البرلمان اللبناني ينظر في سحب الثقة من وزير الخارجية

بيروت – دعا رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الثلاثاء إلى جلسة عامة بعد ظهر الخميس في قصر الأونيسكو للنظر في طرح الثقة بوزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب المقدم من طرف حزب القوات اللبنانية.
واستند أعضاء حزب القوات اللبنانية في اقتراحهم لطرح الثقة بوزير الخارجية إلى المادة السابعة والثلاثين من الدستور، بسبب المخالفات الجسيمة التي ترتكبها وزارة الخارجية والمغتربين في موضوع تصويت المغتربين في الانتخابات النيابية القادمة.
واعتبر النواب أن وزارة الخارجية والمغتربين دأبت على تكرار المحاولات الرامية إلى تقييد حق المغتربين اللبنانيين بالاقتراع، بشكلٍ بات يهدّد سلامة العملية الانتخابية، ويمسّ بحقّ شريحة واسعة من اللبنانيين في اختيار ممثليهم بطريقة حرّة شفافة.
مصادر سياسية تستبعد طرح الثقة بوزير الخارجية والمغتربين نظراً إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى استقالة الحكومة برمّتها
واتهم النواب وزارة الخارجية بالقيام بسلسلة من “الإجراءات الجائرة والمستهجنة والخارجة عن القانون والتي تستهدف تحديداً حرمان المغتربين من حقهم في الاقتراع، أو تقييد حركتهم، أو تصعيب عملية الاقتراع وجعلها شبه مستحيلة بتشتيت أصوات المنطقة والقرية والعائلة الواحدة على عدّة أقلام اقتراع تبعد عن بعضها مسافات كبيرة، مما يصعّب عملية الاقتراع”.
وأضافوا أنه حتى الساعة لم تعمد الوزارة إلى تسليم قوائم الناخبين لأصحاب العلاقة، ما يمنعهم من معرفة عدد المندوبين المطلوبين لكل مركز من مراكز الاقتراع.
وتجرى الانتخابات البرلمانية على مرحلتين حيث تنظم في الخارج يوم الثامن من مايو المقبل، وفي الداخل في الخامس عشر من نفس الشهر.
والاعتراضات على أداء بوحبيب ليست بالجديدة، فقد سبق أن تعرض لأخرى من قبل قوى الثامن من آذار، على خلفية موقف الوزارة من الحرب في أوكرانيا، حيث اعتبر البعض أنه ينحاز إلى موقف الولايات المتحدة.
ويشير مراقبون إلى أن بوحبيب قد يكون أول وزير تسحب منه الثقة بالمجلس النيابي منذ اتفاق الطائف، نظراً إلى أن طبيعة النظام اللبناني، الذي يقوم أساساً على حكومات الوحدة الوطنيّة، كانت تمنع الوصول إلى هذه المرحلة.
الانتخابات البرلمانية تجرى على مرحلتين حيث تنظم في الخارج يوم الثامن من مايو المقبل، وفي الداخل في الخامس عشر من نفس الشهر
ويقول الخبير القانوني عادل يمين إنه لا يظن أن هذا الأمر حصل مع أيّ وزير، مشيراً إلى أنّ النائب السابق نجاح واكيم كان يطرح، في بعض المناسبات، الثقة بالحكومة بشكل كامل، لافتاً إلى أن هناك وزيراً أقيل في مجلس الوزراء هو الراحل جورج إفرام.
ويضع يمين طرح الثقة بوزير قبل أيّام قليلة من موعد الانتخابات النيابية في إطار التشويش على الوزير نفسه والجهة السياسية التي رشّحته لهذا المنصب، أي أنّ الهدف الأساسي من هذه الخطوة انتخابيّ، لكنّه يستبعد أن يؤثّر ذلك في حال سحب الثقة منه على تصويت المغتربين نظراً إلى أن الوزير بالوكالة يستطيع أن يكمل المهمة.
ويوضح يمين أنّ الأكثرية المطلوبة لسحب الثقة من الوزير هي الأكثريّة النسبيّة، أي أن التصويت بسحب الثقة يجب أن يكون أعلى من الخيارات الأخرى لدى النواب الحاضرين، حيث يمكن لكل نائب أن يصوت بسحب الثقة أو تأكيدها أو الامتناع عن التصويت.
وبناء على التوازنات الموجودة في المجلس النيابي، قد يكون قرار سحب الثقة يتوقف على موقف نواب كتلة “التنمية والتحرير”، نظراً إلى أن الاعتراضات على أداء بوحبيب كانت قد صدرت من جانب نواب حزب القوات والحزب الاشتراكي، في حين أن نواب تيار “المستقبل” قد لا يمانعون توجيه ضربة إلى التيار الوطني الحر في هذا التوقيت بالذات.
ومن ضمن السيناريوهات المطروحة، تبرز فكرة الذهاب إلى عدم تأمين نصاب انعقاد الجلسة من الأصل، خصوصاً إذا ما تم التوافق على ذلك بين نواب حركة أمل وحزب الله والتيار، لاسيما في حال لم تكن هناك رغبة في الذهاب إلى جلسة من الممكن أن تستغل شعبياً من قبل الأفرقاء الآخرين.
وتستبعد مصادر سياسية أن يذهب البرلمان إلى سحب الثقة من وزير الخارجية والمغتربين، نظراً إلى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى استقالة الحكومة برمّتها، خصوصاً أن وجود أي وزير هو جزء من اتفاق سياسي كبير، وبالتالي لا يمكن أن يُترك من دون تأمين.