الأردني هشام شديفات يستقي من الطبيعة مواد تعبر عنها

عمان - منذ نحو أربعين عاما اختار الفنان التشكيلي الأردني هشام شديفات أن يطوع القهوة، أكثر المشروبات المحببة لديه بالإضافة إلى الأسلاك وجذور الشجر للتعبير عن وجهة نظره وفهمه للأحداث المؤثرة في المنطقة العربية، مقدما للمشهد التشكيلي العربي قطعا فنية تجريدية.
ويمارس شديفات - ابن مدينة المفرق - الرسم على اختلاف فئاته النحتية والمبتكرة من الأسلاك والجذور الخشبية والتي يصفها بأنها واقع الحياة وصورته الحقيقية.
بدأ هذا الفنان الرسم الواقعي والتجريدي بحبيبات القهوة منذ سنوات عدة، وحاول التميز سواء من ناحية المادة أو من ناحية المضمون. حيث يرى شديفات أن القهوة عربية أصيلة وذات جذور تشبه منطقته العربية.
وجعلته محبته العارمة للحبيبات مريرة المذاق مبدعا مختلفا يجسد وقائع محلية وعالمية بمكوّن محبب للملايين من البشر حول العالم. ويوظف شديفات (56 عاما) الأسلاك الصلبة لتخيل الظروف الصعبة المحيطة به في منطقته النائية، مؤمنا بأن الفن التشكيلي فن متطور ومختلف عما هو معهود لدى أغلب الفنانين التشكيليين.
ويتبع الفنان الأردني المدرسة التجريدية التي تعرف لدى بعض الفنانين بالفن غير الملموس الذي يعتبر أكثر الفنون صدقا وواقعية ويعد واحداً من الفنون التشكيلية المميزة التي تجسد التعابير من خلال الفنون البصرية.
شديفات يوظف الأسلاك الصلبة لتخيل الظروف الصعبة المحيطة به في منطقته النائية مؤمنا بأن الفن التشكيلي فن متطور ومختلف
وفسر الناقد فاروق علوان في كتابه "التجريد في فنون العرب قبل الإسلام" التجريد على أنه تخليص الشكل الطبيعي من تفاصيله الجزئية، والاكتفاء بالأشكال المعبرة عن الفكرة الجوهرية للشيء المراد رسمه.
وللتعبير أكثر عن خصائص هذه المدرسة الفنية ينجز شديفات منحوتات باستخدام الجذور الميتة التي تخرج من الأرض نتيجة الحراثة، ليعبّر عن مواضيع تتحدث عن قضايا إنسانية، ويقول إن أكثر “ما يثيرني القضايا الوطنية والعربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والمقاومة، ومسيرة العودة، والمشاهد المؤلمة والمؤثرة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني".
وعن سبب اختياره لجذور الأشجار أوضح شديفات أنها "تعني تعلقنا بالأرض وتشبثنا بها وصعوبة خلعها، وكوني متابعاً للقضايا العربية، شعرت بأن إحياءها من خلال عمل فني سيعزز حضورها في نفوس مشاهديها". واستدرك “المعروف أن الشجر يموت واقفا، لذلك فإنني أستخدم جذوره لتجسيد أي قضية فيها تأثير نفسي".
ويجمع شديفات الجذور من أي مكان، ثم يلصقها لتعكس أي فكرة يراها مناسبة لتكون عملا فنيا، حيث يرى أن “شكل الجذور وتشعباتها المختلفة يساعداني على تجسيد القضية بسهولة ويسر، وذلك من خلال استخدام الأسلاك المعدنية إلى جانب الأخشاب".
يذكر أن شديفات لم يكمل تعليمه واكتفى بدرجة الثانوية العامة، وبعدها اتخذ الرسم التشكيلي مهنة وموهبة، مؤكدا أن المثابرة والإصرار على الابتكار هما أساس التعلم، وبفضلهما استطاع أن يرأس جمعية ملتقى المفرق للفنون وينشأ معرضا تشكيليا خاصا في بيته يعرض فيه لوحاته.
وشارك في العديد من المعارض الشخصية داخل الأردن وخارجه وفي جامعات أردنية عدة، ويطمح إلى نقل هذا النوع من الفن التشكيلي لينتشر بشكل محلي ودولي. كما يحاول الفنان تطويع موهبته لخدمة أبناء منطقته ورعاية الموهوبين في المحافظة وإشراكهم في العمل الفني التشكيلي.