باحثون يعثرون على الحمض النووي لجدري القردة في السائل المنوي لمصابين

ممارسة الجنس إحدى الطرق التي ينتشر بها الفايروس.
الأربعاء 2022/06/15
التطعيم ضروري لمَن اتصل بالمريض

توصل علماء من روما إلى أن إمكانية انتقال فايروس جدري القردة عبر الاتصال الجنسي واردة، وذلك بعد عثورهم على أجزاء من فايروس جدري القردة في السائل المنوي لعدد من المرضى. وتشير المعطيات السابقة بشأن الفايروس إلى انتقاله من خلال التلامس عبر الجلد أو الرذاذ الذي يخرج من الجهاز التنفسي العلوي أو السفلي.

روما – قال علماء إنهم عثروا على أجزاء من فايروس جدري القردة في السائل المنوي لعدد قليل من المرضى في إيطاليا، مما يثير التساؤل عما إذا كان انتقال المرض عن طريق الاتصال الجنسي أمرا ممكنا. ومن المعروف أن جدري القردة ينتشر من خلال الاتصال الوثيق مع شخص مصاب.

وقد ينتقل الفايروس عبر الفقاعات المميزة على الجلد أو الرذاذ الكبير الذي يخرج من الجهاز التنفسي العلوي أو السفلي. والكثير من حالات جدري القردة المؤكدة في التفشي الحالي ظهرت على شركاء بينهم اتصال جنسي وثيق.

ومع ذلك فإن الأمراض التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي -مثل نقص المناعة البشرية (إيدز) والكلاميديا والزهري- يُفهم أنها تنجم عن انتقال الميكروبات المسببة للأمراض من شخص إلى آخر على وجه التحديد عبر السائل المنوي أو الإفرازات المهبلية أو سوائل الجسم الأخرى.

الفايروس قد ينتقل من خلال الفقاعات المميزة على الجلد أو الرذاذ الذي يخرج من الجهاز التنفسي العلوي أو السفلي

وسلّط باحثون في معهد سبالانتساني -وهو مستشفى مقره روما ومنشأة لأبحاث الأمراض المعدية- الضوء على القرائن التي تثبت وجود فايروس جدري القردة في السائل المنوي لأربعة مرضى في إيطاليا، وذلك ضمن تقرير صدر في الثاني من يونيو الجاري.

ومنذ ذلك الحين  حددوا ستة من كل سبعة مرضى في المنشأة يحتوي سائلهم المنوي على المادة الوراثية للفايروس. وعلى وجه التحديد أشارت عينة من مريض واحد خضعت للفحص في مختبر إلى أن الفايروس الموجود في سائله المنوي قادر على إصابة شخص آخر وعلى التكاثر عبر التناسخ.

وقال فرانشيسكو فايا (المدير العام للمعهد) لرويترز إن “هذه البيانات ليست دليلا كافيا لإثبات أن السمات الحيوية للفايروس قد تغيرت، بحيث تطورت طريقة انتقاله”.

وأضاف “لكن وجود فايروس معد في السائل المنوي هو عامل يرجح الكفة بقوة لصالح الفرضية القائلة بأن الانتقال عبر ممارسة الجنس هو إحدى الطرق التي ينتشر بها هذا الفايروس”.

وذكر أنه تم إعلام منظمة الصحة العالمية بآخر النتائج. ولم يتسن الاتصال بالوكالة التابعة للأمم المتحدة للتعليق.

وتأتي البيانات بينما سُجل ما يفوق 1300 حالة إصابة بالمرض الفايروسي في نحو 30 دولة -معظمها في أوروبا- منذ أوائل مايو الماضي. ورُصدت معظم الحالات لدى مثليين.

وأثار تفشي المرض القلق لأن الفايروس نادرا ما يُرى خارج مناطق توطّنه في أفريقيا ولأن معظم الحالات غير مرتبطة بالسفر إلى القارة. ويسعى العلماء جاهدين لفهم سبب التفشي الحالي ومنشئه وما إذا كان أي شيء يتعلق بالفايروس قد تغير.

Thumbnail

وفي تقرير منفصل نُشر على الإنترنت في السادس من يونيو الجاري، ولم يخضع بعد لمراجعة الخبراء في نفس المجال، اكتشف علماء ألمان أيضا الحمض النووي للفايروس في السائل المنوي لمريضين في البلاد.

وقال كارلوس مالوكير دي موتس، الذي يدير مجموعة بحثية تدرس دورة حياة فايروس الجدري في جامعة سري البريطانية، إن اكتشاف الحمض النووي للفايروس لا يعني بالضرورة وجود فايروس معْدٍ.

ووجد تحليل أجراه باحثون بريطانيون أن الحمض النووي الفايروسي لمجموعة من الفايروسات المختلفة -ومنها فايروس زيكا- عُثر عليه في سوائل منوية، لكن لم يتضح ما إذا كان وجود المادة الوراثية يزيد من خطر انتقال العدوى عبر ممارسة الجنس. وأوضح إنريكو بوتشي، عالم الأحياء في جامعة تمبل في فيلادلفيا، أنه “بشكل عام لا يزال من غير المعروف على وجه اليقين ما إذا كانت عدوى جدري القردة تنتقل من خلال السائل المنوي”.

وقال “الأمر موضع اشتباه ومن المحتمل جدا أنه كذلك. لكنّ هناك نقصا في الأدلة الرسمية التي ستتوافر وتصبح متاحة بعد إجراء المزيد من التجارب في المختبر”. وكانت منظمة الصحة العالمية قد أصدرت تحذيرا خطيرا إثر اكتشاف أربع حالات أخرى من جدري القردة في المملكة المتحدة.

ووفقا لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، فإن الحالات الجديدة التي اكتشفت في لندن وشمال شرق إنجلترا ليست لها صلة معروفة بالإصابات الثلاث السابقة. ويعرف جدري القرود بأنه فايروس موجود عادة في وسط أفريقيا وغربها ويمكن أن ينتقل عن طريق التلامس والتعرض لقطرات الزفير.

1300

حالة إصابة بالمرض الفايروسي في نحو 30 دولة -معظمها في أوروبا- منذ أوائل مايو الماضي. ورُصدت معظم الحالات لدى مثليين

وتقول هيئة الصحة العالمية إن الأعراض يمكن أن تكون خفيفة أو شديدة ويمكن أن تشمل آفات قد تكون شديدة الحكة أو مؤلمة. وفي الوقت الحالي أقامت هيئة خدمات الصحة والسلامة المهنية اتصالا مشتركا مع اثنتين من الحالات الأربع المصابة الأخيرة.

وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان لها “(حين يطرأ) أي مرض أثناء السفر أو عند العودة من منطقة موبوءة يجب إبلاغ أخصائي الصحة (ومدّه بالمعلومات)، بما في ذلك المعلومات المتعلقة بتاريخ السفر والتحصين الأخير. ويجب على المقيمين والمسافرين إلى البلدان الموبوءة تجنب الاتصال بالحيوانات المريضة -مثل القوارض والجرابيات والقردة…- (الميتة أو الحية) التي يمكن أن تؤوي فايروس جدري القردة،  ويجب عليهم أيضا الامتناع عن أكل لحوم الطرائد البرية أو التعامل معها”.

وأضافت المنظمة أنه ينبغي التأكيد على أهمية نظافة اليدين باستخدام الصابون والماء أو المطهرات التي تحتوي على الكحول. ولئن تمت الموافقة مؤخرا على لقاح وعلاج محدد لجدري القرود، في عامي 2019 و2022 على التوالي، فإن هذه الإجراءات المضادة ليست متاحة على نطاق واسع حتى الآن.

وفي ضوء ظهور جدري القردة -الذي أصاب بعض الرجال المثليين- في العديد من البلدان حذرت منظمة “دويتشه إيدز هيلفه” (منظمة تجمع أكثر من 120 منظمة معنية بالمصابين بالإيدز في ألمانيا) من الاستنتاجات الخاطئة والوصم.

وقالت المتحدثة باسم المنظمة هولجر فيشت في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية “بالطبع هناك أوجه تشابه سطحية بين جدري القردة وفايروس نقص المناعة البشرية (إتش. آي. في) عندما ظهر في بدايته، فهو مرض آخر من أفريقيا يصيب الرجال المثليين أيضا. لكن المقارنة غير صالحة في نواحٍ كثيرة أخرى”.

وأوضحت فيشت أنه على عكس فايروس نقص المناعة البشرية فإن الفايروس المسبب لجدري القردة معروف منذ فترة أطول في ثمانينات القرن الماضي، كما يُشفى المصاب من المرض من تلقاء نفسه، وقالت “من المهم جدا بالنسبة إلينا ألا ينشأ هنا ذعر ومخاوف غير معقولة”، مشيرة في المقابل إلى أنه لا تزال هناك أوجه عدم يقين في ما يتعلق بتقييم شدة المرض على سبيل المثال، ومدى القدرة على تحمل الإصابة بين المرضى الذين يعانون من نقص المناعة، ومن بينهم الأشخاص المصابون بفايروس نقص المناعة البشرية الذين لم يتم علاجهم لسنوات عديدة.

 

اقرأ أيضا:

علماء يطورون اختبار "بي سي إر" لتشخيص جدري القردة

17