عبدربه منصور هادي رئيس قاوم عشر سنوات ليعجز عن فرض سلطته في اليمن

هل تدفع التغيرات الكبرى الأطراف المتحاربة بسرعة نحو الحل السياسي.
الجمعة 2022/04/08
جهود آلت إلى الفشل

نقل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي، ليطوي بذلك عشر سنوات من حكم اليمن ويعلن فشله في قيادة البلد نحو الحلّ السياسي وعجزه عن فرض السلطة التي تضع حدّا للحرب مع جماعة الحوثي.

الرياض – فشل الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في فرض سلطته على بلده الذي يمر بأزمات متعاقبة، منذ انتخابه عام 2012، وحتى تسليمه الحكم إلى مجلس رئاسي الخميس.

وأعلن هادي المقيم في الرياض منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على مناطق شاسعة في بداية النزاع سنة 2014، في خطاب بث على التلفزيون، إنشاء مجلس قيادة رئاسي ومنحه “تفويضا لا رجعة فيه بكامل صلاحياتي”.

ويتألف المجلس الرئاسي من ثمانية أعضاء برئاسة رشاد العليمي، وهو وزير سابق ومستشار لهادي. وتسلم المجلس بالإضافة إلى صلاحيات الرئيس صلاحيات نائب الرئيس.

ودخل اليمن في هدنة لمدة شهرين قابلة للتمديد حيز التنفيذ منذ السبت، في بارقة أمل نادرة في الصراع الذي مزّق أفقر دول شبه الجزيرة العربية.

حكومة ضعيفة

☚ هادي حظي بدعم كبير من السعودية، بينما اتهم منتقدوه وخاصة من الانفصاليين الجنوبيين حكومته بـ"الفساد"

قالت الباحثة في جامعة أكسفورد إليزابيث كيندال إن “الوضع الراهن كان في سبات. كان يتوجب أن يتغير أمر كبير لدفع الأطراف المتحاربة إلى طريق عملية سياسية” معتبرة أن تسليم الصلاحيات الرئاسية “قد يكون ذلك”.

وبحسب كيندال “كانت حكومة هادي ضعيفة وغير كفؤة”، موضحة “كان هناك اعتقاد خاطئ مفاده أن مناهضة الحوثيين تعني موالاة الحكومة ولم يحدث ذلك في عهد هادي”.

وكان هادي لجأ إلى السعودية مع إطلاقها عملية “عاصفة الحزم” في مارس 2015 دعما للحكومة وفي مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران الذين سيطروا سريعا على صنعاء ومناطق أخرى.

وفرّ هادي، المولود في الأول من مايو 1945، من صنعاء إلى عدن أولا، ثم انتقل إلى الرياض بعدما نجح المقاتلون الحوثيون في محاصرة المدينة الجنوبية التي تحولت إلى عاصمة بديلة.

وعزل عبدربه منصور، الرئيس الثاني للجمهورية اليمنية والقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن من منصبه بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء ومحاصرة القصر الرئاسي في يناير 2015، ثم قدم استقالته في الثاني والعشرين من يناير إلى مجلس النواب، بعد استقالة الحكومة برئاسة خالد محفوظ بحاح، ولم يعقد البرلمان جلسة لقبول الاستقالة أو رفضها. وأعلن الحوثيون عن إعلان دستوري قضى بحل البرلمان وبتولي اللجنة الثورية برئاسة محمد علي الحوثي، رئاسة البلاد.

وظل هادي قيد الإقامة الجبرية إلى أن فرّ من صنعاء متجها إلى عدن في الحادي والعشرين من فبراير 2015، وأعلن منها سحب استقالته وأصدر بيانا جاء فيه “أن جميع القرارات التي اتخذت من تاريخ الحادي والعشرين من سبتمبر باطلة ولا شرعية لها”، ويقصد “اتفاق السلم والشراكة”. ودعا إلى انعقاد اجتماع الهيئة الوطنية للحوار في عدن أو تعز حتى خروج الحوثيين من صنعاء. وجدد التزامه بالمبادرة الخليجية، وأضاف في بيان طالب فيه المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات لحماية العملية السياسية ورفض ما وصفه بالانقلاب.

وبسبب إقامته خارج اليمن، بقي هادي بعيدا عن الأوضاع الداخلية لأفقر دول شبه الجزيرة العربية، ما أسهم في عزلته وتعزيز الانطباع أنه خاضع لتأثير السعوديين.

كان عبدربه منصور هادي في الأساس عسكريا متحدرا من جنوب اليمن وظل لسنوات طويلة مواليا للرئيس في حينه علي عبدالله صالح، وبعد ذلك حظي في مرحلة من الاحتجاجات الشعبية التي انطلقت في فبراير 2011 بثقة المعارضة، وبات الرجل التوافقي.

وشغل منذ 1994 منصب نائب الرئيس حتى انتخابه رئيسا في فبراير 2012، كما شغل منصب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، الذي كان يتزعمه الرئيس الراحل علي عبدالله صالح الذي قتل على أيدي الحوثيين.

وقبل أن يخرج للأضواء، كان هادي شخصية متكتمة لا يحظى بنفوذ حقيقي في الأوساط السياسية اليمنية، إلا أنه لعب دورا هاما في إقناع صالح بتوقيع اتفاق للخروج من الأزمة بعد الاحتجاجات.

لكن مشروع هادي لإعادة تنظيم القوات المسلحة بعيد تسلمه السلطة، فشل في تحقيق غايته، حيث احتفظ صالح بدعم قوي من القوات العسكرية.

بسبب إقامته خارج اليمن، بقي عبدربه منصورهادي بعيدا عن الأوضاع الداخلية لأفقر دول شبه الجزيرة العربية، ما أسهم في عزلته

وانضم صالح إلى أعداء هادي على أمل العودة إلى السلطة، ما ساهم في سيطرة الحوثيين على صنعاء وطرد هادي منها، قبل أن يقتل صالح حلفاؤه في أواخر عام 2017 متهمين إياه بالخيانة.

حظي هادي بدعم كبير من السعودية، بينما اتهم منتقدوه وخاصة من الانفصاليين الجنوبيين حكومته بـ”الفساد” وبالسماح بتنامي نفوذ الإسلاميين والخضوع لتأثيرات على قراراتها السياسية والعسكرية، وخصوصا من أعضاء في حزب “التجمع اليمني للإصلاح” المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.

وفي أغسطس 2019، طرد الانفصاليون الجنوبيون بدعم من الإمارات وهي شريك رئيسي في التحالف، القوات الموالية للحكومة من عدن، العاصمة البديلة، قبل أن يتم التوصل إلى تسوية شهدت ولادة حكومة جديدة.

ويندد هادي في الرياض دائما “بتدخل إيران” ويتهمها بتسليح الحوثيين. كما يؤكّد استعداده للسلام حال قبول المتمردين لقرارات الأمم المتحدة، التي تطالبهم بنزع السلاح والانسحاب من المدن التي سيطروا عليها.

ويتهمه خصومه السياسيون بالفساد، في حين يرى خبراء أنّ وجوده على رأس هرم الحكم كان عثرة أمام تحقيق تقدم في عملية السلام.

وفي خطابه الخميس، قال إنّ مجلس القيادة الرئاسي الجديد مكلّف بـ”التفاوض مع الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام”.

مسيرة طويلة

مسيرة طويلة

ولد هادي في محافظة أبين التي كانت جزءا من محمية عدن الخاضعة لبريطانيا. وتخرج من المدرسة العسكرية في اليمن الجنوبي عام 1964، ثم تابع بعد ذلك دورات تدريبية في بريطانيا ودورة خاصة بالمدرعات في مصر وظل هناك حتى العام 1970. وهو أب لابنتين وثلاثة أبناء.

وشغل عدة مناصب عسكرية في جيش اليمن الجنوبي حيث عمل قائدا لفصيلة المدرعات، وبعد الاستقلال (السابع والعشرون من نوفمبر 1967) عين قائدا لسرية مدرعات في قاعدة العند في المحور الغربي لجنوب اليمن، ثم مديرا لمدرسة المدرعات، ثم أركان حرب سلاح المدرعات، ثم أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديرا لدائرة تدريب القوات المسلحة.

وانتقل سنة 1972 إلى محور الضالع، وعين نائبا ثم قائدا لمحور كرش، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب مع الشمال. ثم استقر في مدينة عدن مديرا لإدارة التدريب في الجيش، مع مساعدته لرئيس الأركان العامة إداريا، ثم رئيسا لدائرة الإمداد والتموين العسكري بعد سقوط حكم الرئيس سالم ربيع علي، وتولي عبدالفتاح إسماعيل الرئاسة. ورقي إلى درجة نائب لرئيس الأركان لشؤون الإمداد والإدارة معنيا بالتنظيم وبناء الإدارة في الجيش بداية من سنة 1983، وكان رئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفييتي، وتكوين الألوية العسكرية الحديثة. كما كان من ضمن القوى التي نزحت إلى صنعاء عقب حرب 1986 الأهلية في جنوب اليمن.

وعمل هادي مع زملائه على لملمة شمل الألوية العسكرية التي نزحت معهم إلى الشمال، وإعادة تجميعها إلى سبعة ألوية، والتنسيق مع السلطات في الشمال لترتيب أوضاعها ماليا وإداريا، وأطلق عليها اسم ألوية الوحدة اليمنية. ثم عين قائدا لمحور البيضاء، وشارك في حرب 1994. وفي مايو من العام نفسه صدر قرار تعيينه وزيرا للدفاع، ثم عين نائبا للرئيس في أكتوبر من نفس السنة.

وإلى حين وصوله إلى السلطة، تقلد هادي العديد من المناصب الأخرى واكتسب خبرة كبيرة في المناورات العسكرية والوظيفية، لكنه لم يكتسب المناورات السياسية اللازمة القادرة على إخراج بلاده من أتون الحرب وترميم جراحها وتنمية اقتصادها المدمر.

وقد تسبّبت الحرب في اليمن بمصرع أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، وفق الأمم المتحدة، أي أنهم قضوا إما في القصف والقتال وإما نتيجة التداعيات غير المباشرة للحرب مثل الجوع والمرض ونقص مياه الشرب، بينما يعتمد نحو 80 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة على المساعدات من أجل البقاء على قيد الحياة، فيما تقول الأمم المتحدة إن اليمن يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

7