تركيا موجودة في كل الجبهات ولو على حساب مصالح حلفائها

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحذر أنقرة من مغبة قيام أي عملية عسكرية في شمال سوريا.
الجمعة 2022/06/03
أردوغان حليف غير موثوق به

إسطنبول - تسعى تركيا إلى تثبيت وجودها على كل الجبهات الخارجية بشتى السبل، حتى وإن كان ذلك على حساب مصالح حلفائها، وذلك لأغراض سياسية داخلية تهم حسابات الرئيس رجب طيب أردوغان وأخرى خارجية.

وبين التهديدات وتصعيد اللهجة، تحرص تركيا على البقاء في قلب اللعبة الدولية من دون أن تخشى المساومة على أوراقها الرابحة واعتراضاتها، حتى إذا وصل الأمر إلى حد إزعاج حلفائها.

ومن الحرب في أوكرانيا والممرات البحرية إلى توسيع حلف شمال الأطلسي والتوغل في العراق وقريبا في سوريا، والتوتر مع اليونان المجاورة، تتواجد أنقرة في كل الملفات الإقليمية، ما يفيد رئيسها أردوغان الذي يتولى السلطة منذ 2003، والمرشح لولاية جديدة السنة المقبلة في انتخابات تبدو نتائجها غير مضمونة بالنسبة إليه في ظل تدهور اقتصادي كبير.

من الحرب في أوكرانيا إلى توسيع الناتو والتوغل في العراق وسوريا، والتوتر مع اليونان، تتواجد أنقرة في كل الملفات الإقليمية

ومن ملف إلى آخر يضرب يده على الطاولة، مشددا في الوقت نفسه على أمن بلاده ومصالحها.

وقد حذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من أن أي عملية تركية في شمال سوريا، كما لوح بها أردوغان من أجل “تطهير” المنطقة الحدودية من وجود المقاتلين الأكراد، “من شأنه أن يقوض الاستقرار الإقليمي”، لكن الأمر توقف عند هذا الحد.

وجاء التهديد في أوج الجدل حول انضمام السويد وفنلندا إلى الحلف الأطلسي، وهو ما تعارضه أنقرة التي تعتبر أنهما تؤويان “إرهابيين” من حزب العمال الكردستاني وحلفائه.

وهؤلاء المقاتلون الأكراد مستهدفون بالعملية العسكرية التي تعتزم القيام بها في سوريا، بهدف إقامة “منطقة أمنية” بعرض 30 كلم على طول الحدود التركية.

وهناك هجوم جار منذ منتصف أبريل في شمال العراق للأسباب نفسها.

ويقول يكتان ترك يلماظ، الباحث في جامعة أوروبا الوسطى في فيينا، إن أردوغان “يحاول تحويل مسألة الحلف الأطلسي إلى فرصة دبلوماسية”.

وأضاف “السويد وفنلندا تجدان نفسيهما مرغمتين على بحث مصادر قلق تركيا. وهو ما يتوافق بالواقع مع الحق الذي تطالب به تركيا بوصف من تشاء بالإرهابي”.

ولهذه الطريقة، لغاية إثبات الوجود على الساحة الدولية، أيضا غايات سياسية داخلية قبل سنة من الانتخابات الرئاسية المرتقبة في يونيو 2023، كما يقول سونر كاغابتاي، المتخصص بشؤون تركيا في معهد واشنطن.

وأوضح “بالطبع، تركيا لديها قلق مشروع بشأن حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب التركية وروابطهما بالسويد”، وأضاف “لكن حتى لو لم يفعل السويديون كل ما يطلبه أردوغان، فسينتهي به الأمر بإعلان انتصار أرغم الأوروبيين على الرضوخ”.

وأشار إلى أن “صورته كرجل قوي ستظهر معززة في العالم أجمع، وسيستفيد منها أيضا على الصعيد الوطني”.

ويشير مراقبون أيضا إلى أمل تركيا في الاستفادة من ملف الحلف الأطلسي في مسألة مقاتلات أف - 16 الأميركية، وهي الطائرات التي طلبتها ودفعت ثمنها جزئيا.

لكن واشنطن علّقت العقد بعدما اشترت أنقرة نظام الدفاع الروسي أس - 400.

والتوتر الأخير مع اليونان الشريكة في حلف شمال الأطلسي، لكن يتهمها أردوغان بالسعي إلى عرقلة ملف أف – 16 في واشنطن، يندرج أيضا ضمن الاستراتيجية التركية.

أردوغان يستعد لدخول شمال سوريا
أردوغان يستعد لدخول شمال سوريا

ويقول سونر كاغابتاي “يرسل أردوغان إشارة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن: لنتحدث عن طائراتي التي يعرقلها مجلس الشيوخ وسأكون مسرورا في رفع الفيتو في حلف شمال الأطلسي”.

ويرى الخبير الجيوسياسي ديدييه بييون، من معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، أن “موقفه مزعج بالتأكيد، لكن اعتراضاته غالبا ما يكون لها أساس”، موضحا أن “بعد المساومات، يتم إيجاد تسوية في نهاية المطاف”.

وهناك تساؤلات تطرح حول إمكانية تجاوز الرئيس التركي الذي نجح حتى الآن في الحفاظ على العلاقات مع كييف، التي تملك طائرات مسيّرة تركية، لكن من دون الابتعاد عن موسكو.

وتقول إليزابيث أونينيا، من جامعة أمستردام، “بفضل حيادها وحتى من دون إحراز تقدم لافت، تبقى تركيا الطرف الثالث الموثوق به للقيام بوساطة بين أوكرانيا وروسيا”.

ويصل وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تركيا الأربعاء لبحث إقامة “ممرات” في البحر الأسود لتصدير الحبوب الأوكرانية.

وعرضت أنقرة مساعدتها وأسطولها، وفي الوقت الراهن يبدو أن روسيا تفكر في ذلك.

وستكون هذه الزيارة الثانية للافروف بعد محادثات أنطاليا (جنوب) في مارس، والتي تبقى الوحيدة المباشرة مع نظيره الأوكراني ديمترو كوليبا منذ بدء الحرب.

6