إيران تئن تحت وطأة الاحتجاجات

محتجون يهتفون "الموت لخامنئي" بعد انهيار مبنى في غرب طهران.
الأربعاء 2022/06/01
الإيرانيون يكسرون حاجز الخوف

تعصف الاحتجاجات الاجتماعية منذ أشهر بالجمهورية الإيرانية لكنها سرعان ما اتخذت منحى سياسيا. ويردد المحتجون الغاضبون من استشراء الفساد وضعف مقدرتهم الشرائية شعارات مطالبة بإسقاط النظام، ما يؤشر على كسر الإيرانيين لحاجز الخوف من بطش النظام.

طهران - كشفت مقاطع مصورة منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي أن محتجين في عدة مدن إيرانية رددوا شعارات مناهضة للحكومة ليل الثلاثاء منها “الموت لخامنئي” في أعقاب انهيار مبنى في جنوب غرب البلاد، في وقت تتوسع فيه الاحتجاجات المطلبية في طهران، ما قد يقوض أعمدة حكم النظام.

وسرعان ما اكتسبت الاحتجاجات منحى سياسيا، إذ دعت الحشود إلى نهاية الجمهورية الإسلامية في تكرار للاضطرابات التي وقعت عام 2019 وانطلقت شرارتها بسبب ارتفاع أسعار الوقود.

وقال مسؤولون إن حصيلة الوفيات ارتفعت إلى 34 الثلاثاء، فضلا عن إصابة 37 في انهيار مبنى سكني وتجاري من عشرة طوابق في الثالث والعشرين من مايو في آبادان في منطقة خوزستان الغنية بالنفط. وأضافوا أن رجال الإنقاذ يواصلون البحث عن ضحايا تحت الأنقاض.

وذكرت السلطات أن سبب انهيار المبنى هو الفساد الفردي والإهمال في إجراءات السلامة، وقالت إنه تم إلقاء القبض على 13 حتى الآن لمخالفة قواعد البناء. غير أن محتجين إيرانيين اتهموا الحكومة بالإهمال والفساد المستشري.

وفي مقطع مصور سُمع هتاف “الموت لخامنئي”، في إشارة إلى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي. ويشير موقع المقطع المصور إلى أنه في حي نازي – آباد في جنوب طهران.

وأظهر مقطع مصور آخر قوات مكافحة الشغب تتجول في المنطقة نفسها على متن دراجات نارية لتفريق أو ترهيب المحتجين على ما يبدو.

وفي مدينة بوشهر الساحلية في جنوب البلاد سُمع هتاف المحتجين “الموت للدكتاتور”، في إشارة أيضا إلى خامنئي.

ورددوا أيضا “يكذبون ويقولون الولايات المتحدة، عدونا هنا”. وشاع هذا الهتاف في احتجاجات مناهضة للحكومة في إيران. كما نُشرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل لاحتجاجات في مدن إيرانية أخرى.

واستخدمت الشرطة الإيرانية الغاز المسيل للدموع وأطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفريق الحشود واشتبكت مع متظاهرين خلال الاحتجاجات المستمرة على مدار أسبوع.

وفي تغطيتها للأحداث ركزت وسائل الإعلام الرسمية على الحداد والجنازات. وفي تصريحات للتلفزيون الرسمي نبه حاكم آبادان الناس إلى متابعة وسائل الإعلام الرسمية فحسب و”تجنب” الشائعات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأعاد انهيار المبنى في آبادان إلى الأذهان حادثة وقعت في مطلع العام 2017، تمثّلت بانهيار مبنى “بلاسكو” في وسط طهران، وهو مركز تجاري يعود تاريخه إلى أوائل الستينات.

وانهار المبنى المؤلف من 15 طابقا بينما كان رجال الإطفاء يعملون على إخماد حريق اندلع فيه. ووفق الحصيلة الرسمية، قضى في الحادث 22 شخصا بينهم 16 من عناصر الإطفاء.

Thumbnail

وهناك بالفعل حالة استياء بين الإيرانيين بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمشاكل الاقتصادية في وقت تعثرت فيه جهود إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مع القوى العالمية، والذي من شأنه تخفيف العقوبات.

ويخشى حكام إيران تكرار احتجاجات عام 2019، وهي الأكثر دموية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، على الرغم من أن السلطات رفضت تقارير عن عدد القتلى في تلك الاحتجاجات ومنها تقرير لمنظمة العفو الدولية عن سقوط أكثر من 300 قتيل.

وخفضت الحكومة الإيرانية مؤخرا دعم سلع أساسية مثل زيت الطهي ومنتجات الألبان ووصفت قرارها بأنه “إعادة توزيع عادلة” للدعم على أصحاب الدخل المنخفض، لكن المحتجين على غلاء الأسعار وسعوا مطالبهم، إذ نادوا بالمزيد من الحريات السياسية وإنهاء الجمهورية الإسلامية وسقوط قادتها.

وبحسب أرقام رسمية، يعيش زهاء نصف سكان إيران، البالغ عددهم 85 مليون نسمة، تحت خط الفقر. وفاقمت العقوبات الأميركية، إلى جانب ارتفاع التضخم والبطالة وتراجع العملة الوطنية والفساد الحكومي، الوضع الاقتصادي المتردي.

حكام إيران يخشون تكرار احتجاجات عام 2019، التي تحولت إلى هبة شعبية كادت تطيح بالنظام المأزوم اقتصاديا

وسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب واشنطن عام 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست قوى كبرى وأعاد فرض العقوبات على طهران. وتعثرت المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران منذ مارس.

وارتفعت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء الشرق الأوسط بسبب الأزمات في سلسلة التوريد العالمية وغزو روسيا لأوكرانيا، وكلتاهما تصدر العديد من الضروريات. وتستورد إيران نصف زيوتها للطهي من أوكرانيا، ثم أبعد القتال العديد من المزارعين عن الحقول.

ورغم أن إيران تنتج ما يقرب من نصف القمح الذي تحتاجه، إلا أنها تستورد معظم الباقي من روسيا. لكن تهريب الخبز الإيراني المدعوم بشدة إلى العراق وأفغانستان المجاورين تصاعد مع انتشار الجوع في جميع أنحاء المنطقة.

ويدمر الجفاف الاقتصاد الإيراني. وخلقت العقوبات الغربية بشأن الاتفاق النووي صعوبات إضافية. وارتفع معدل التضخم إلى ما يقرب من 40 في المئة، وهو أعلى مستوى منذ 1994. ولا تزال بطالة الشباب مرتفعة أيضا. حيث تبقى حوالي 30 في المئة من الأسر الإيرانية تحت خط الفقر حسب مركز الإحصاء الإيراني.

وشهدت العائلات الإيرانية انخفاضا سريعا في قدرتها الشرائية. وتحاول الحكومة التحرك بسرعة لتخفيف الألم. ووعدت السلطات بدفع 14 دولارا شهريا لكل مواطن إيراني لتعويض ارتفاع الأسعار.

5