مهرجان المسرح والمجتمع في سليانة يراهن على المسرح فعلا ثقافيا للتغيير

المهرجان ينطلق في دورته التأسيسية على مستوى وطني سعيا من خلال المسرح إلى تجذير معاني المواطنة والتشارك.
الجمعة 2022/06/10
مسرح يعود إلى بيئته المفتوحة

سليانة (تونس)- ينظم مركز الفنون الركحية والدرامية بمحافظة سليانة التونسية الدورة الأولى من “مهرجان المسرح والمجتمع” وذلك من الخامس عشر إلى التاسع عشر من يونيو الجاري، مقدما خلالها فعاليات متنوعة يتداخل فيها الثقافي بالترفيهي والفرجوي بالورشات التكوينية، في مشهد فني وثقافي متكامل.

ويقدم المهرجان ورشة فنية تمتد على كامل أيامه حول تقنيات العرائس المحمولة تأطير وليد الوسيعي، كما يقدم حفلات موسيقية بعنوان “موسيقى العالم” فنجد أربعة عروض الأول لطارق معتوق والثاني لمنصف بن مسعود وعرض لكمال الشريف وعرض لأمين قلاعي.

كما تنظم التظاهرة عرضا لسير باباروني بعنوان “أمازونيا” ليكون الاختتام بعرض موسيقي للمعهد الجهوي للموسيقى بسليانة.

وتشهد التظاهرة مشاركة ستة عروض، الأول عرض رقص بعنوان “رسالة إلى الله” لثريا البوغانمي، وخمس مسرحيات تونسية هي “عائشة 13” لسامي النصري والتي تدور في وسط مغلق يختلط فيه الأصحاء بالمرضى العقليين، ويصبح المرضى حكماء ومفكرين يطرحون مسائل وجودية تزيدهم اغترابا فوق غربة المكان وقسوته.

وتكشف المسرحية الفساد الإداري والأخلاقي في المصحة النفسية حيث تنعدم الإنسانية ويقدم فئات مجتمعية لكل قصّتها ومعاناتها لتتعدد القضايا ما بين المرأة والتربية والشارع .

أما “Sorry Beckett” لرمزي عزيز وهي من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بأريانة فينطلق فيها المخرج من مسرحية «نهاية اللعبة» التي اقتبس نصها الكاتب التونسي الأسعد بن حسين، عن الكاتب العبثي صاموئيل بكيت، ويخلق فيها عوالم مختلفة.

Thumbnail

ومن ضمن العروض المشاركة في المهرجان نجد مسرحية “ربع وقت” لسيرين قنون و“ربع وقت” أو “CLUB DE CHANT” في عنوانها الفرنسي (نادي الغناء)، حيث تعتبر المرأة هي العنوان الرئيسي فيها، وهي الفاعلة في سياق المسرحية، تفعل ما تريد بحرية من دون وصاية أو رقابة أو حتى مشاركة من الرجل، الذي بقي حبيس الحكايات والمواقف، ومن دون تحميله مسؤولية عدد من الانتهاكات، بل هي مسؤولية المرأة التي عليها أن تقبل وترفض بحريتها ومن دون العودة في اتخاذ قرارها إلى أحد.

ونجد كذلك مسرحية  “Décadence” لماهر مصدق، إضافة إلى مسرحية “كابوس أنشتاين” لأنور الشعافي والتي تطرح قضية الزمن والتحولات التي يعيشها الإنسان عن طريق السفر عبر الزمن الذي سعى أينشتاين لتحقيقه بواسطة آلة زمن صنعها خصيصا لتحقيق هذا الحلم، لكنه يجد نفسه ضحيّة خطأ في التقدير فتحمله آلة الزمن إلى عهد الجاهلية فيجد نفسه في مواقف متناقضة.

وإضافة إلى الحفلات الموسيقية والعروض الفرجوية والمسرحية ينظم المهرجان حلقة للحوارات الثقافية بعنوان “أزمة المثقف التونسي المعاصر”، يناقش خلالها عدد من المثقفين التونسيين رهانات الواقع الثقافي وأزماته من خلال شخصية المثقف الجدلية.

6

عروض ستشارك في التظاهرة، الأول عرض رقص بعنوان "رسالة إلى الله" لثريا البوغانمي، وخمس مسرحيات تونسية

ووفقا لبيان المركز يأتي المهرجان لكون المسرح يمثل شكلا من أشكال الاتصال الجماهيري وأحد الفنون الأدبية والأدائية الذي يعتمد أساسا على ترسيخ الأفكار في ذهن الجمهور ونشر الوعي والنهضة الاجتماعية والفكرية، فهو من التشكيلات التي تكوّن الرأي العام ومظهر من مظاهر الفضاء العمومي، فالمسرح استنادا إلى التاريخ هو قوة مؤثرة في الجماهير.

وشدد البيان على أن مركز الفنون الدرامية والركحية بسليانة مشروع مجتمعي مفتوح وشامل يحترم ذكاء مواطني الجهة وهويتهم ومحيطهم ويبحث عن مساحة في عقل المتلقي وإحساسه. ساعيا لجعل المسرح حاجة ملحة وضرورية في حياة الناس.

وتؤكد الفعاليات على اختلافها العلاقة الوطيدة بين المسرح والمدينة، ووفق بيان المنظمين فقد “حان الوقت لجعل المدن الداخلية تستقطب الناس للحياة لا طاردة لسكانها خاصة وأن سليانة تمتلك كل المقومات الطبيعية والتاريخية والاقتصادية والثقافية والبشرية. لذلك يكون الفعل الثقافي أحد الحلول للنهوض بهذه المدن وإحدى ركائز التغيير وجعل الحياة ممكنة فيها”.

 ومن خلال طرحه الاجتماعي يراهن المهرجان على قدرة المسرح، والفنون عامة، على أن يغير وجه المدينة ويزرع قيم الحياة والفرحة والسعادة. فقد “تصبح المدن مدن الحفل والخروج إلى الفعل الجماعي الاجتماعي والثقافي أين يوجد التعاون والألفة” كما جاء في بيان التنظيمي.

ويذهب المركز في برامجه إلى الفضاء العام من تجمعات سكنية لا تتوفر فيها المرافق العمومية، وشوارع ومصانع، ومستشفيات، ومواقع أثرية وطبيعية وغيرها، في انفتاح على فضاءات خارج العلبة الإيطالية، فضاءات تعيد المسرح إلى بيئته الطبيعية المجتمع.

Thumbnail

وفي هذا الإطار كان الذهاب بالمسرح إلى المدرسة والطفل والريف مبادرة أولى من المركز وقد لاقت نجاحا واستحسانا، والآن يخوض المركز مغامرة أكثر صعوبة مع كل المساهمين والمساعدين في الفعل الثقافي من خلال مهرجان “المسرح والمجتمع” الموجه إلى الشباب والكهول في دورته التأسيسية باعتبارها دورة وطنية تسعى لتجذير معاني المواطنة في طرح فكري وفني تشاركي وأفقي وهو فلسفة المركز الذي يعتبر المهرجان تتويجا لنشاطاته السنوية. إضافة إلى إنتاجاته المسرحية.

ويسعى المركز لترسيخ عادة الفرجة المسرحية، عبر دفع وتشجيع المواطنين (المتفرجين) على الذهاب إلى المسرح لمشاهدة عروض المسرح الجماعي ودفعهم إلى الانخراط في الشأن الثقافي والشأن العام عامة. فالفن فعل تفاعلي يتطور جماليا وفنيا من خلال اللقاء الديالكتيكي .

كما تهدف التظاهرة إلى تجميع شتات المسرحيين والمثقفين للعمل على تطوير المشهد الثقافي وتأسيس مهرجان يمثل الجهة في المستقبل ويكون له شأن على المستوى الوطني والدولي ويقدم مدينة سليانة والمحافظة ككل كوجهة ثقافية وسياحية ومدينة حاضنة للمثقفين والفنانين.

13