الجزائر تلاحق مزاعم عدم كفاءة صناعة الغاز لتبرير حيادها الكربوني

الاعتماد على تكنولوجيات محلية تركز على التحكم في الإنتاج واحترام البيئة.
الأربعاء 2022/06/08
لماذا لا تستفيدون من ثروة مهدورة منذ عقود؟

اعتبر محللون أن دفاع الجزائر الذي جاء متأخرا عن عدم وجود تسرب لغاز الميثان الضار بالبيئة كما روجت له جهات دولية مجرد محاولة يائسة لتبرير حيادها الكربوني في صناعة الغاز باعتماد أعلى المعايير العالمية في الإنتاج رغم أن البلد مصنف ضمن الدول الأكثر تلويثا للبيئة.

الجزائر- نفت شركة سوناطراك النفطية الجزائرية ما تم ترويجه مؤخرا بشأن حدوث تسربات ضخمة لغاز الميثان المهدد للنظام البيئي والمضر بالصحة الجسدية للأفراد، وشددت على تحكمها في عملية الإنتاج وفق أعلى المعايير الدولية.

وتأتي الخطوة لطمأنة الشركاء الاقتصاديين والمجموعة الدولية بشأن ما أثير مؤخرا حول المخاطر المحدقة بالبلاد والمنطقة عموما، والمتعلقة بمشاكل في أكبر حقل للغاز والواقع في ولاية (محافظة) الأغواط جنوب الجزائر.

وقللت الشركة المملوكة للدولة في بيان من حجم المخاطر والتأويلات التي وردت مؤخرا في عدة تقارير دولية على خلفية ذلك الأمر الذي يعود إلى مطلع ثمانينيات القرن الماضي.

شركة سوناطراك: نتائج الوكالة الفضائية تتناسق مع حجم الغازات المحترقة

وذكرت أنها “حققت بالتعاون مع الوكالة الفضائية الجزائرية خطوة مهمة في تقدير حجم الغازات المحترقة عبر الأقمار الصناعية، وذلك في إطار سياستها الرامية إلى الحد من البصمة الكربونية من جهة وتثمين البحث العلمي من جهة أخرى

وتوحي لهجة البيان بأن الشركة التي تحتكر قطاع النفط والغاز في البلاد، وتمثل المصدر الأساسي لخزينة الدولة من النقد الأجنبي، تنفي الصعوبات التقنية والتكنولوجية التي طرحتها التقارير المذكورة.

وألمحت في الوقت ذاته إلى ضرورة تدخل شركائها والشركات الدولية المختصة لمساعدتها من أجل احتواء الموقف.

وقالت إن “التعاون يهدف إلى تقدير أفضل للنتائج التي تحصلت عليها سوناطراك فيما يخص الحد من مستوى حرق الغازات والتقليل من آثار البصمة الكربونية الناتجة عن أنشطتها بشكل عام”.

وأكدت الشركة أن خبراء الوكالة الفضائية الجزائرية طبقوا منهجية لتقدير حجم الغازات المحترقة باستغلال الصور الليلية المرئية والملتقطة بالأشعة تحت الحمراء بالاعتماد على مستشعر “فييريس” المركب على متن قمر الأرصاد الجوية.

واعتبرت أن “المنهجية حازت تقديرا ونشرت في المجلة العلمية المصنفة في الفئة الأولى والمتعلقة بالاستشعار عن بعد والتابعة لمعهد النشر الرقمي متعدد التخصصات في مايو الماضي”.

وكان تقرير منظمة السلام الأخضر البريطانية (غرينبيس)، الذي نشرته وكالة بلومبرغ مؤخرا قد أفاد بأن “أكبر حقل للغاز بالصحراء الجزائرية عرف على مدى عدة عقود تسربا للميثان الذي يعتبر أحد أكبر الغازات المسببة للاحتباس الحراري”.

كما أشار إلى أن خبراء في جامعة فالنسيا الإسبانية أكدوا أن التسربات بدأت منذ ما يقرب من 40 عاما، وأن العلماء الذين يدرسون بيانات الأقمار الصناعية اكتشفوا نقطة ساخنة عالمية للميثان بحوض حاسي الرمل.

وأوضحت غرينبيس أن “الحقائق تسلط الضوء على تأثير الاحتباس الحراري بالجزائر، وأن انبعاثات الميثان الأكثر قوة واستمرارية نتجت عن محطة ضاغط الهواء (جهاز لتحويل نوعية الطاقة) في حقل حاسي الرمل، والتي تساعد في نقل الغاز إلى أوروبا وأماكن أخرى”.

لكن الشركة قالت إن “النتائج التي توصلت إليها الوكالة الفضائية تبرز تناسقا مع حجم الغازات المحترقة التي سبق قياسها على الأرض من طرف سوناطراك، خلافا للنتائج المنشورة من طرف هيئات أخرى، والتي أظهرت تباينا كبيرا في الأحجام المسجلة”.

وتظهر الدراسة التي أجرتها الوكالة الفضائية أن “هذا التباين ناجم عن استعمال معايير غير محينة مع عدم مراعاة الظروف الخاصة بعملية الاحتراق (التوقف، التشغيل والإطلاق) والتي تعتمد على دقة هذه المنهجية التي طورتها”.

وتقوم تلك العملية على الاستشعار التلقائي لشعلة الغازات المحترقة على صور الأقمار الصناعية “فييريس” من خلال تطبيق تقنيات تحليل الأطياف لاستغلال الأطياف النقية للهب المشتعل وكذا معايرة حجم الحرارة المشعة.

3

ترتيب الجزائر من حيث إنتاج غاز الميثان بين مصدري النفط والغاز وفق وكالة الطاقة الدولية

وبحسب وكالة الطاقة الدولية فإن الجزائر تحتل المركز الثالث من حيث كثافة إنتاج غاز الميثان بين مصدري النفط والغاز وتوفر نحو 8 في المئة من واردات أوروبا من الغاز، وهي أكبر مورد للقارة بعد روسيا والنرويج.

ويعد البلد سابع مصدر للغاز في العالم، بمنتوج يسير نحو الانكماش بسبب تفاقم الحاجيات الداخلية، وتصاعد الطلب الخارجي، حيث تشير بيانات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) إلى أن حجم الصادرات تراجع في الربع الأول من هذا العام بنحو 25 في المئة.

وإذ كانت الجزائر إلى غاية العام الماضي تجد صعوبات في تصدير غازها وتحصيل عقود طويلة الأمد، بسبب المنافسة الخارجية ونوعية الخدمات، فإن الأزمة الأوكرانية حولت البلاد إلى وجهة مفضلة لعدة دول أوروبية من أجل ضمان كميات إضافية.

وحقق هذه الوضع عائدات إضافية للخزينة واعتبر متنفسا للحكومة في خضم الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد منذ العام 2014.

وفيما أعربت عدة دوائر سياسية ورسمية جزائرية عن مخاوفها من تأثير مضمون التقارير الدولية حول تسرب غاز الميثان على إنتاج واستغلال القطاع بالشكل اللازم وتعطيل فرصة الاستفادة من تداعيات الأزمة الأوكرانية، فإن سوناطراك تعمل على معالجة الأمر.

وأكدت في بيانها أن “البحث المشترك يدعم جهودها في مجال حماية البيئة تحقيقا لأهدافها من حيث تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول 2030، كما تدعم هذه النتيجة ثقة سوناطراك في الباحثين الجزائريين من أجل التحسين المستمر لأدائها”.

وتعتبر الجزائر من بين الدول الأعضاء في أوبك منذ تأميم قطاع النفط في سبعينيات القرن الماضي، لكنها ليست فاعلا في المنظمة، بحكم حجم صادراتها ومخزوناتها قياسا بالسعودية والعراق وإيران.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن ذروة صادرات الجزائر من النفط وصلت قبل نهاية العشرية الأخيرة إلى 1.2 مليون برميل يوميا، ثم تراجعت إلى أقل من 800 مليون برميل يوميا.

ومن المتوقع أن يعاود الإنتاج الصعود إلى أكثر من مليون برميل يوميا بداية من يوليو المقبل بعد الاتفاق على مستوى تحالف “أوبك+” الأسبوع الماضي لزيادة حصص الإنتاج.

11