سيدات الأعمال العربيات يقفزن إلى صناعة الملابس الرياضية

بدأت المرأة العربية تولي اهتمامها بالقطاعات الصناعية والتجارية التي يحتكرها الرجال في الغالب، حيث اتجهت مؤخرا مجموعة من سيدات الأعمال للاستثمار في مجال الألبسة الرياضية، آخذات في الحسبان خصوصية الثقافة العربية والإسلامية ليقدمن منتجا يليق بتلك الثقافة ويمكّن زبائنهن من الاستمتاع بممارسة الرياضة.
بيروت – لم توقف الأزمة الاقتصادية التي تعصف ببيروت مشاريع نسائية غير مسبوقة، تتمسك صاحباتها بأحلامهن وطموحاتهن لتأسيس أسماء لامعة في عالم الأعمال.
وكانت ناتالي ضو تبحث في متجر أقمشة تحت الأرض في بيروت عن لفافة من القطن الأبيض. وكان العثور على قماش بأسعار معقولة لعلامة الملابس الرياضية الناشئة، التي بعثتها خلال الأزمة الاقتصادية في لبنان، تحديا لرائدة الأعمال البالغة من العمر 36 عاما، وهي واحدة من عدة نساء قررن أن يتّبعن خطوات واسعة في قطاع الملابس الرياضية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وقالت ضو، وهي مصورة محترفة ومدربة رقص كذلك، “كانت لدينا كل هذه العلامات التجارية المستوردة، لكنني أردت أن أفعل شيئا مميزا… شيئا مختلفا”.
وأطلقت علامتها التجارية “نات يوجوال” في أغسطس 2020، بعد أسابيع على انفجار ميناء بيروت المدمر وما يقرب من عام على الانهيار المالي الذي وضع أكثر من ثلاثة أرباع سكان لبنان تحت خط الفقر.
مقابل كل سيدة أعمال، نجد ست نساء أخريات يرغبن في بدء عمل تجاري ولكنهن لا ينجحن في تحقيق هدفهن
وخسرت العملة أكثر من 90 في المئة من قيمتها على مدى السنوات الثلاث الماضية، مما يعني أن الأقمشة المستوردة إما أن ثمنها تضاعف خمس مرات وإما أنها لم تعد متوفرة.
وأدى تفشي ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد إلى تأخير الإنتاج لأشهر وانهيار القطاع المصرفي فعليا، مما أدى إلى قطع التمويل المحتمل عن أعمالها الناشئة.
وقالت ضو لمؤسسة تومسون رويترز “كان وضع خطة عمل مستحيلا. ظللت أفكر، هل يجب أن أفعل ذلك؟ لكن هذه الفكرة كانت في ذهني لمدة عشر سنوات، ولم أعد أرغب في الانتظار أكثر من ذلك”.
وبحثت عن الأقمشة ذات الأسعار المعقولة في جميع أنحاء المدينة، ونشرت أخبار مشروعها من خلال شبكتها لتعليم الرقص، وسعّرت الملابس في البداية بالليرة اللبنانية لجعلها في متناول الجميع.
وصرّحت “كنت أريد تحقيق رؤية علامة تجارية لبنانية مسعّرة بالليرة. ولكن في النهاية، كان حتى الخياط الذي أتعامل معه يطلب الحصول على الأموال بالدولار لأن نفقاته الخاصة قد ارتفعت أيضا. لم يكن لدي خيار آخر”.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كانت خمس فقط من الشركات الرسمية تقودها نساء. ومقابل كل سيدة أعمال، نجد ست نساء أخريات يرغبن في بدء عمل تجاري ولكنهن لا ينجحن في تحقيق هدفهن.
ولطالما كافحت الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقودها نساء في المنطقة للحصول على التمويل الكافي، وفقا للبنك الدولي، الذي قال إن الوضع أصبح “أكثر خطورة” خلال الجائحة.
وواجهت سيّدة الأعمال التونسية فاطمة بن سلطان، التي أطلقت علامة الملابس الرياضية “فيرس” في عام 2019، صعوبة في التوسع بسبب أزمة الائتمان خلال الوباء.
ونالت بعض التمويل من خلال “فلات سيكس لابز تونيزيا”، وهو برنامج مسرع استثماري بدعم من مؤسسة التمويل الدولية التابعة للبنك الدولي، ومن مبادرة تمويل رائدات الأعمال.
وقالت إن “الحصول على تمويل أصبح الآن أكثر صعوبة بكثير من الحصول عليه قبل كوفيد. أحاول فتح متجر رئيسي كبير من طابقين لعلامة فيرس، لكن هذا يستغرق الكثير من الوقت”.
وتركز مؤسسة فيرس على الاستدامة، حيث إن البنطلونات الأكثر مبيعا مصنوعة من زجاجات بلاستيكية معاد تدويرها.
وكانت عناصر أخرى مصنوعة من القطن التونسي المعاد استخدامه، وتصر بن سلطان على الإنتاج بكميات أصغر لتقليل نفايات المنسوجات. وقالت “إنها أغلى بكثير بالنسبة لنا، لأنها ليست اقتصادا واسع النطاق. وللدفع بهذا المنتج الصديق للبيئة، أبقينا أسعار هذه المنتجات منخفضة لتشجيع الناس على شرائها”.
ويبلغ سعر اللباس الداخلي 85 دينارا تونسيا (29.60 دولارا) “أقل بكثير من العلامات التجارية المستوردة من الخارج، والتي تفرض عليها تونس رسوما جمركية تصل إلى 150 في المئة”.
ويبدو أن المشروع نجح، حيث قالت بن سلطان إن إيرادات الشركة تضاعفت ثلاث مرات في العام الماضي.
بالنسبة للمصممة السعودية إيمان جوهرجي، جاء الإلهام من عشقها لممارسة الرياضة في الهواء الطلق.
وقالت الخبيرة المالية السابقة إنها أرادت أن تكون قادرة على الجري وركوب الدراجة في الخارج، لكن الأعراف السعودية المحافظة تعني أن النساء يرتدين العبايات الفضفاضة، مما يجعل التمرين صعبا.
لطالما كافحت الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تقودها نساء في المنطقة للحصول على التمويل الكافي
ولم يكن ارتداء السراويل الضيّقة والقمصان التي توفّرت في مراكز التسوق حلّا. لذلك، صممت جوهرجي “عباية رياضية” لنفسها في 2007.
وكان الثوب الفضفاض المكون من قطعة واحدة مصنوعا من القطن بأكمام طويلة وجيوب وسحابات، وكان باللون الأزرق، بدلا من الجلباب الأسود التقليدي.
وفي المرة الأولى عندما ارتدتها للعدو، حدّق البعض فيها وضحكوا. وقالت جوهرجي، متحدثة عبر مكالمة فيديو من الأستوديو الخاص بها في جدة بالمملكة العربية السعودية، “شيئا فشيئا، انتقلت من كونها مزحة المدينة إلى اتجاه المدينة، وأصبحت العباءة الرياضية زيّا جديدا”.
وتُصنع الآن من أقمشة قطنية وجافة، ويصل سعرها إلى 650 ريالا سعوديا (173.23 دولارا).
وقالت جوهرجي، التي يتم إرشادها كجزء من برنامج الأزياء “100 براند سعودي”، “عندما أرى سيدة تركض أو تركض مرتدية عباءتي، أقول انطلقي يا فتاة!”.
وواصلت تصميم ملابس للمهندسات السعوديات المحترفات اللاتي احتجن إلى التواجد في مواقع البناء أو المصورات اللاتي يحتجن إلى جيوب كبيرة لعدساتهن.
وقالت “أردت أن أعطي النساء المزيد من الوصول إلى الفضاء العام ليقلن إننا هنا، ويمكننا فعل أي شيء”.
وبدأ مصممون آخرون في جميع أنحاء المنطقة في إنتاج العبايات الرياضية، لكن جوهرجي غير منزعجة. وقالت “من الجميل أن تكون محدّدا للتوجهات”.