"كبير إلى حد كاف" للقيام بمهمتي الأولى في الحياة

أصبح برنامج ينتمي لتلفزيون الواقع يحمل عنوان “المهمة الأولى" أشهر برنامج في اليابان على مدى ثلاثة عقود، وهو يقوم على فكرة إرسال أطفال صغار للقيام بمهمة شيقة لأول مرة في حياتهم.
طوكيو - لقد أوشك الطفل الياباني الصغير هيروكي، الذي لم يبلغ من العمر سوى عامين وتسعة أشهر، على القيام بأكبر مغامرة في حياته الصغيرة، وهي إرساله لشراء البقالة بنفسه لأول مرة.
وبينما يهم هيروكي لمغادرة المنزل بعد تكليفه بشراء زهور ومجموعة من أطباق الكاري والسمك المقلي من السوبرماركت، صاحت والدته للمرة الأخيرة قائلة “اعتني بنفسك جيدا”.
ويعد ذلك بالأساس ما يدور حوله برنامج ياباني شهير يتبع فئة برامج تلفزيون الواقع ويحمل اسم “المهمة الأولى”. وتدور فكرة البرنامج، الذي حقق نجاحا مبهرا في اليابان على مدار ثلاثة عقود، حول تتبع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وستة أعوام، والذين يتم إرسالهم للقيام بأول مهمة خاصة لهم بأنفسهم، وهم مصحوبون بكاميرات خفية.
وفي الوقت الحالي حصلت شبكة “نتفليكس” للبث المباشر على عشرين حلقة من حلقات البرنامج وقامت بطرحها للجمهور العالمي في الأول من أبريل بعنوان جديد، وهو “كبير إلى حد كافِ!”.
وبطبيعة الحال، لا تسير الأمور دائما بسلاسة عندما يتم إرسال الأطفال الصغار للقيام بأول مهمة تسوق لهم دون وجود مرافق. وفي الواقع، عادة ما يخافون من الخروج للقيام بالمهمة بأنفسهم. ولا عجب في ذلك بالنسبة إلى حالة هيروكي، حيث يقع السوبرماركت الذي كان يتعين عليه الذهاب إليه على بعد كيلومتر من منزله.
وفي حلقة أخرى، عادت طفلة أخرى إلى المنزل وهي تبكي لوالدتها لأنها ضلت الطريق أثناء عودتها، إلا أنها قررت أن تنطلق للمهمة من جديد.
لا توجد الكثير من الدول مثل اليابان التي يمكن للأطفال فيها أن يسيروا في شوارع المدينة بأمان
ويتم تجهيز الأطفال، الذين يتم تعريفهم بأسمائهم الأولى فقط، بحقيبة يتم تعليقها حول أعناقهم، تكون مزودة بميكروفون لاسلكي. ويسمح ذلك للمشاهدين بسماع الطفل وهو يتحدث إلى نفسه أو وهو يهمهم بلحن ما. كما يصاحب المغامرة الشيقة صوت سردي، مع تشغيل صوت ضحك لفترة زمنية قصيرة، على النحو المفهوم والشائع في البرامج التلفزيونية اليابانية. وفي بعض الأحيان، ينسى الطفل، الذي يكون شديد التحمس لإنجاز مهمته، ما تم إرساله للقيام به.
ويقول البرنامج إنه يهدف إلى تعزيز شعور الطفل بالاستقلالية، وإلهام المشاهدين للتفكير في العلاقة بين الآباء والأطفال، بالإضافة إلى تربية الأطفال.
ومن ناحية أخرى، تقول مونيتشيكا نيشيدا، وهي صحافية يابانية تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات “من المؤكد أنه لا توجد الكثير من الدول مثل اليابان التي يمكن للأطفال فيها أن يسيروا في شوارع المدينة بأمان”.
ويشار إلى أن الحلقات التي تم اختيارها لعرضها على خدمة “نتفليكس” تحت اسم “كبير إلى حد كافِ!”، تم اختزالها إلى حد كبير لتبلغ مدة عرض الحلقة الواحدة منها أقل من 20 دقيقة، وذلك بينما كانت مدة كل حلقة من حلقات البرنامج الياباني الأصلي ثلاث ساعات، وكان يتم بثها مرتين فقط في العام، لأن إنتاج البرنامج يستغرق شهورا.
ويتم اختيار الأطفال المشاركين في البرنامج بعد القيام بعملية اختيار مفصلة، ويقوم الآباء والعاملون بفحص الطرق سويا للتأكد من أمن شوارعها. ويتم تخصيص أماكن ليختبئ فيها طاقم المصورين والمرافقين لهم، كما يتم إبلاغ جميع الجيران في المنطقة حتى لا يقوموا بإبلاغ الشرطة بشأن وجود طفل صغير غير مصحوب بذويه يتجول في الشوارع بلا هدف.
وعلى الرغم من طول مدة عرض حلقات البرنامج الأصلية، فقد حقق البرنامج نجاحا هائلا في اليابان استمر لعقود من الزمان، حيث يتراوح متوسط التقييمات بين 15 و20 في المئة.
وقد أفادت تقارير إعلامية يابانية بأن هناك بعض الأطفال الذين ظهروا في حلقات قديمة من البرنامج عند بداية إطلاقه، صاروا حاليا آباء وأمهات وأشركوا أطفالهم فيه أيضا.