كثرة المطبات تعرقل خطط الكويت للتحول إلى الطاقة المستدامة

يواجه مشروع التحول إلى الطاقة النظيفة في الكويت الكثير من المطبات، والتي يرى مسؤولون وخبراء أنها تشكل فعليا تحديا كبيرا للحكومة في ظل الضغوط المالية بالبلد الخليجي النفطي حيث عجزت عن التقدم خطوة إلى الأمام في هذا المضمار قياسا بجيرانها الخليجيين.
الجهراء (الكويت) – يعكس بطء الكويت في وضع أسس صناعة الطاقة المستدامة أو التخلي مؤقتا عن فكرة تسريع وتيرة التحول إلى إنتاج الكهرباء من المصادر الصديقة للبيئة حجم التحديات التي تواجهها في ترسيخ تجربة التكنولوجيا البديلة.
وبينما انضم جيرانها في منطقة الخليج إلى جوقة الدول التي تحدد أهدافا للحد من الانبعاثات الضارة على الرغم من عدم كبح صادرات النفط، إلا أن الكويت لا تفعل المطلوب منها.
وقدمت حكومة البلد النفطي قبل سنوات وعدا من أجل العمل على خفض الانبعاثات بنسبة تصل إلى 7.4 في المئة بحلول 2035، لكن لا يوجد ما يوحي بأن ثمة عزيمة للذهاب في هذا المسار.
وقالت المستشارة البيئية سامية الدعيج في تصريحات لوكالة بلومبرغ “نحن في خطر شديد والاستجابة خجولة للغاية ولا معنى لها”.

سامية الدعيج: نحن في خطر والاستجابة خجولة للغاية ولا معنى لها
في المقابل، بدأت السعودية تعمل على تلميع أوراق اعتمادها المناخية وتنويع اقتصاداتها، وتخطط لمدن مستقبلية خالية من السيارات، في حين تسعى دبي وأبوظبي لحظر البلاستيك ومضاعفة الحدائق الخضراء وإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وفي حين أن التعداد السكاني الصغير نسبيا لدول الخليج يعني أن تعهداتهم بخفض الانبعاثات طفيفة في المخطط الكبير للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، فإن لها أهمية رمزية.
ومع ذلك، يبدو أن خطط الحكومة في الكويت، التي يبلغ عدد سكانها 4.3 مليون نسمة، عالقا كما كانت دائما بسبب الضغط الشعبوي في البرلمان ولأن نفس السلطات التي تشرف على محاولة تقليص الانبعاثات الضارة تحصل تقريبا على جميع إيراداتها من ضخ النفط.
وقال النائب حمد المطر مدير لجنة البيئة البرلمانية إن “الحكومة لديها المال والمعلومات والقوى العاملة لإحداث فرق”. وأضاف “إنها لا تهتم بالقضايا البيئية”.
وتستمر البلاد في حرق النفط من أجل الكهرباء وتحتل المرتبة الأولى في العالم من حيث انبعاثات الكربون للفرد. ووفقا لمعهد الموارد العالمية تمثل الطاقة المتجددة أقل من واحد في المئة من الطلب أي أقل بكثير من هدف الكويت البالغ 15 في المئة بحلول 2030. ومن المتوقع أن يبلغ الطلب على الطاقة الكهربائية في الكويت 30 ألف ميغاوات يوميا بنهاية العقد الحالي.
وخارج ضواحي مدينة الجهراء ترتفع توربينات الرياح والألواح الشمسية من السحب الرملية وهي تعتبر ثمرة طموحات تحويل الطاقة في الكويت. ولكن بعد ما يقرب من عقد من الزمن من إنشاء الحكومة حقل الطاقة الشمسية، فإن قطعه تبدو بلا جدوى.
ويقول المهندسون إن مجمع الشقايا للطاقة فاق التوقعات في البداية كونه أول مصنع في الخليج العربي يجمع بين ثلاثة مصادر مختلفة للطاقة المتجددة مما وضع الكويت في الطليعة. وأفاد معهد الكويت للأبحاث العلمية أن مزرعة الرياح تجاوزت طاقتها حيث ولدت 20 في المئة من الطاقة في العام الأول أكثر مما كان متوقعا.
لكن سرعان ما تبخر التفاؤل والزخم وتخلت الحكومة عن السيطرة على المشروع لجذب الأموال الخاصة، وهي خطوة غير مسبوقة أثارت مجموعة متشابكة من الأسئلة القانونية حول كيفية بيع المطورين للكهرباء لمزود الطاقة الوحيد في البلاد.
وبدلا من المضي قدما في نموذج الطاقة الهجين الناجح، كرس المستثمرون بقية المنطقة لإنتاج الطاقة الحرارية الشمسية، وهي أكثر الأنواع تكلفة وأعقب ذلك سنوات من التأخير وإلغاء العطاءات ومنذ ذلك الحين لا يزال مصير المشروع غير مؤكد.
وقال وليد النصار عضو المجلس الأعلى للبيئة والتخطيط والتنمية إن “المسؤولين اتخذوا قرارات خاطئة ولم يكن هناك من اتخذ أي إجراء أو أراد أن يفهم والجميع يقول فلنفعل ما كنا نفعله طوال السبعين عاما الماضية”.
1
في المئة نسبة ما يمثله الطلب المحلي على الطاقة النظيفة وفقا لمعهد الموارد العالمية
كما شابت النزاعات صناعة الغاز الطبيعي، فبينما يتسبب هذا المورد في انبعاثات كبيرة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فإنه يحترق بشكل أكثر نظافة من الفحم والنفط ويمكن أن يلعب دورا كبيرا في مستقبل منخفض الكربون للكويت.
ولا تزال احتياطيات الكويت البالغة 63 تريليون قدم مكعب من الغاز، أي واحد في المئة من الإجمالي العالمي، غير مستغلة إلى حد كبير وحتى الحقول المشتركة مع السعودية في المنطقة المحايدة مغلقة منذ سنوات حيث تنازع البلدان على استخدام الأراضي.
وكثيرا ما يعيق البرلمان الذي يعتبر نفسه مدافعا عن الموارد الطبيعية للكويت ضد الشركات الأجنبية ورجال الأعمال الفاسدين ما يعيق التنقيب عن الغاز. ولطالما سعى المشرعون لتحدي الحكومات المتعاقبة في منح عقود الطاقة المربحة واستدعوا وزراء الطاقة للاستجواب للاشتباه في سوء الإدارة وعرقلة المشاريع الكبرى.
ويحمل البرلمان عباءة الحفاظ على دولة الرفاهية في الكويت معتقدا أن الحكومة تفتقر إلى المساءلة، بينما يتمتع الكويتيون بأرخص أسعار الكهرباء والبنزين في العالم. وتؤكد شريفة الشلفان خبيرة التنمية الحضرية أن هذا أحد أكبر التحديات حيث يُنظر إلى ذلك على أنه حق راسخ لكل كويتي.
ومع الإعانات المالية السخية حتى للأثرياء، يعيش الكويتيون في حالة من التبذير، وقالت الشلفان “ليست لدينا أي تدابير اتخذتها المدن حول العالم لتحفيز الأفراد على تغيير سلوكهم”.
وأغرق الركود الاقتصادي البلاد في أزمة مالية تاريخية وقفز عجز الموازنة أكثر من 35.5 مليار دولار العام الماضي مع انخفاض أسعار النفط. وبينما تتنافس السعودية والإمارات حصص سوق الطاقة المتجددة سريع النمو، يتولى خبراء البيئة الكويتيون دور التثقيف فحسب.
ويقول أحمد طاهر مستشار الطاقة الذي يروج لنموذج اقتصادي جديد يخفض دعم الطاقة في الكويت عبر دعوة مالكي المنازل لشراء أسهم في مشروع للطاقة الشمسية إن “الطاقة المتجددة منطقية أكثر من الناحية المالية”.
وأكد أن الحكومة بحاجة إلى معرفة مقدار الأموال الإضافية حيث يمكن لها ادخارها وتزيد الوظائف، لكن الكويت حاليا تواصل إنتاج النفط وحرقه دون اهتمام بما سيخلفه الاستمرار في هذا النهج على البيئة والنفقات.