الكوميدية شريهان.. كفيفة تنشر البسمة في فلسطين

شيري تعرض يومياتها ككفيفة في العمل والشارع والمنزل وطرق تعامل المواطنين مع المعاقين.
الجمعة 2022/04/08
خارجة عن المألوف

وحده الإنسان من يضع لنفسه الحواجز والعقبات في حياته لأن طريق النجاح مفتوح لمن يمد خطواته إلى الأمام، فالكفيفة الفلسطينية شريهان الحذوة قرّرت أن تكون إيجابية في حياتها واحترفت التمثيل وهي اليوم تزرع البسمة على وجه جماهيرها كبارا وصغارا.

بيت لحم ـ تتابع الشابة الثلاثينية الكفيفة شريهان الحذوة من مدينة بيت جالا غرب بيت لحم، ردود فعل الناس الإيجابية على مجموعة حلقات كوميدية هي بطلتها، والتي تعرض خلال شهر رمضان الجاري عبر منصات التواصل الاجتماعي لمسرح الحارة، ويتم خلالها طرح مواضيع تمس ذوي الإعاقة بشكل عام، والإعاقة البصرية بشكل خاص.

تقول شريهان إن عينيها أصيبتا بفايروس فتك بالشبكية والعصب البصري بشكل كامل وهي في السادسة عشرة، وفقدت بصرها كليا خلال أسبوعين من إصابتها بالفايروس، ما تسبب لها بصدمة كبيرة.

وتضيف أن تلك الفترة كانت قاسية ودخلت في حالة حزن شديد، إلا أنها قررت بمساعدة الأهل أن تواجه ما أصابها وأن تتعايش مع وضعها الجديد.

تقول شريهان “بدأتُ حينها بتعلم لغة بريل في مدرسة الشروق للمكفوفين والتحقت بالثانوية العامة الخاصة ونجحت، ثم بمعهد لأدرس السكرتارية الطبية وبدأت بتحويل المواد التعليمية إلى لغة بريل، وبعدها التحقت بالعمل في مستشفى الجمعية العربية على مقسم الهاتف”.

وتشير إلى أن مشوارها بدأ مع المسرح في العام 2013 ضمن مشروع مع مسرح الحارة يهتم بدمج النساء ذوات الإعاقة في الأنشطة الثقافية، مضيفة أنه بعد اختيارها بدأت بالتدرب على المسرحيات، سافرت لأول مرة في حياتها إلى دولة السويد ليتم تدريبها على فنون المسرح.

وتقول شريهان إنها شعرت خلال السفر بأنها تحدت نفسها وأن أملها بأن المستقبل سيكون أفضل لم يخب، وأصبحت تلتزم بتدريبات المسرح وتتابع المسرحيات من خلال سماعها لها، واشتركت بتدريب في مسرح القصبة في رام الله، وتعلمت استخدام المواصلات العامة، حيث باتت تذهب إلى المسرح وتعود إلى بيتها بمفردها.

وعرضت في عدة مدن سويدية، بشكل كوميدي، مقارنات بين وضع ذوي الإعاقة في فلسطين، ونظرائهم في السويد.

تحلت شيري بقدر كبير من الصراحة وخفة الظل، وهي تعرض ليومياتها ككفيفة في العمل والشارع والمنزل وسيارات الأجرة، وسفرها عبر الجسر، والرقابة المجتمعية، وطرق تعامل المواطنين مع المعاقين.

وأشارت إلى أن مواقف محرجة أحيانا ومضحكة أحيانا أخرى كانت تحدث لها خلال الطريق، ومن أبرزها محاولة مساعدة الناس لها لعبور الطريق دون استئذانها ومسكها بطريقة مضحكة. 

أما عن دخولها مجال تقديم العروض المسرحية الكوميدية، فتقول إن الفكرة جاءت العام الماضي من خلال حديثها إلى إحدى زميلاتها عن المواقف المضحكة التي تحدث معها في الطريق، فأصرت زميلتها على أن تكتبها كسيناريو لعرض كوميدي، وخلال تلك الفترة قدمت شريهان ستة عروض في مسارح برام الله والخليل وجنين وبيت لحم وبيت ساحور، مبينة أن هذه العروض صورت على ثماني حلقات يتم عرضها حاليا خلال شهر رمضان المبارك عبر منصات التواصل الاجتماعي لمسرح الحارة.

شريهان لا تستهدف تعاطف الجمهور مع القضايا التي تثيرها، ولكنها تسعى إلى تفهمهم، وهي تسخر وتضحك

لا تستهدف شريهان تعاطف الجمهور مع القضايا التي تثيرها، ولكنها تسعى إلى تفهمهم، وهي تسخر وتضحك.

وتطرقت شريهان إلى غياب اهتمام المؤسسات الثقافية بالأشخاص ذوي الإعاقة، مبينة أن مجال العمل بالمسرح مرهون بمشاريع قصيرة غير مجدية ماديا.

وتطمح شريهان إلى دخول مجال صناعة المحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي حتى تتسع دائرة جمهورها.

وتوضح أن تجربتها هي رسالة لكل شخص من ذوي الإعاقة بألا يستسلم للواقع، وأن يطوّر من نفسه، وأن يقتنص الفرص بجرأة وثبات، مؤكدة أن أهم شيء أن يتصالح الإنسان مع إعاقته وأن يتعايش بما تقتضيه ظروفها وألا يخجل من المجتمع ويحاول أن يندمج معه.

وتقول إن رسالتها هي أن يتم توفير بنية تحتية مناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة، إضافة إلى ضرورة دمجهم واحتضانهم في مختلف المجالات، فإتاحة الفرص مهم جدا لهم.

تؤمن شريهان بأن الإنسان يضع لنفسه “حواجز وعقبات تعيقه عن تحقيق أحلامه مهما كانت بسيطة أو كبيرة، الإعاقة لن تعيق صاحبها إن كان يملك إرادة حقيقية، ما يعيقنا هو ما نضعه نحن معيقا لنا”.

Thumbnail
20