الصراع في الجسم بين الأنسجة التي تتطلب الأكسجين

يشرح خبراء اللياقة البدنية كيف أن أنسجة الجسم التي تحتاج إلى الأكسجين تتصارع داخل الجسم، ما يؤدي إلى حدوث غثيان أثناء ممارسة التمارين الرياضية، ويشيرون إلى أنه على الجسم تكييف تدفق الدم إلى الأنسجة كلما تغير الطلب، وينصحون بتغيير التمرين المعتاد أو تقليله، وزيادة شدته ببطء. وهذا لأنه كلما طالت مدة التمرين، زاد سحب الدم باستمرار من المعدة.
لندن - تحصل زيادة في تدفق الدم إلى العضلات العاملة والدماغ والرئتين والقلب عند ممارسة الرياضة، وفق أستاذ ومدير مركز تعلم التشريح السريري في جامعة لانكستر آدم تايلور.
وقال تايلور إن هذه الزيادة مدفوعة بالجزء الودي من الجهاز العصبي اللاإرادي (الذي يساعد على تنظيم جميع استجابات الجسم اللاإرادية، مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم والهضم). ويقوم بذلك عن طريق توسيع الشرايين حتى تتمكن من نقل المزيد من الدم إلى هذه الأنسجة.
لكن الجهاز العصبي السمبثاوي، الذي يقود آلية “القتال أو الهروب”، يضيق في نفس الوقت الأوعية الدموية التي تدخل جهازنا المعدي المعوي (مثل معدتنا) أثناء التمرين الشاق بنسبة تصل إلى 80 في المئة.
وبحسب تايلور، يقوم بذلك بسبب وجود كمية محدودة من الدم في الجسم، ولا يمكن تلبية الطلب المتزايد على الأكسجين من قبل بعض الأنسجة إلا عن طريق تغيير كمية الدم التي تذهب إلى الأنسجة الأخرى.
بعض الأدلة تشير إلى أن الجري لمسافات طويلة وأحداث التحمل الأخرى يمكن أن يلحقا الضرر ببطانة المعدة
وهذا يعني أنه قد ينخفض تدفق الدم في المناطق التي لا تحتاج حاليا إلى قدر كبير من الأكسجين في ذلك الوقت. ويمكن أن يكون هذا هو الحال سواء كنت أكلت مؤخرا أم لا.
وتابع تايلور “لكن لنفترض أن الشخص تناول مؤخرا وجبة قبل التوجه إلى صالة الألعاب الرياضية أو الذهاب للجري. عندما نأكل، يمتد الطعام إلى معدتنا، ما يؤدي إلى إطلاق الأحماض والإنزيمات اللازمة لهضم الطعام”.
وتصبح عضلات المعدة أيضا أكثر نشاطا أثناء الهضم، ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأكسجين وتدفق الدم إلى المعدة وأنسجة الجهاز الهضمي الأخرى. ويتسبب جزء مختلف من الجهاز العصبي اللاإرادي في زيادة تدفق الدم إلى الهياكل المعدية المعوية عندما تحتاج إلى النشاط.
وقد يكون الصراع الكبير في الجسم من الأنسجة المختلفة التي تتطلب الأكسجين أحد أسباب حدوث الغثيان أثناء التمرين أو بعده. ويجب على الجسم تكييف تدفق الدم إلى الأنسجة مع تغير الطلب.
لذلك، عند القيام بالتمرين، يحتاج الدم إلى الانتقال إلى العضلات والقلب والرئتين والدماغ، ما يعني انخفاض تدفق الدم في الأنسجة الأقل نشاطا، مثل الجهاز الهضمي. وعندما ينخفض تدفق الدم في هذه المنطقة، يؤدي ذلك إلى تحفيز الأعصاب المعوية، ما يؤدي لاحقا إلى الشعور بالغثيان.
وإضافة إلى ذلك، يمكن أيضا ضغط المعدة وأعضاء البطن الأخرى أثناء التمرين، ما قد يساهم بشكل أكبر في الشعور بالغثيان. وهذه مشكلة بشكل خاص في القرفصاء، حيث يزداد معدل ضربات القلب والطلب على الأكسجين في الأنسجة، لذلك يسحب الجسم كميات أكبر من الهواء إلى الرئتين.
ويؤدي هذا بعد ذلك إلى دفع الحجاب الحاجز إلى الضغط بقوة أكبر على أعضاء البطن. وتساعد العضلات الأخرى، مثل تلك الموجودة في جدار البطن، أيضا على زيادة الضغط على أعضاء البطن مع كل نفس. ويمكن أن يؤدي هذا إلى غثيان شديد وحتى قيء، حتى على معدة فارغة.
وتشير بعض الأدلة إلى أن التمرينات، خاصة الجري لمسافات طويلة وأحداث التحمل الأخرى، يمكن أن تلحق الضرر ببطانة المعدة، على الأرجح بسبب انخفاض تدفق الدم والأكسجين المتاح للعضو. وهذا من شأنه أيضا أن يسبب الغثيان.
وفي الظروف القصوى، يمكن أن يؤدي ذلك إلى نزيف في بطانة المعدة، خاصة لدى الرياضيين الذين يمارسون رياضة التحمل والمسافات الطويلة.
وقال تايلور “إذا كان الفرد يمارس الرياضة فورا أو بعد ساعة من تناول الطعام، فمن المرجح أن يشعر بالغثيان، بغض النظر عن مستوى التمرين أو شدته”.
ويستغرق الأمر ما يقرب من ساعتين حتى يتفكك الطعام الصلب في المعدة ويدخل الأمعاء الدقيقة، لذلك إذا شعر بالغثيان بعد التمرين، فقد يكون من الأفضل الانتظار ساعتين على الأقل بعد تناول الوجبة.
وأضاف أن ما يأكله الفرد قبل التمرين قد يحدد أيضا ما إذا كان يعاني من الغثيان.
وترتبط الأطعمة الغنية بالألياف والدهون وحتى عالية البروتين بزيادة احتمالية الإصابة بالغثيان بعد التمرين.
قد يكون الصراع الكبير في الجسم من الأنسجة المختلفة التي تتطلب الأكسجين أحد أسباب حدوث الغثيان أثناء التمرين أو بعده
ويتم أيضا هضم البروتين التكميلي، وخاصة مصل اللبن أو المخفوقات، بشكل أبطأ. ومن المحتمل أن يساهم ذلك في الشعور بالغثيان أثناء التمرين حيث تحاول المعدة هضمه. وبعض الدهون، خاصة المشبعة، قد تسبب الغثيان بشكل مختلف، حيث تظهر نماذج حيوانية أنها تسبب تهيجا وتلف بطانة الجهاز الهضمي، ما ينشط الأعصاب في بطانة المعدة التي ترتبط بمركز التقيؤ في المخ.
ويرتبط استهلاك المشروبات الرياضية أو المشروبات الأخرى عالية الكربوهيدرات (مثل العصائر ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية) بالغثيان أثناء التمرين وبعده. وقد يكون هذا بسبب هضم هذه المشروبات ببطء شديد والبقاء في المعدة لفترة أطول من المشروبات الأخرى.
وإذا كان الشخص غالبا ما يعاني من الغثيان بعد التمرين، فهناك بعض الأشياء التي يمكنه القيام بها.
أولا، يجب تغيير أو تقليل التمرين المعتاد، وزيادة شدته ببطء. وهذا لأنه كلما طالت مدة التمرين، زاد سحب الدم باستمرار من المعدة.
وثانيا، التأكد من شرب كمية كافية من الماء قبل التمرين وبعده، لأن القليل جدا والكثير من الماء يمكن أن يسبب الغثيان لأسباب مختلفة.
وفي ما يتعلق بتناول الطعام، ينبغي تجنبه قبل ساعتين، واختيار الطعام المناسب مثل الكربوهيدرات عالية الجودة (مثل الموز أو البطاطا الحلوة) والبروتين، وكذلك الدهون غير المشبعة (مثل المكسرات). ولن تغذي هذه الأطعمة الجسم فحسب، لكنها لن تكون صعبة الهضم مثل الأطعمة الأخرى إذا كان الشخص يخطط لممارسة الرياضة.