الرئيس التونسي يعلن حوارا مشروطا وانتخابات برلمانية على الأفراد

تونس - أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد الأربعاء أن الحوار الوطني قد بدأ مع المنظمات الوطنية دون تغييب للأحزاب، مشيرا إلى أن التصويت في الانتخابات البرلمانية المقبلة سيجري على مرحلتين وسيكون على الأفراد وليس على القوائم، وأن هيئة الانتخابات ستشرف على الاستحقاقات، لكن ليس بتركيبتها الحالية.
وبذلك يرسم الرئيس سعيّد صورة استشرافية لتونس ضمن مسار تصحيحي بدأه منذ أشهر بتجميد عمل البرلمان، الذي يهيمن على تركيبته تنظيم الإخوان (حركة النهضة الإسلامية وائتلاف الكرامة..)، قبل حله الأسبوع الماضي.
وخلال زيارة أجراها سعيّد الأربعاء إلى ضريح الرئيس التونسي الراحل الزعيم الحبيب بورقيبة، بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لرحيله، قال إن "الحوار قد انطلق ولن يشارك فيه "اللصوص والانقلابيون".
وأضاف "اللصوص لابد من محاسبتهم وتطهير البلاد من هؤلاء الذين عبثوا بمقدراتها وسالت الدماء، وليتذكروا كيف سالت دماء الشهداء من الأمنيين والعسكريين ومن الأبرياء المدنيين.. ولا مجال للإرهاب وسنتصدى بكل قوة لكل من يحاول ضرب السيادة التونسية أو المس من استقلالها".
وتشير تصريحات الرئيس التونسي بشكل ضمني إلى استبعاد حركة النهضة الإسلامية والأحزاب المتحالفة معها خلال السنوات الأخيرة، وكذلك النواب والأحزاب الذين شاركوا في جلسة برلمانية افتراضية في الثلاثين من مارس الماضي، وصوّتوا خلالها على قانون إنهاء الوضع الاستثنائي الذي يفرضه سعيّد منذ صيف العام الماضي، وعلى إسقاط مراسيمه الرئاسية.
وكان الرئيس سعيّد التقى بممثلي الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد أرباب العمل، أكبر منظمتين في البلاد، لكن لم يعلن أي حزب حتى اليوم، بما في ذلك الأحزاب المؤيدة لسعيّد، عن تلقيه دعوات رسمية للمشاركة في حوار وطني.
وأكد الرئيس سعيّد أن الحوار سيجري بناء على نتائج الاستشارة الوطنية (استطلاع رأي شعبي) إلكترونيا، التي أُعلن عن نتائجها الأولية قبل أيام وأشارت إلى أغلبية مؤيدة للنظام الرئاسي.
ولفت إلى أنه بناء على هذه الاستشارة "سيتم وضع مشروع لتعديل الدستور أو حتى صياغة دستور جديد"، مضيفا "لا ننسى الاستفتاء الذي سيتم تنظيمه في الخامس والعشرين من يوليو المقبل، والكلمة النهائية ستعود إلى الشعب".
والاستشارة الوطنية أطلقها الرئيس سعيّد منتصف يناير الماضي، بهدف "تعزيز مشاركة المواطنين في عملية التحول الديمقراطي"، واستمرت حتى العشرين من مارس الماضي.
وأظهرت نتائج الاستشارة التي أعلنت الجمعة الماضية، مشاركة قرابة نصف مليون شخص فيها، ورغبة 86.4 في المئة من المشاركين في التحول إلى نظام رئاسي في البلاد.
ومن المنتظر أن يجرى استفتاء شعبي في تونس في الخامس والعشرين من يوليو المقبل تزامنا مع ذكرى عيد الجمهورية، وانتخابات تشريعية في السابع عشر من ديسمبر المقبل، تزامنا مع ذكرى اندلاع الشرارة الأولى للثورة التونسية.
وقال الرئيس سعيّد إن التصويت في الانتخابات البرلمانية في ديسمبر القادم سيجري على مرحلتين، وسيكون على الأفراد وليس على القوائم كما كان الحال في جميع الانتخابات السابقة.
وأكد أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ستشرف على أي انتخابات ستجرى لاحقا، لكن "ليس بتركيبتها الحالية".
والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، هي هيئة دستورية أشرفت على الانتخابات منذ أكتوبر 2011، وتتكون من 9 أعضاء "مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة"، ينتخبهم البرلمان بأغلبية الثلثين، ويباشرون مهامهم لفترة واحدة مدتها 6 سنوات ويجدّد ثلث أعضائها كل سنتين.
والاثنين، التقى الرئيس التونسي فاروق بوعسكر، نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وطالبه بضرورة استقلالية هيئة الانتخابات وحياديتها، وأن تكون مكسبا لتونس.
وفي إشارة إلى الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي، قال الرئيس التونسي إن "البعض يريد أن يستمد مشروعيته من رفات" بورقيبة.
واعتبر أن إحياء ذكرى وفاة الزعيم هو مناسبة "للتذكير بتاريخه وتقديرا لما قدّمه لتونس، بعيدا عن أي توظيف سياسي كما يحاول الكثيرون أن يفعلوا ذلك".
وتابع "نحن لا ننسى تاريخنا ومن قدموا أنفسهم فداء للوطن، وسنعمل بحول الله تعالى على أن نكمل مسيرة الشعب نحو الحرية التامة، بعيدا عن أي تدخل أجنبي في شؤوننا الداخلية"، في إشارة إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ومساء الثلاثاء، أعربت وزارة الخارجية التونسية عن رفضها واستنكارها لتصريحات أردوغان بشأن حل البرلمان، واعتبرت الموقف التركي "تدّخلا غير مقبول في الشأن الداخلي" للبلاد و"تشكيكا في مسارها الديمقراطي"، واستدعت السفير التركي لإبلاغه احتجاجها بشكل رسمي.
كما اتصل وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو، وأبلغه رفض تونس لتصريحات أردوغان واعتبارها تدخلا في الشأن التونسي.
وكان الرئيس التركي قد انتقد الاثنين قرار الرئيس التونسي حل البرلمان المجمد منذ ثمانية أشهر، ووصفه بأنه "تشويه للديمقراطية" و"مثير للقلق بشأن مستقبل تونس وضربة لإرادة الشعب التونسي".