التنسيق مع إسرائيل يقوّي حظوظ حسين الشيخ لخلافة عباس

رام الله (فلسطين) - ينظر كثيرون إلى حسين الشيخ، وهو أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، كخليفة محتمل للرئيس الفلسطيني محمود عباس البالغ من العمر 86 عاما.
وما يرجح الشيخ لهذا المنصب أنه الأقرب إلى إسرائيل، فهو وزير هيئة الشؤون المدنية التي تعنى بالتصاريح التي يحصل عليها الفلسطينيون من أجل الدخول إلى الأراضي الإسرائيلية للعمل أو الزيارات العائلية أو الرعاية الطبية أو الاستيراد والتصدير أو الحصول على بطاقات الهوية الوطنية.
ورغم متانة علاقته بإسرائيل يحرص على أن يُظهر ولاءه لعباس ودفاعه عن أفكاره وتصريحاته، بما في ذلك ما تعلق منها بموضوع الانتخابات.
ودافع الشيخ في مقابلة مع وكالة أسوشيتيد برس الاثنين عن القيادة الفلسطينية، وقال إنها تبذل قصارى جهدها في ظل الظروف الصعبة الناتجة عن الاحتلال، وحرص على أن يكرر مواقف عباس وشروطه بشأن إجراء الانتخابات، وخاصة ما تعلق منها بالتصويت في كل القدس الشرقية، وهو ما ترفضه إسرائيل، في الوقت الذي يقول فيه مراقبون إن عباس ألقى بهذا الشرط كشماعة لتأجيل الانتخابات التي يرى أنها لا تخدم مصلحته في الضفة أو في غزة في ظل اتساع دائرة المعارضين له، خاصة داخل حركة فتح.

ديميتري ديلياني: أبومازن سفينة تغرق ومن كان على ظهرها يغرق معه
وقال الشيخ عندما سئل عن تهديد عباس بقطع العلاقات الأمنية أو حتى سحب الاعتراف بإسرائيل، وهو حجر الزاوية في عملية أوسلو للسلام في التسعينات، إن “القيادة الفلسطينية على وشك اتخاذ قرارات مهمة وصعبة. لا شريك لنا في إسرائيل. إنهم لا يريدون حل الدولتين. إنهم لا يريدون التفاوض”.
لكن الإسرائيليين يجتمعون مع الشيخ كثيرا؛ فهو يلتقي بكبار المسؤولين الإسرائيليين أكثر من أي فلسطيني آخر بصفته رئيسا للهيئة الفلسطينية التي تنسق التصاريح الإسرائيلية ومساعدا مقربا لعباس.
ويعتقد المراقبون أن الشيخ يحرص على أن يكون وفيا لعباس على مستوى تصريحاته، ويدافع عنه وعن أفكاره، لكن ذلك لا يمنع من أن يفتح لنفسه الطريق أمام تعاون متين مع إسرائيل ويمهّد للاعتماد عليه كبديل مستقبلي.
وقال الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية مايكل ميلشتين إن المسؤولين الإسرائيليين ينظرون إلى الشيخ على أنه لاعب إيجابي للغاية في الساحة الفلسطينية؛ فبفضل العلاقة الوثيقة مع إسرائيل يمكنه إنجاز الكثير من الأشياء الإيجابية للفلسطينيين، بما في ذلك التصاريح ومشاريع التنمية.
لكن ميلشتين يستدرك قائلا إن معظم الفلسطينيين “لا يمكنهم حقا قبول مثل هذه الصورة لزعيم فلسطيني يكون في الواقع هو الشخص الذي يخدم مصلحة إسرائيل”.
وتشبه مسيرة الشيخ مسار جيله من القادة الفلسطينيين الذين تحولوا -بالتزامن مع بدء عمل السلطة الفلسطينية- من ثوار إلى سماسرة سلطة يعملون من خلال علاقتهم مع إسرائيل على تحقيق مكاسب لهم ولعائلاتهم، مع الحفاظ على ولائهم المعلن لعباس.
وقالت ديانا بوتو -المحامية والمستشارة القانونية السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية- إن عباس يعتقد أن “مستقبل الشعب الفلسطيني مرتبط به كفرد”، ويحيط نفسه بالموالين الذين لن يتحدّوه.
وألغى عباس في أبريل 2021 الانتخابات المتوقفة منذ 15 عاما، وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يتعرض أبومازن في هذا الاستحقاق لهزيمة مذلة أمام خصومه من التيار الإصلاحي داخل فتح بقيادة محمد دحلان.
وقال عباس إنه يؤجل التصويت حتى تسمح إسرائيل صراحة بالتصويت في القدس الشرقية بأكملها. لكن عددا قليلا فقط من الناخبين في المدينة كانوا سيحتاجون إلى إذن إسرائيلي. وقد رفضت السلطة الفلسطينية النظر في أي ترتيبات بديلة بما في ذلك اقتراح لجنة الانتخابات المركزية.
وكانت اللجنة أكّدت أنّ بإمكانها استحداث مراكز اقتراع في بلدات فلسطينية قريبة من القدس الشرقية في الضفة الغربية المحتلّة، لكنّ عبّاس رفض هذا الخيار، مشدّدا على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس الشرقية ترشيحا واقتراعا، وكذلك تمكين المرشّحين من إجراء حملاتهم الانتخابية في المدينة المقدسة، وهو أمر لا تسمح به الدولة العبرية.
ويعتقد المراقبون أن تمسك السلطة بموقفها المعارض لإجراء الانتخابات يهدف إلى منع الفلسطينيين من استبدال القيادة الحالية، التي يمكن لها في هذه الحال أن تستمر في منصبها لسنوات أخرى.

وذكر ديميتري ديلياني، العضو البارز في فتح الذي يدعم التيار الإصلاحي، أن أيّ عضو في الدائرة المقربة من عباس غير قابل للانتخابات، مشيرا إلى استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت أن ما يقرب من 80 في المئة من الفلسطينيين يريدون من عباس أن يستقيل.
ووصف الشيخ بأنه شخص ذكي وبراغماتي يغتنم الفرص ولكنه قصير النظر، وقال “أبومازن سفينة تغرق ومن كان على ظهرها يغرق معه”.
ورغم المؤاخذات التي توجه إلى الشيخ بسبب دفاعه عن عباس، فإنه يتمتع برافعة قوية يمكن أن تكون أكثر أهمية من القدرة على الفوز في الانتخابات، وهي الحصول على التصاريح الإسرائيلية.
وقالت تهاني مصطفى المحللة في مجموعة الأزمات الدولية “إذا كنت بحاجة إلى أي شيء في فلسطين، فهو الرجل الذي تتجه إليه”، مضيفة “إنه مكروه بشدة بين الفلسطينيين، لكنهم في أمس الحاجة إليه لهذا السبب”.
وتابعت “إذا كانت الخلافة ستحدث من خلال القنوات الشرعية، فلن تكون هناك طريقة يمكن أن يصمد فيها حسين الشيخ أمام تصويت شعبي. وإذا كنت ستفرض هذا النوع من القيادة على الفلسطينيين، فإنك ستواجه معارضة بالتأكيد”.
ولا يرى الشيخ بديلا عن التنسيق. وقال إن “حركة الفلسطينيين والمعابر والحدود كلها تحت السيطرة الإسرائيلية. أنا سلطة تحت الاحتلال”.