قيس سعيد يطالب بتعليق عضوية تونس في لجنة البندقية

الرئيس التونسي يدعو وزير الخارجية إلى طرد كل من يوجد من ممثلي اللجنة الأوروبية في البلاد بعد انتقادها التوجه إلى استفتاء على الدّستور.
الثلاثاء 2022/05/31
قيس سعيد: تونس ليست ضيعة أو بستانا ولا أحد وصيّ على شعبها

تونس - دعا الرئيس التّونسي قيس سعيّد، الاثنين، وزير الخارجية عثمان الجرندي إلى تعليق عضوية البلاد في لجنة البندقية وطرد ممثليها، بسبب ما اعتبر تدخلا سافرا من طرفها في شؤون تونس الداخلية واعتداء على سيادتها الوطنية، عقب تقرير للجنة الأوروبية انتقد التوجه إلى استفتاء على الدّستور بتونس في 25 يوليو القادم.

"ولجنة البندقية" أو "اللجنة الأوروبية للديمقراطية عن طريق القانون" وتونس عضو فيها هي لجنة استشارية لمجلس أوروبا تتألف من خبراء مستقلين في مجال القانون الدستوري تم إنشاؤها عام 1990 بعد سقوط جدار برلين، ومهمتها تقديم المساعدة والمشورة لأعضائها في المسائل الدستورية بهدف تحسين أداء المؤسسات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان.

وأكد سعيّد على أنه "لا مجال للتدخل في الشأن الدّاخلي التّونسي مثلما فعلت لجنة البندقية، ومن يوجد في تونس من هذه اللجنة فليغادر حالًا".

وتابع "سيادة تونس لا تقبل المساومة، ليس من حق هؤلاء المطالبة بإعادة هيئة الانتخابات، أو أن يُجرى الاستفتاء في موعدٍ وبطريقة يحددونها".

وأضاف "ما يحصل تدخّل غير مقبول وبلدنا ليس ضيعة أو بستانًا يتدخلون فيه متى شاؤوا واختيارات شعبنا ليسوا أوصياء عليها، ولسنا في حاجة إلى مصاحبتهم أو مساعداتهم، وإن لزم الأمر سننسحب من هذه اللجنة".

وأشار سعيّد إلى أنّ "تونس لديها من القوانين الانتخابية والنّصوص التي يمكن أن تستلهم منها الدول الأخرى"، في إشارة إلى لجنة البندقية التي عرضت على تونس المساعدة في الاستفتاء، لافتًا إلى أنّ "هذا التّصرّف يُعتبر تدخّلا سافرا وغير مقبول".

وأوضح قيس سعيد أن من يقبل بالتدخل في السيادة التونسية فهو عميل وخائن ولن نسلم في أيّ ذرة من وطننا.

وفي وقت سابق من مايو الجاري، أصدر الرئيس سعيد، مرسوما لدعوة الناخبين إلى التصويت في استفتاء على مشروع دستور جديد "للجمهورية الجديدة" في 25 يوليو المقبل، خلفا لدستور 2014 الذي علّق العمل بأجزاء منه.

كما أعلن الرئيس هذا الشهر عن "حوار وطني" استبعد منه الأحزاب السياسية، وتشرف عليه "هيئة وطنية استشارية" متفرعة عنها لجان تقوم بإعداد مشروع الدستور، على أن يتم نشر مشروع الدستور الجديد -وهو موضوع الاستفتاء- بأمر رئاسي في أجل أقصاه 30 يونيو.

وعيّن قيس سعيّد أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد القريب منه رئيسا للجنة.

ومن أهم النقاط التي يبتغي الرئيس التونسي تعديلها في الدستور الجديد النظام السياسي الذي يريده "رئاسيا" خلفا "للبرلماني المعدّل".

ويستند الحوار إلى نتائج استشارة وطنية إلكترونية أطلقت في مطلع العام الجاري وانتهت في مارس الماضي واعتبرها الرئيس ناجحة بمشاركة نحو 600 ألف شخص.

والجمعة، اعتبرت لجنة البندقية في تقريرها ردّا على طلب مستعجل من بعثة الاتحاد الأوروبي بتونس حول مدى تطابق قرارات الرئيس قيس سعيّد بخصوص تنظيم استفتاء وتنقيح القانون المحدث لهيئة الانتخابات مع الدستور والإطار التشريعي، أنّ إلغاء المرسوم عدد 22 لسنة 2022 المنقّح لتركيبة هيئة الانتخابات ضروري من أجل شرعية ومصداقية أيّ انتخابات أو استفتاء.

وخلصت اللجنة في تقريرها إلى أنّ "الأمر الرئاسي عدد 22 لسنة 2022 غير متطابق مع الدستور (في فصوله المفعّلة) ولا مع الأمر الرئاسي عدد 117 لسنة 2021 المؤرخ في  22 سبتمبر 2021  ولا مع المعايير الدولية في هذا الخصوص".

وجاء في تقرير لجنة البندقية أنّه "بقطع النظر عن مدى شرعية إجراء تنقيحات على الدستور خارج الأطر المنصوص عليها في دستور 2014 أو الجزء المفعّل منه، فإنّه ليس من الواقعية في شيء تنظيم استفتاء يتمتّع بالمصداقية والشرعية في غياب قواعد واضحة وموضوعة مسبقا وفي غياب نصّ الدستور الجديد الذي سيطرح على الاستفتاء.

وترى لجنة البندقية أنّه يتعيّن إجراء انتخابات تشريعية في أقرب وقت ممكن من أجل إعادة تركيز برلمان، قبل تنظيم الاستفتاء.

وأضاف التقرير أنّه إذا كان يتوجّب إجراء تنقيح على القانون الانتخابي فإنّ ذلك يجب أن يكون مسبوقا باستشارات واسعة تضم القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني من أجل التوصّل إلى توافق حول القواعد الانتخابية.

وأكدت اللجنة ضرورة أن تتعهّد الهيئة المستقلة للانتخابات بتركيبتها السابقة قبل تنقيح قانونها الأساسي، بالإشراف على هذه الانتخابات.

وأوضح تقرير اللجنة أنّه يمكن بعد ذلك للمجلس النيابي الجديد تغيير قانون هيئة الانتخابات وتحسينه وأيضا النظر في تعديل الدستور.

وذكر التقرير أنّه في حال رفض الرئيس قيس سعيّد تأجيل الاستفتاء، فإنه يتعيّن التمديد قدر الإمكان في آجال إعداد التنقيحات والتغييرات التي سيتمّ إدخالها على الدستور وتأجيل موعد الاستفتاء.