رسامة عراقية تنشر البهجة بجداريات في شوارع بغداد

فنانة تشكيلية ترسم لوحات فنية لشخصيات بارزة من تاريخ العراق.
الجمعة 2022/04/29
بغداد تذكر مبدعيها

المبدع هو من يجعل حياة الناس جميلة فيها من البهجة ما ينسيهم الوجع، ذلك ما قامت به الفنانة التشكيلية العراقية وجدان الماجد، حين قررت رسم شخصيات هامة في الثقافة والتاريخ العراقيين على جدران بغداد لتكنس رائحة الحرب.

بغداد - بينما تضع اللمسات الأخيرة على جدارية في بغداد تصور شاعرا عراقيا معروفا، قالت الفنانة العراقية والأستاذة في كلية الفنون الجميلة وجدان الماجد، إن أعمالها تهدف إلى تجميل العاصمة بغداد وزيادة معرفة الناس بالشخصيات التي ميزت المجتمع العراقي.

وتشمل الجداريات، المرسومة بألوان زاهية ودفء ينشر البهجة في شوارع المدينة، صورا لرسامين وشعراء.

قالت وجدان إن بعض الشخصيات على الجداريات لم تكن معروفة لدى عامة الناس، موضحة أن لوحاتها تثير الفضول.

وأضافت “نُجمّل بعض الأماكن لكن بوعي يختلف عن التجميل السابق يعني، من قبل كانت مناظر طبيعية مثل أهوار، ومناظر عامة للناس، لكن هنا الفكرة تختلف، هنا أرسم جداريات شخصيات مهمة مؤثرة بالمجتمع”.

وتابعت “قبل هذه المبادرة لرسم الجداريات كنا نقيم المعارض، لكن الآن بدا هناك تأثير عام للمجتمع ككل، فبدأنا نشتغل على الشخصيات بأكثر عمقا وأكثر تأثيرا والتي كانت مهملة من بعض عامة الناس، مع مشاهدتهم لهذه الشخصيات على الجدران صاروا يهتمون ويسألون من هذا”.

وقال فهد كاظم، وهو طالب يدرس الفنون الجميلة، “كل هذه اللوحات مهمة بالنسبة إلى المجتمع العراقي، تضيف لشوارع بغداد لونا خاصا وطعما خاصا. وتعرفنا كذلك على الكثير من الفنانين والكثير من الكُتّاب والكثير من الشخصيات التي تكاد تكون غير معروفة في حين أنها جزء من الثقافة العراقية”.

وأوضحت وجدان ماجد أنها أكملت بالفعل نحو 15 لوحة جدارية في بغداد في إطار مبادرة أمين بغداد لتجميل المدينة، مشيرة إلى أن رسم كل منها يستغرق نحو أربعة أيام حتى يكتمل.

من أجل بغداد أجمل، ولإعادة تأهيل بعض جدرانها، شرعت الفنانة التشكيلية وجدان الماجد منذ أيام بتنفيذ حملتها في رسم الجداريات الملونة، التي تحمل الكثير من الحب والأمل، ورموزا وشخصيات عظيمة أسهمت في تشكيل حضارة وادي الرافدين.

وقالت، “كان صاحب الفكرة أمين بغداد علاء معن، وطلب تكليفي بالرسم وأنا أتممت فكرته بعمل أمثلة أولية، ووافق عليها ثم بدأت بمشوار الرسم، واختيار الشخص المناسب في الأماكن الأقرب لكلية الفنون الجميلة، فكان المكان الأول جدارا للفنان التشكيلي الراحل بلاسم محمد، وقد كان مميزا بإنجازاته على المستوى الإنساني والمهني، وتدريسي في كلية الفنون الجميلة”.

وأضافت “أما في الجهة المقابلة فكان الشخص الثاني، وهو الفنان التشكيلي الراحل ماهود أحمد، وهو أيضا تدريسي، وفي الجهة الأخرى للتقاطع كان الخيار لجداريتين إحداهما لنادية مراد الإيزيدية، والثانية للأم تريزا، وكان الذي يجمعهما هو حصولهما على جائزة نوبل للسلام، واهتمامهما بحقوق الأطفال والمشردين والمهجرين والفقراء”.

وقالت “رسمنا شخصيات منها علي الوردي، والفيلسوف الألماني ماكس فيبر والرسام الإسباني بيكاسو وجواد سليم”.

وأضافت، “كان أمين بغداد يختار شخصية عراقية وشخصية عالمية أو شخصية عراقية وشخصية عربية، لأنه لا يريد أن يكون وعي الفرد العراقي محصورا بالعراقيين فقط، المحلية فقط، وإنما يريد أن يتوسع وعيه إلى العالمية فاشتغل على الوعي المعرفي للفرد العراقي”.

وقالت “كان الناس في البداية منقسمون حول فكرة المبادرة، قسم رافض وقسم استحسن الفكرة ورأى فيها إبداعا وجمالا يخرج بغداد من حزن الحرب ورائحة البارود، لكن بعد ذلك صار كل العراقيين يعتادون على هذه الداريات لما فيها من جمالية وزاد معرفي، فبدأوا يحبونها وأصبح حبهم لهذه الأحمال يروق لي أيضا، فزاد ذلك من حبي للرسم وللعمل على الجداريات بصفة خاصة”.

وبعد الرفض في البداية صار العراقيون يريدون جداريات أكثر في بغداد، بل يتمنون لو تعم هذه الرسومات كل المدن العراقية.
 

وقال أحمد سلام، أحد المارة وهو يشاهد إحدى الجداريات ويبتسم: “نأمل أن تستمر تلك الحملات، لإعادة البهجة لشوارعنا وعاصمتنا الحبيبة، ونبذ الحرب والفتن”.

20