سجال بين الجزائر والأمم المتحدة حول تقرير لليونيسف

الجزائر - عاد السجال مجددا بين الجزائر والأمم المتحدة، على خلفية التقارير الدورية الناقدة لأوضاع مختلفة في البلاد، وأخذ أبعادا تتصل بالأزمة القائمة بينها وبين المغرب، حيث وجهت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أصابع الاتهام للرباط، باستغلال موظفين دوليين للمساس وتشويه صورتها في المحافل الدولية، حسب زعمها.
وجاء ذلك بعد أن أصدرت منظمة “اليونيسف” تقريرا حول البطالة والتهميش والإقصاء الاقتصادي للشباب الجزائري المتخرج من المعاهد والجامعات.
ووجهت برقية لوكالة الأنباء الرسمية الجزائرية انتقادات شديدة لمنظمة اليونيسف، على خلفية تقرير انتقد وضع الطفولة في الجزائر، وهو ما أعاد سيناريو الهجوم الذي شنته على البنك الدولي، حيث وجهت أصابع الاتهام في المناسبتين إلى دور ونوايا للمغرب في تشويه صورتها عبر موظفين دوليين موالين له، سواء في البنك الدولي أو منظمة اليونسيف.
وكالة الأنباء الجزائرية اتهمت المنظمة الأممية بـ"الكذب" وبوقوف المغرب وراء التقارير الدولية السلبية عن الجزائر
واتهمت الوكالة الرسمية المنظمة الأممية بـ”الكذب والافتراء”، وبوقوف المملكة المغربية وراء التقارير الدولية السلبية عن الجزائر، وذلك باستغلال نفوذها وتوظيف مسؤولين وعاملين في هيئات ومنظمات دولية، لفبركة تقارير مغلوطة تستهدف النيل من مكانتها في المحافل الدولية، وفق زعمها.
وتساءلت برقية وكالة الأنباء “من الذي يمكن أن يقوم بهذه المهمة القذرة أحسن من عميل مخزني؟ إن هذا التقرير الكاذب حول الجزائر الذي يحمل توقيع ممثل اليونيسف في الجزائر المحسوب على المخزن المغربي، والذي حصل على شهادة دكتوراه في الطب من المغرب لن يمر بسلام”.
وأضافت “هذا التضليل الذي هو ثمرة مخيلة خادم المخزن مكانه في سلة المهملات، حيث وضعت كل الأكاذيب التي لفقت سابقا والتي حاولوا من خلالها ضرب استقرار الجزائر الجديدة”، وذلك في إشارة سابقة إلى تقرير أصدره البنك العالمي حول الواقع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، وأسال الكثير من الحبر في الجزائر، حيث تم حينها أيضا توجيه تهم صريحة للرباط بالإيعاز لمسؤول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ووصف حينها بـ”الموظف المقرب من المملكة المغربية”.
وكان مكتب منظمة اليونيسف قد ذكر في تقرير له بعنوان “انتقال الشباب ما بين 15 و24 سنة إلى حياة البالغين”، أنه “إضافة إلى معاناتهم من البطالة والهشاشة، يواجه الشباب الجزائري ضعف التمدرس والتهميش الاقتصادي والاجتماعي”.
وأثار ذلك حفيظة السلطة التي اختارت على ما يبدو الرد عن طريق وكالة الأنباء، التي قالت إنها “مجموعة من الأكاذيب الملفقة عمدا لمحاولة تسويد صورة الجزائر”، وتساءلت “ما سر اهتمام اليونيسف بهذه المواضيع على وجه الخصوص، إن لم يكن القصد وراءها تقديم صورة سوداوية عن الجزائر”.
وشددت على أن المسؤول الأول لهذه الهيئة الأممية في الجزائر، قد وجد لنفسه هوايات أخرى مثل الشغل والأمراض وحوادث المرور، فمن المفروض أن تبرز اليونيسف المكانة الهامة التي يحتلها الأطفال في سياسة الدولة، لأنه وفي هذه السنة فقط التحق أكثر من 12 مليون طفل بمقاعد الدراسة على نفقة الدولة، وأن الجزائر تحتل مركزا جيدا في تصنيف التربية بنسبة أمية تبلغ 7 في المئة، فضلا عن وجود فضاءات لعب في كل المدن والقرى الجزائرية، وهو ما لم تلاحظه هذه المنظمة.
ولفتت إلى أن التقرير أغفل حقيقة أن الجزائر هي أول بلد خارج أوروبا يخصص منحة بطالة، وهي الأولى من حيث الأمن الغذائي على المستوى الأفريقي، في حين استند إلى الأخبار الكاذبة حول التسرب المدرسي والبطالة في أوساط الشباب وتشغيل المرأة وحوادث المرور.
ولم يتأخر الرد الرسمي الجزائري عن منظمة اليونيسف، حيث صرّحت المفوضة الوطنية لحماية الطفولة بالجزائر مريم شرفي بأن “مجانية التعليم، وإلزاميته في الطورين الأول والثاني، تسمح حاليا بتدريس ما يقارب 12 مليون طفل متمدرس، في حين أن عمالة الأطفال لا تتجاوز 0.05 في المئة”.
وكالة الأنباء الجزائرية تتهم الرباط باستغلال موظفين دوليين للمساس وتشويه صورتها سواء في البنك الدولي أو منظمة اليونسيف
وأكدت في تصريح لإذاعة حكومية محلية أن بلادها “دائما رائدة في مجال حماية الطفولة ولا يمكن لأحد أن ينكر هذا الأمر، وأن دستور 2020 كرّس مبدأ المصلحة العليا للطفل، في حين أن قليلا من الدول من لها مثل هكذا مبادئ في دساتيرها”.
وأضافت “الجزائر تضم 16 مليون طفل وأن ترقيتهم وحمايتهم أولى مهام القيادة العليا، حيث تؤكد المنظمات الدولية المتخصصة التقدم الكبير الذي أحرزته الجزائر في مجال حقوق الطفل والآليات التي وضعتها الدولة في هذا الإطار”.
ولفتت إلى أن “الجزائر أصبحت اليوم تزعج الكثيرين نظرا للمكاسب العظيمة التي حققتها ميدانيا من خلال الآليات والقوانين، وأنه لا يمكن لأحد أن ينقص من العمل الذي حققته الجزائر”، مستشهدة بمنحة البطالة التي اعتبرتها تجربة فريدة من نوعها في كل المنطقة، “وسنعمل على الأحسن والأفضل مستقبلا، ولن تؤثر فينا أبدا تقارير مغلوطة كاذبة هدفها النيل مما حققته بلادي مؤخرا”.
وإذ تفادت مفوضة الطفولة ذكر الأطراف المزعومة الواقفة خلف التقرير، فإن الوكالة الرسمية كانت صريحة، حيث وجهت أصابع الاتهام للرباط بالايحاء لمسؤول المفوضية الأممية بالجزائر بـ”فبركة” تقرير، وصفته بـ”الكاذب والملفق”.
وقالت “ما يظهر جليا أن محرري هذه الوثيقة قد أبانوا عن قصر نظرهم وفشلوا في مهمتهم وتفننوا في تلفيق الأكاذيب أكثر من بعض المخابر، فمن المعلوم أن اليونيسف مكلفة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة بمهمة محددة، وهي الدفاع عن حقوق الطفل والمساعدة على تغطية احتياجاته الأساسية وترقية وضعيته، لذا فلا يجب أن ننخدع لأن هذا التقرير المغلوط قد أُعدّ بناء على طلب من بعض الملفقين الذين كانوا وراء التقارير الكاذبة، التي أصدرها البنك العالمي وأذنابه”.