"نوبك" خطوة أميركية لتحجيم أوبك وشركائها

جو بايدن يواجه انتقادات حادة بسبب غلاء أسعار النفط في جميع الولايات الأميركية.
الثلاثاء 2022/05/17
أسعار الطاقة تغضب الأميركيين

واشنطن - عاد قانون “نوبك” الذي رفضه المشرعون في الولايات المتحدة مرارا ليطفو على السطح مجددا بالتزامن مع ارتفاع أسعار الوقود في البلاد إلى مستويات غير مسبوقة.

و”نوبك” هو مشروع قانون وضعه الكونغرس الأميركي بهدف السيطرة على صناعة النفط العالمية وجعل واشنطن الآمر الناهي في صناعة الطاقة الأحفورية، ويحاول الكونغرس تمريره منذ نهاية تسعينات القرن الماضي، في إشارة إلى رفضه تحكم منظمة البلدان المصدرة للبترول “أوبك” في سياسة إنتاج النفط لدى أعضائها.

وفي الأسبوع الماضي وافقت لجنة من مجلس الشيوخ على القانون، لكن ذلك لا يعني إقراره وتطبيقه ورفع قضايا في المحاكم الأميركية ضد منتجي النفط في المنظمة.

ومنظمة أوبك تأسست عام 1960 برئاسة خمسة أعضاء حينها، هم السعودية وإيران وفنزويلا والعراق والكويت. وتغير عدد أعضائها منذ ذلك الحين بخروج دول ودخول أخرى لتستقر حاليا عند 12 عضوا، هم السعودية والإمارات والكويت والجزائر ونيجيريا والغابون وغينيا الاستوائية وأنغولا وإيران والعراق وليبيا والكونغو.

وينتج هؤلاء الأعضاء في الوقت الحالي قرابة 28.5 مليون برميل من النفط الخام يوميا، تشكل نسبتها 29 في المئة من إجمالي الطلب العالمي على الخام.

"نوبك" هو مشروع قانون وضعه الكونغرس الأميركي للسيطرة على صناعة النفط العالمية وجعل واشنطن الآمر الناهي

ولدى المنظمة قدرة فورية على زيادة الإنتاج حتى 34 مليون برميل يوميا، بقيادة السعودية التي تنتج حاليا قرابة 10.4 مليون برميل يوميا ولها قدرة فورية على زيادة الإنتاج حتى 12 مليون برميل.

ويحاول الكونغرس من خلال إعادة فتح مشروع “نوبك” وتسليط الضوء عليه إعلاميا الآن تخفيف الضغوط عن الرئيس جو بايدن، الذي يواجه انتقادات حادة بسبب قفزات أسعار المشتقات النفطية في جميع الولايات الأميركية.

وفي مشروع تأسيس منظمة أوبك بند يمنح أعضاءها حصانة من أيّ دعاوى من دول أو منظمات أو محاكم في العالم، وهو ما يطمح مشروع “نوبك” إلى إبطاله.

وفي أكثر من مناسبة اتهمت الولايات المتحدة منظمة أوبك بأنها تتحكم في سوق النفط العالمية، من خلال تحديد حجم الإنتاج الواصل إلى أسواق العالم، وبالتالي الإبقاء على أسعار نفط مرتفعة.

واليوم يبلغ سعر برميل نفط برنت قرابة 105 دولارات، وهو مبلغ تراه الإدارة الأميركية والعديد من الدول مرتفعا، وأرجعته المنظمة إلى أنه ناجم عن التوترات الجيوسياسية القائمة، وليس له علاقة بتحالف “أوبك+”.

وتحالف “أوبك+” هو تحالف تأسس نهاية 2016 بهدف إعادة الاستقرار لسوق النفط من خلال الاتفاق على حجم إنتاج محدد لكل دولة عضو.

وجاء التحالف بعد تراجع الأسعار إلى متوسط 26 دولارا في 2016، ويتألف من 23 عضوا بقيادة السعودية وروسيا.

وتبلغ قدرة التحالف الإنتاجية القصوى قرابة 55 مليون برميل يوميا، أي 57 في المئة من حجم الطلب العالمي على الخام، وينفذ حاليا اتفاقية خفض إنتاج بدأها مطلع مايو 2020، لإدارة ملف النفط عالميا وتحقيق أسعار عادلة.

وبعد أن أقرّت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ أحدث نسخة من مشروع القانون الخميس، بتأييد 17 عضواً مقابل رفض أربعة، يتعين إقراره من قبل مجلسي الشيوخ والنواب، ثم يوقعه الرئيس بايدن ليصبح قانوناً سارياً.

وعلى أرض الواقع أثبتت التجارب أن قانون العرض والطلب هو ما يحدد أسعار النفط الخام أكثر من التحكم في الإنتاج، ففي عام 2014 بدأ الاقتصاد العالمي يشهد تباطؤا أثر على سعر برميل النفط الذي انخفض من 113 دولارا إلى 50 دولارا.

وفي فبراير 2016 تراجع سعر البرميل إلى قاع 14 عاما، عند متوسط 26 دولارا للبرميل. وعلى الرغم من تأسيس تحالف “أوبك+” وبدء تنفيذ اتفاقيات تحدد الإنتاج منذ مطلع 2017، إلا أنه لم ينجح في إعادة سعر البرميل إلى ما فوق 100 دولار.

الولايات المتحدة تسعى إلى الهيمنة على سوق صناعة الطاقة الأحفورية
الولايات المتحدة تسعى إلى الهيمنة على سوق صناعة الطاقة الأحفورية

وإثر تفشي جائحة كورونا تراجع سعر برميل برنت إلى 15 دولارا في أبريل 2020، ونجح تحالف “أوبك+” في إعادة رفع الأسعار لكنها أيضا لم تتجاوز أرقام 2014.

وحاليا صحيح أن سعر برميل النفط يفوق 100 دولار منذ فبراير الماضي، إلا أن ذلك يعود في المقام الأول إلى العقوبات المفروضة على روسيا ومحاولة حجب النفط الروسي عن الأسواق العالمية، وليس بسبب استمرار العمل باتفاقية “أوبك+” لخفض الإنتاج. فوزن روسيا في سوق النفط يعادل تقريبا 11 في المئة من إجمالي الطلب العالمي على الخام، إذ تنتج 10.5 مليون برميل من النفط الخام، ويسعى الغرب إلى وقف وارداته النفطية من روسيا، رفضا للحرب التي تشنها الأخيرة على أوكرانيا.

وقد يكون الهدف من إعادة طرح مشروع “نوبك” الآن هو تسليط المزيد من الضغوط على روسيا لوقف حربها، من خلال فتح باب إنتاج أعضاء أوبك على مصراعيه، وبالتالي خفض أسعار النفط وإيجاد بدائل عن خام موسكو.

ووفق بيانات إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة يبلغ متوسط إنتاج النفط الأميركي 11.7 مليون برميل يوميا حاليا، وتمكنت الشركات قبل عدة سنوات من الوصول إلى إنتاج يبلغ 13.2 مليون برميل يوميا.

في المقابل يبلغ الاستهلاك الأميركي للنفط في الظروف الطبيعية قرابة 18.5 و19 مليون برميل يوميا، بمتوسط واردات قدره 6.5 مليون برميل يوميا، ما يجعل الولايات المتحدة ثاني أكبر مستورد للنفط بعد الصين.

والولايات المتحدة هي أكبر منتج للنفط الخام عالميا وأكبر مستهلك له، تليها الصين بمتوسط استهلاك يومي قدره 13 مليون برميل يوميا.

7