الحشد الشعبي أبرز المستفيدين من إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي

الإطار التنسيقي يرهن تطبيق القانون بتشكيل حكومة جديدة.
الجمعة 2022/06/10
بصمة الإطار التنسيقي حاضرة في القانون

أقر البرلمان العراقي أخيرا القانون الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، بعد تعديلات واسعة أدخلت عليه من قبل الإطار التنسيقي لعل أهمها إعادة الآلاف من العناصر الذين جرى فسخ عقودهم في الحشد الشعبي، وتخصيص جزء مهم من موازنته لتسديد ديون العراق بما يشمل إيران.

بغداد - يسوق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى أن إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية هو انتصار كبير لـ”فسطاط الإصلاح” في إشارة إلى تحالف “إنقاذ وطن”، لكنّ أوساطا سياسية ترى أن هذا القانون ما كان ليمر في البرلمان لولا التعديلات التي فرضها الإطار التنسيقي الذي يشكل المظلة السياسية للقوى الموالية لإيران في العراق، والتي حولت القانون إلى باب جديد للهدر وليس للإصلاح، كما يجري الترويج إليه.

وتلفت الأوساط إلى أن القانون الذي أقر الأربعاء شهد تعديلات كبيرة على نسخته الأولى التي طرحتها حكومة مصطفى الكاظمي قبل نحو ثلاثة أشهر وتبناها تحالف “إنقاذ وطن” الذي يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف السيادة السني، ومن ضمن هذه التعديلات إعادة العناصر التي تم فسخ عقودها في الحشد الشعبي والذي يناهز عددهم نحو خمسة وثلاثين ألف عنصر.

ولطالما عمدت القوى الموالية لإيران إلى الضغط على الحكومات العراقية من أجل إعادة الذين تم فسخ عقودهم من عناصر الحشد الشعبي الذي يشكل حاضنة للميليشيات الشيعية المسلحة الموالية في معظمها لطهران.

وقد التقطت هذه القوى فرصة القانون الطارئ للأمن الغذائي لفرض هذا الأمر، الذي يتعارض وما يطرحه الصدر منذ فوزه في الانتخابات التشريعية حول ضرورة إعادة هيكلة الحشد الشعبي، الذي تحول إلى “دولة داخل الدولة”.

ائتلاف دولة القانون يرى أن القانون لا يعدو كونه حبرا على ورق

وصوت مجلس النواب العراقي في جلسته الحادية عشرة التي عقدت برئاسة محمد الحلبوسي وبحضور 273 نائبا، من بينهم نواب الإطار التنسيقي على القانون الذي أثار على مدار الفترة الماضية جدلا كبيرا بين التيار الصدري من جهة والإطار التنسيقي من جهة أخرى.

وتبلغ القيمة الإجمالية للقانون 25 تريليون دينار أي نحو 17 مليار دولار، خصصت منها أربعة تريليونات دينار “نحو مليارين و746 مليون دولار، “لتسديد المديونية الخارجية وديون استيراد وشراء الغاز والطاقة”.

وسارع الصدر إلى مباركة الخطوة قائلا إن “إقرار البرلمان لقانون الأمن الغذائي يعد انتصارا آخر لفسطاط الإصلاح”، لكن رجل الدين الشيعي أبدى قلقه من تسلط من وصفهم بـ”الفاسدين” قائلا إن “القلق كل القلق من تسلط الفاسدين على هذا القانون وتطبيقه”، مبررا ذلك بعدم تواجد الكتلة الصدرية في الحكومة الحالية.

واقترح الصدر “تشكيل لجنة برلمانية رقابية ومن اللجان المتخصصة وذات الصلة لمنع التلاعب والفساد في تطبيق بنود قانون الأمن الغذائي وإلا ضاعت لقمة الشعب مرة أخرى”، متعهدا بكشف كل من تسول له نفسه التلاعب بقوت الشعب ولقمته، على حد تعبيره.

وأعلن الإطار التنسيقي في مؤتمر صحافي، عقب الجلسة بأن “نوابه صوتوا على فقرة قانون الأمن الغذائي، لتخصيص أموال لإعادة المفسوخة عقودهم ودعم قطاع الكهرباء”. وأضاف “صوتنا أيضا على منع أي إجراء حكومي يتعارض مع القوانين النافذة”، في إشارة إلى أنه لا يمكن للحكومة الحالية التصرف في هذا القانون، باعتبارها حكومة تصريف أعمال.

ويتمسك الإطار التنسيقي برفض منح أي صلاحيات لحكومة الكاظمي للتعاطي مع هذا الوضع الاستثنائي الذي يمر به العراق، وذلك في سياق لعبة شد الحبال المستمرة بينه وبين التيار الصدري حول تشكيل الحكومة المقبلة.

واعتبرت كتلة ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي الخميس أن القانون يبقى غير قانوني ولا يمكن تطبيقه إلا إذا تشكلت الحكومة الاتحادية المقبلة.

القانون الذي أقر الأربعاء شهد تعديلات كبيرة على نسخته الأولى التي طرحتها حكومة مصطفى الكاظمي قبل نحو ثلاثة أشهر

وقال الائتلاف في بيان إن “قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي ورغم تضمينه من قبل نوابنا لفقرات مفيدة للطبقات الشعبية والشرائح الاجتماعية المختلفة من المفسوخة عقودهم وأصحاب الشهادات العليا والفلاحين وغيرهم، إلا أنه يصطدم بقرار المحكمة الاتحادية كونه غير دستوري وصدر بحقه قرار بات واجب الالتزام”.

وذكر الائتلاف “موقفنا كان أن يتم اللجوء من قبل الحكومة إلى بدائل أخرى تحافظ على السياقات الدستورية والقانونية، ولكن إصرار هيئة رئاسة البرلمان على المضي به وعدم التزامها بقرار المحكمة الاتحادية يجعل منه خطوة تراجعية وإخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات واحترام المؤسسة القضائية”.

وأضاف أنه “بموجب قرار المحكمة الاتحادية لا يعدو القانون أن يكون حبرا على ورق إلا أن ينفذ عند تشكيل الحكومة الجديدة”، مشيرة إلى أن “الموقف كان محصورا بين السماح للآخرين في المضي به بصيغته الأولى التي تشوبها شبهات فساد وهدر بالمال العام وتخصيص المبالغ المالية بمخالفة صريحة لأن الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال يومية، وبين إجراء التعديلات التي تحقق مطالب الشعب العراقي وشرائحه المختلفة وتلبي الحاجة إلى متطلبات الغذاء والكهرباء والخدمات الحقيقية بشرط احترام السلطة القضائية وضمان عدم تعارض هذا القانون مع قرار المحكمة الاتحادية.

وإلى جانب الحشد الشعبي فإن إيران تعد هي الأخرى أحد أبرز المستفيدين من هذا القانون، حيث يتيح هذا القانون للحكومة العراقية تسديد ديون بغداد لطهران، التي تقدر بـ1.6 مليار دولار عن مستحقات الغاز، كما أعلن وزير الكهرباء عادل كريم في مايو الماضي.

وقال رئيس الوزراء الكاظمي الثلاثاء إن “واحدة من المشاكل التي أثرت في تأخير دفع المستحقات لإيران هي غياب الموازنة”. وأكد أن هذه الديون المستحقة “ما قبل عام 2020” ولذلك خفضت طهران تزويد العراق بالغاز، لكنها “وعدت بحل الموضوع وإعادة احتياجاتنا من الغاز في الأيام المقبلة”.

ويعد قانون الدعم الطارئ بمثابة بديل عن الموازنة العامة التي لم يجر إقرارها، وكان من المفترض أن يتم توجيه هذا القانون لمواجهة تحديات الأمن الغذائي لكنه وكباقي القوانين التي تصاغ في العراق شهد إسقاطا لبنود ذات طابع سياسي ولن تؤدي إلا إلى المزيد من الهدر على غرار إعادة الآلاف من عناصر الحشد الشعبي.

3