إخفاقات أمنية تدفع إيران لإجراء استعراضات مخادعة لقوتها

أرغمت بعض الحوادث المتكررة التي شهدتها إيران على غرار اغتيال العقيد بالحرس الثوري حسن صياد خدايي في طهران في الثاني والعشرين من مايو الماضي، باعتبارها حوادث تعكس إخفاقات أمنية، السلطات على القيام باستعراضات عسكرية تبدو مخادعة.
طهران - بعد الإخفاقات الأمنية التي عكستها عمليات الاغتيال التي طالت مسؤوليها تحاول إيران البعث برسائل للخارج عن طريق استعراضات مخادعة لقوتها العسكرية.
وحاولت إيران مؤخرا إظهار قدراتها العسكرية بعد عدة حوادث هزت البلاد يبقى أبرزها اغتيال العقيد بالحرس الثوري حسن صياد خدايي شرق العاصمة طهران في الثاني والعشرين مايو الماضي وهي عملية تقف خلفها إسرائيل بحسب تقارير إعلامية.
وتبعث الاستعراضات العسكرية الأخيرة التي قامت بها القوات الإيرانية برسائل مفادها أن السلطات تحاول إحياء ما يسمى بتوازن الردع الذي فقد صدقيته إثر العمليات الأخيرة التي استهدفت مواقع عسكرية ونووية وأيضا الاحتجاجات المتقطعة التي تشهدها البلاد.
وبدا الوهن واضحا على إيران التي تملك أسطولا من الطائرات المسيرة بات يشكل في نظر خصومها تحديا لاستقرار المنطقة خاصة أن طهران تزود وكلاءها المحليين في دول مثل العراق ولبنان بهذا النوع من الطائرات وهو ما أقلق الولايات المتحدة.
حالة الوهن بدت واضحة على إيران رغم امتلاكها أسطولا من الطائرات المسيرة بات يشكل تحديا لاستقرار المنطقة
وكان رئيس القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي قد أقر في شهادته أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي في أبريل 2021 بالقلق الذي أصبحت تمثله هذه الطائرات.
وأضاف ماكينزي أنه تم فقدان التفوق الجوي الأميركي بالكامل للمرة الأولى منذ عقود، غير أن الوضع تغير بعد عمليات استهداف تُتهم إسرائيل بالوقوف خلفها لمسؤولين عسكريين إيرانيين في بلدهم وكذلك لمنشآت نووية ما جعل طهران في موقف صعب.
ودفعها ذلك إلى القيام باستعراضات عسكرية تبدو مخادعة بالفعل، حيث بث التلفزيون الإيراني في التاسع والعشرين مايو تقريراً عن “قاعدة للطائرات المسيرة تحت الأرض وسرية للغاية” يديرها الجيش في مكان مجهول غرب إيران.
وأظهرت اللقطات التي عرضتها المحطة التلفزيونية مراسلاً شاباً يصعد على متن مروحية من طراز “بيل 214” تقلع من قاعدة كرمانشاه الجوية الأولى للجيش وفقاً لبعض التقارير، ليسافر معصوب العينين لمدة أربعين دقيقة باتجاه الموقع السري.
وهناك انضم إليه طاقم تصوير عسكري ليصحبه في جولة في الموقع، قبل إجراء مقابلة مع قائد “ارتش” (الجيش الإيراني) اللواء عبدالرحيم الموسوي ورئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اللواء محمد باقري من الحرس الثوري الإيراني اللذيْن كانا يزوران المنشأة أيضاً.
ومن داخل شبكة الأنفاق الكبيرة تحت الأرض، التي تبدو مشابهة جداً لقاعدة صواريخ تابعة للحرس الثوري، تُعرض على المراسل صفوف من الطائرات المسيرة، من بينها جميع الطرازات المهمة تقريباً المتواجدة في خدمة الجيش الإيراني.
وقال فرزين نديمي وهو محلل متخصص في الشؤون الأمنية والدفاعية المتعلقة بإيران ومنطقة الخليج إن “بعض الطائرات المعروضة لا تزال نماذج أولية، مثل طائرة ‘فوتروس’ التي تعتبر أكبر الطائرات المسيرة الإيرانية، ويبلغ طول جناحيها أكثر من 16 متراً”.
ويعود الظهور الأول للطائرة المذكورة إلى العام 2015 حين تم الكشف عنها من قِبَل شركة صناعات الطائرات الإيرانية في شاهين شهر بأصفهان، ولم توضع في الخدمة مِن قَبل.
وهناك عدة معطيات تظهر أن الاستعراضات التي قامت بها إيران كرد على التعثرات الأمنية الأخيرة مخادعة، لكن يبقى أبرزها تنوع الطائرات والافتقار إلى بنية تحتية عسكرية قادرة على تسهيل تشغيلها.
ولا تكشف صور الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر عن أي بنية تحتية عسكرية ذات أهمية في منطقة دالاهو. لكن قاعدة الشهيد آسيايي تتضمن ما لا يقل عن مدخلين مدعَمين بالخرسانة لما يبدو أنها شبكة أنفاق تحت الأرض مع منحدرات خرسانية مجاورة فوق الأرض يمكن استخدامها لإطلاق طائرات مسيرة بمساعدة محركات صاروخية.
ولا يمكن رؤية أي مدرج للطائرات بدون طيار، وتستغرق المسافة البالغة 320 كيلومتراً بين قاعدتي مسجد سليمان وكرمانشاه أكثر بكثير من أربعين دقيقة بالطائرة.
ويمكن لطائرة هليكوبتر نموذجية من طراز “بيل 214” من النوع الظاهر في الفيديو أن تحلّق بسرعة 200 إلى 250 كيلومتراً في الساعة، ولا تقطع أكثر من 130 إلى 150 كيلومتراً في تلك الفترة.
وقال نديمي إن “المسافة المقطوعة تجعل قاعدة الصواريخ الباليستية الكبيرة الإمام علي التابعة للحرس الثوري بالقرب من خرم أباد موجودة ضمن نطاق الطوافة. لذلك من المحتمل أن تكون إيران قد جلبت طائرات ‘ارتش’ المسيرة، التي تُستخدم بانتظام في الاستعراضات والعروض العامة في أنحاء البلاد، إلى قاعدة الصواريخ التابعة للحرس الثوري لإثارة إعجاب المراقبين عند التفاخر بأسطوله”.
وتابع أن “تشغيل وصيانة المجموعة المتنوعة من الطائرات المسيرة المعروضة في تقرير التلفزيون الإيراني سيكونان مصدر إزعاج لأي مشغّل أو فني إيراني، كونها تتطلب مجموعة من محطات التحكم والمعدات والمركبات المختلفة وغير المتوافقة، لذلك من الواضح أن العرض هو حدث نُظِّم على عجل”.
وشدد نديمي على أنه “في الوقت نفسه، قد يكون استعراض إيران مجرد محاولة لمواجهة التقارير المتواصلة عن تحطم طائرات مسيرة متفجرة صغيرة غير معروفة في مواقع عسكرية ونووية إيرانية حساسة، فضلاً عن القتل المستهدف لمسؤولين عسكريين إيرانيين، وكلها أحداث أدت إلى إضعاف الشعور بالأمان والردع لدى إيران”.
وكانت سلسلة من الانفجارات قد دمرت حظائر أبحاث في مجمع “بارشين” الصناعي العسكري، وقتلت مهندساً شاباً وأصابت آخر بجروح في حوادث عادة ما تنسبها وسائل إعلام محلية ومسؤولون إلى إسرائيل.