاص الذين لديهم إدراك قوي للطعم المر يميلون إلى تناول عدد أقل من الخضروات الصليبية، فقد يوصى بإضافة بعض التوابل أو اختيار أنواع أخرى من الخضروات تتماشى بشكل أفضل مع ملف إدراك الذوق لديهم.
وأضافت أنه من المحتمل أن معظم الناس لا يعرفون لماذا يتخذون خيارات غذائية معينة، وهذا النهج يمكن أن يوفر لهم التوجيه الذي من شأنه أن يسمح لهم باكتساب المزيد من السيطرة.
وأشارت جيرفيس إلى أنه على الرغم من أن الدراسات السابقة قد نظرت في العوامل الوراثية المتعلقة بالأذواق الفردية في مجموعات معينة من الناس، إلا أن هذه الدراسة الجديدة فريدة من نوعها من حيث أنها فحصت جميع الأذواق الخمسة الأساسية عبر عينة واسعة من البالغين في الولايات المتحدة، كما أنها أول من يقيّم ما إذا كانت المتغيرات الجينية المسؤولة عن إدراك التذوق مرتبطة بتناول مجموعات غذائية معينة وعوامل خطر استقلاب القلب.
واستخدم الباحثون بيانات من دراسات سابقة للارتباط على مستوى الجينوم لتحديد المتغيرات الجينية المرتبطة بكل من الأذواق الأساسية الخمسة.
كما استخدموا هذه المعلومات لتطوير مقياس جديد يُعرف باسم “درجة الذوق متعدد الجينات” والذي يوفر تقديرا واحدا للتأثير التراكمي للعديد من المتغيرات الجينية على إدراك ذوق معين؛ على سبيل المثال تعني درجة الذوق متعددة الجينات الأعلى للمرارة أن الشخص لديه استعداد وراثي أعلى لإدراك الأذواق المرة.
وقام الباحثون بتحليل درجات التذوق متعدد الجينات وجودة النظام الغذائي وعوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب لدى 6230 بالغا في دراسة فرامنغهام للقلب، وشملت عوامل الخطر محيط الخصر وضغط الدم وغلوكوز البلازما وتراكيز الدهون الثلاثية وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة.

وحدد التحليل بعض الارتباطات بين الجينات المرتبطة بالتذوق مع مجموعات الطعام وعوامل الخطر القلبية، وكشفت البيانات أن الجينات المتعلقة بالطعم المر ومذاق الأومامي قد تلعب دورا خاصا في جودة النظام الغذائي من خلال التأثير على خيارات الطعام بينما يبدو أن الجينات المرتبطة بالحلويات أكثر أهمية لصحة القلب.
ووجد الباحثون أن المشاركين في الدراسة الذين حصلوا على درجة طعم مرارة متعددة الجينات تناولوا ما يقرب من حصتين أقل من الحبوب الكاملة في الأسبوع مقارنة بالمشاركين الذين حصلوا على درجة طعم مرارة متعددة الجينات.
ولاحظ الباحثون أيضا أن ارتفاع درجة طعم أومامي متعدد الجينات كان مرتبطا بتناول عدد أقل من الخضروات، وخاصة الخضروات الحمراء والبرتقالية، وأن ارتفاع درجة طعم متعدد الجينات الحلو يميل إلى أن يكون مرتبطا بتركيزات منخفضة من الدهون الثلاثية.
وحذر الباحثون من أن النتائج التي توصلت إليها هذه المجموعة المحددة من البالغين ليست بالضرورة قابلة للتعميم على الجميع. وقالت جيرفيس “مع ذلك، تشير نتائجنا إلى أهمية النظر إلى الأذواق المتعددة ومجموعات الطعام عند التحقيق في محددات سلوكيات الأكل”.
وأضافت أنه للمضي قدما سيكون من المهم محاولة تكرار هذه النتائج في مجموعات مختلفة من الأشخاص حتى نتمكن من فهم الصورة الأكبر وتحديد كيفية استخدام هذه المعلومات بشكل أفضل لابتكار نصائح غذائية شخصية.
6000
بالغ شملتهم الدراسة التي أثبتت أن الجينات المرتبطة بالتذوق قد تلعب دورا في تحديد خيارات الطعام
وكانت شبكة “سي أن أن” الأميركية قد نشرت خبرا أشارت فيه إلى دراسة جديدة ربطت بين الجينات وما يفضله الأشخاص من أطعمة وأشربة، كتفضيل شرب الشاي في الصباح على القهوة، أو تفضيل الحليب على اللبن الزبادي.
وقام باحثون من مركز ريكن للعلوم الطبية التكاملية وجامعة أوساكا اليابانية بدراسة البيانات الوراثية والأغذية المفضلة لأكثر من 160 ألف شخص في اليابان، وذلك بهدف دراسة الارتباطات الوراثية مع الأغذية المفضلة.
ووجدوا روابط وراثية لـ13 عادة غذائية، بما في ذلك استهلاك الكحول والمشروبات وغيرهما، وكذلك الأمراض البشرية المعقدة مثل السرطان والسكري. وقال يوكينوري أوكادا الأستاذ في جامعة أوساكا وأحد مؤلفي الدراسة “نحن نعرف أن ما نأكله يحدد ما نحن عليه، ولكن وجدنا أن ما نحن عليه هو الذي يحدد ما نأكله”.
ولفتت الشبكة إلى أنه عادة ما يتم إجراء دراسات الجينوم لربط الاختلافات الوراثية بأمراض معينة، وذلك وفقا للمعهد القومي لبحوث الجينوم البشري، وهو جزء من المعاهد القومية للصحة بالولايات المتحدة.
ويتضمن ذلك تجميع الآلاف من الأشخاص معا بناء على ما إذا كان لديهم مرض، والنظر في علامات الحمض النووي التي تسمى “تعدد أشكال النوكليوتيدات المفردة”، والتي يمكن استخدامها للتنبؤ بوجود هذا المرض.
ولكن بدلا من النظر إلى الأمراض قام فريق البحث بفحص العادات الغذائية لمعرفة ما إذا كانت هناك أية علامات تجعل الناس “أكثر عرضة” لتناولهم أطعمة معينة. واستخدم الباحثون بيانات لأكثر من 160 ألف شخص ياباني من مشروع “بيو بنك دجابن” الذي تم إطلاقه في عام 2003 بهدف تقديم أدلة على تطبيق الطب الشخصي.
ويجمع المشروع بيانات الحمض النووي والمعلومات السريرية، بما في ذلك العناصر ذات الصلة بأنماط حياة المشاركين مثل العادات الغذائية التي تم تسجيلها من خلال المقابلات والاستبيانات.
ووجد الباحثون تسعة مواضع وراثية مرتبطة باستهلاك القهوة والشاي والكحول واللبن والجبن وحبوب الصويا المخمرة والتوفو والأسماك والخضروات واللحوم.
كما لوحظت المتغيرات المسؤولة عن القدرة على تذوق النكهات المريرة، وتم العثور على هذا الرابط بين الأشخاص الذين أحبوا أكل التوفو، في حين أن أولئك الذين ليس لديهم تلك المحددات الجينية يستهلكون كميات أقل من الكحول أو لا يستهلكون أي شيء على الإطلاق.