اقتصادات الخليج تتجه إلى تحقيق أسرع وتيرة نمو منذ عقد

ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي أكبر خطرين على دول المنطقة.
الأربعاء 2022/04/27
أسواقنا التجارية مزدهرة ونشاطها في ذروته

رجح محللون تسجيل اقتصادات دول الخليج العربي في ما تبقى من هذا العام أسرع وتيرة نمو منذ عقد من الزمن مدفوعا بانتعاش أسعار النفط وتزايد الطلب العالمي على الهيدروكربونات رغم أن مخاطر التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي قد يفقدان المؤشرات قوة الدفع.

دبي – أقصى محللون في نظرتهم حول نمو الاقتصادات الخليجية لهذا العام مشكلة استمرار الأزمة الصحية العالمية التي أعاقت سابقا أي مسار للتعافي، وأبقوا على معطى سوق النفط كمحدد أساسي لزيادة زخم الأنشطة التجارية والاستثمارية في دول المنطقة الست.

وخلص استطلاع أجرته رويترز لآراء خبراء اقتصاديين إلى أن النمو الاقتصادي لدول الخليج العربي سيتسارع خلال عام 2022 بوتيرة لم يشهدها في آخر عشر سنوات.

خديجة حق: ثمة توسع في القطاعات غير النفطية ونمو قوي في الأعمال

ورغم أن نظرتهم مليئة بالكثير من التفاؤل الإيجابي، لكنهم حذروا من ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي كونهما أكبر المخاطر التي تعترض حكومات الخليج في ظل التداعيات الوخيمة لما يحدث في شرق أوروبا منذ شهرين.

وارتفعت أسعار الخام، المحرك الرئيسي لاقتصادات الخليج، بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير الماضي وحافظت على ارتفاعها، مما أعطى دفعة كبيرة لاقتصادات المنطقة الغنية بالنفط والغاز.

ولكن يصاحب الاعتماد على أسعار الطاقة خطر تأثر التعافي الاقتصادي سلبا بأي اضطراب في الأسعار بسبب توترات جيوسياسية أو تباطؤ الاقتصاد العالمي.

وتعتمد دول الخليج اعتمادا كبيرا على صادرات النفط والغاز التي تزيد نسبتها على 70 في المئة من إجمالي الصادرات السلعية على الرغم من الخطط المتعلقة بتنويع الاقتصاد والاعتماد على القطاعات غير النفطية ونقل التكنولوجيا.

ورجح استطلاع أجرته رويترز في الفترة من الثاني عشر إلى الثاني والعشرين أبريل أن يبلغ متوسط النمو الإجمالي لاقتصادات دول الخليج 5.9 في المئة هذا العام، وهي أسرع وتيرة منذ 2012.

وقالت خديجة حق كبيرة الاقتصاديين في بنك الإمارات دبي الوطني إن “اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي شهدت بداية قوية نسبيا حتى عام 2022”.

وأوضحت أن قطاعات الهيدروكربونات استفادت من زيادة إنتاج النفط منذ بداية هذا العام، حيث ارتفع إنتاج النفط الخام 12 في المئة في الربع الأول من عام 2021 في الإمارات و19 في المئة في نفس الفترة بالنسبة إلى السعودية.

وأضافت حق وهي رئيسة قسم الأبحاث في أكبر بنوك إمارة دبي “تشير بيانات الاستطلاع الخاصة بالربع الأول من العام الجاري إلى توسع قوي في القطاعات غير النفطية أيضا، مع نمو قوي في نشاط الأعمال والعمل الجديد في الإمارات والسعودية وقطر”.

وبالنسبة إلى السعودية، أكبر اقتصاد في المنطقة ومصدر النفط الخام الرائد عالميا، رفع حوالي 80 في المئة من المشاركين، أو 17 من أصل 22 مشاركا شملهم الاستطلاع، توقعاتهم مقارنة مع الاستطلاع السابق في يناير الماضي.

إلكر دوماك: التضخم في المنطقة سيبلغ 3.5 في المئة بدل 2.5

فقد توقعوا نموا عند نحو 6.3 في المئة في 2022 ارتفاعا من 5.7 في المئة كان متوقعا قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يعقبه تراجع إلى 3.2 في المئة في العام المقبل.

وإذا حدث ذلك، فسيكون النمو خلال العام الجاري هو الأسرع منذ العام 2011 عندما بلغ متوسط سعر النفط حوالي 111 دولارا للبرميل.

وبلغ النمو المتوقع في الكويت 6.4 في المئة، وفي الإمارات 5.6 في المئة، ليكون الأسرع في نحو عشر سنوات. وجاء النمو المتوقع لقطر وسلطنة عمان والبحرين عند نحو أربعة في المئة، ليكون الأسرع منذ عدة سنوات.

ولكن عند سؤالهم عن أكبر خطرين من المخاطر التي تواجه اقتصادات دول الخليج هذا العام، قال عشرة من 12 اقتصاديا أجابوا على سؤال إضافي إنهما “ارتفاع التضخم وتباطؤ الاقتصاد العالمي”.

وارتفع معدل التضخم في معظم اقتصادات دول المنطقة خلال الأشهر القليلة الماضية على خلفية ارتفاع أسعار المواد الغذائية الناجم عن الحرب الروسية – الأوكرانية.

وعلى الرغم من تواضعه مقارنة بالعديد من البلدان الأخرى، من المتوقع أن يرتفع التضخم في دول الخليج إلى أكثر من اثنين في المئة هذا العام، إذ يأتي أعلى متوسط للتوقعات من نصيب قطر عند 3.5 في المئة والأدنى للسعودية عند 2.5 في المئة.

وقال إلكر دوماك الرئيس الإقليمي للاقتصاد بدول الخليج العربي وتركيا في سيتي غروب “في مواجهة ارتفاع الأسعار العالمية للسلع والأغذية، عدلنا توقعاتنا للتضخم لعام 2022 لمنطقة دول الخليج لتكون حوالي 3.5 في المئة من حوالي 2.5”.

وأضاف “بما أن دول الخليج تستورد 85 في المئة من غذائها، فإن الضغط التصاعدي المستمر على أسعار الغذاء العالمية يمكن أن يشكل تحديا لواضعي السياسات في المنطقة”.

Thumbnail

ويمكن أيضا أن يكون لحالة الضبابية الناجمة عن الصراع في أوكرانيا تأثير سلبي على الاقتصاد العالمي الذي ما زال يتعافى من آثار الجائحة. وخفض صندوق النقد الدولي الأسبوع الماضي توقعاته للنمو العالمي لعام 2022 بسبب تأثير الحرب ووصف التضخم بأنه “خطر واضح وقائم”.

ولكن الصندوق ساق مؤشرات إيجابية للنمو في منطقة الخليج وأكد أن الاقتصادين الكويتي والسعودي مرشحان لتسجيل معدلات تفوق ما سيسجله جيرانهما خلال هذا العام.

ورجح أن يشهد اقتصاد الكويت معدل نمو عند 8.2 في المئة ثم السعودية بمعدل نمو 7.6 في المئة تليها عُمان بتوقعات نمو 5.6 في المئة، ثم الإمارات ثاني أكبر اقتصاد خليجي بمعدل نمو 4.2 في المئة، وقطر 3.4 في المئة بينما البحرين 3.3 في المئة.

ومن المحتمل أن تواجه دول الخليج، التي تعتمد بشكل كبير على عائدات صادرات الطاقة، طلبا أضعف بسبب التباطؤ الاقتصادي، خاصة في الصين أحد أكبر مستوردي النفط والغاز في العالم.

واعتبرت وكالة موديز للتصنيفات الائتمانية قبل فترة أن مسألة تنويع الموارد الاقتصادية لدول المنطقة لا تزال بعيدة وأنه من المرجح أن يستغرق تحقيقها عدة سنوات، فيما سيلي ذلك التنويع المالي تأخر إضافي لأن ما لا يقل عن نصف إيرادات دول الخليج تأتي من الهيدروكربونات.

وأشار خبراء موديز إلى أن الخطط المعلنة لتعزيز الطاقة الإنتاجية للنفط والغاز والتعهدات الحكومية بضرائب صفرية أو شديدة التدني تجعل من المستبعد أن يتقلص هذا الاعتماد بشكل كبير في السنوات المقبلة، حتى مع إحراز بعض التقدم في التنوع الاقتصادي.

11