الوردة الشامية تنثر البسمة والعطر بين السوريين

الوردة الشامية التي ينتشر لونها وعطرها في ريف دمشق تبعث الفرح في نفوس مزارعيها الذين يحتفلون هذه الفترة بموسم قطافها، فهي التي تدر عليهم الرزق ببيعها أو تقطيرها أو بإعدادها كمربى. هي وردة تجمعهم في الحقول كبارا وصغارا في موسم احتفالي لمدة أسبوعين.
دمشق - انطلق مهرجان قطاف الوردة الشامية في قرية المراح بمحافظة ريف دمشق الخميس مشكلاً لوحة رائعة حملت بين ثناياها الكلمات والأغاني والشعر والدبكات الشعبية التي تغنت بجمالها وعبرت عن أهميتها الاقتصادية والجمالية والطبية وكيف استطاعت إيصال اسم سوريا إلى العالمية بعد تتويجها ضمن قائمة التراث اللامادي الإنساني لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو عام 2019.
وقال رئيس جمعية المراح لإحياء وتطوير الوردة الشامية مدين البيطار إن المهرجان بات طقساً اجتماعياً ينتظره أهالي القرية ومحبو الوردة بشغف للالتقاء بالضيوف القادمين والاستمتاع بأجواء المهرجان المطل على الحقول التي تنتشر فيها الورود وتفوح بعبقها وعطرها على الجميع.
ولفت البيطار إلى أن منتجات الوردة بجميع أصنافها الغذائية والجمالية والطبية ستكون حاضرة في المهرجان من خلال إحداث أجنحة للبيع المباشر للراغبين من الحضور معتبراً أنها خطوة مهمة لتسويقها والتعرف على فوائدها وأصنافها.
أهالي قرية المراح انتشروا منذ الصباح الباكر وهم يحملون السلال في حقول الوردة والتفوا حول شجيراتها التي عشقوها وباشروا في قطافها بحب وحنان ناشرين عطرها وعبيرها في أجواء بدت مثل لوحة فنية تمازجت فيها الألوان.
عماد باكير واحد من الذين بدؤوا بالقطاف مع ابنته يأمل في أن يكون المردود والإنتاج أفضل بالنسبة إلى الفلاح الذي يعمل طوال العام وصولا إلى القطاف الذي ينتظره الجميع لتأمين حاجياتهم مشيرا إلى أنه خلال 15 يوما يكون الأهالي قد انتهوا من القطاف.
وهو يتابع عملية القطاف ويختار الوردة التي أينعت بين يوسف باكير أن موسم هذا العام جيد ونوعية الورد أفضل قياسا بالمواسم الماضية فيما عبر محمد رضا ضاوي عن محبته وشغفه بالوردة معتبرا أن موسم القطاف يشكل عرسا تراثيا بالنسبة إلى أغلب الناس لأن الوردة تحتل مكانة خاصة عند الناس وتعتبر الأساس لمعيشتهم.
وأثناء تجواله في حقول الوردة لمعاينة الشجيرات التي حان قطافها أكد محمد عباس أن الإنتاج هذا العام أفضل نتيجة الأمطار الأخيرة التي هطلت لافتا إلى أن لديه 40 دونما مزروعة بالوردة الشامية جنى منها ما يقارب طنا ونصف الطن حتى الآن والقطاف لا يزال مستمرا أملا أن يكون السعر أفضل من الأعوام القادمة.
ويقول محمد عباس أن العمل الأهم الذي بدأ فيه هذا الموسم يتمثل في نقل جهاز استخراج ماء وزيت الورد إلى الحقل مباشرة بشكل يوفر عليه الوقت والجهد والتكلفة والتمكن من الاستخراج مباشرة بعد القطف بما يحقق قيمة مضافة للمنتج.
هالة البيطار من السيدات التي تحرص على النزول إلى الحقول مع عائلتها للاستمتاع بطقوس قطاف الوردة بينت أنها تعمل هذا الموسم بشغف وحب وبروح حلوة، لافتة إلى أن العناية والاهتمام بالوردة من أولويات عملها قبل القطاف.
وقال منصور عباس وهو يتابع عملية التقطير واستخراج ماء الورد إن “القطاف باكرا أفضل بكثير لأن حبات الندى تكون موجودة ولم تتبخر بعد حفاظا على الزيت العطري لأنه الأهم في عملية الاستخراج ويكون المنتج عالي الجودة” وخلال تنقيتها الورد لاختيار المناسب منه لشراب الورد والمربى بينت ضهرية البيطار أم عبدو أنها تأتي إلى الحقل لاختيار المناسب من الورد لإنتاج المربى والشراب وفرز الزر عن الوردة بغية تيبيسها مؤكدة أن الوردة شيء مهم في حياتها وتقوم بإنجاز كل مؤونة منزلها من شراب ومربى الورد خلال فترة القطاف.
البيطار بينت أن شراب الورد يحتاج إلى الأوراق فقط بعد نخلها وفركها لافتة إلى أن كل كيلوغرام ورد يحتاج إلى ما يقارب أربعة لترات من الماء، وبعد غلي الماء يتم وضع أوراق الورد ويتم تفويرها لمرة واحدة ثم كمرها لمدة أربع ساعات بعدها تتم تصفيتها وترقيدها ووضع الكمية المناسبة من السكر ويتم غليها وأثناء عملية الغلي يوضع ملون للشراب والقليل من ملح الليمون ومواد حافظة وبعد غليها لدرجة معينة يتم تبريدها وتعبئتها مؤكدة أن هذه الطريقة تحافظ على المنتج لمدة خمس سنوات.