ارتدادات أزمة شرق أوروبا تصل إلى أسواق الأردن

الحكومة تواجه تحدي حماية الأمن الغذائي والتصدي لارتفاع الأسعار.
الخميس 2022/03/03
قيمة الكوبون لا تكفي رجاء ادفع الباقي نقدا

دفعت الهواجس من احتمال حصول نقص في الإمدادات الغذائية وتداعيات ما يحصل في شرق أوروبا على الأسعار الأوساط التجارية الأردنية إلى التحذير من خروج الوضع عن السيطرة إن لم تجهز الحكومة خططا بديلة تسهم في تفادي أزمة قد تكون على الأبواب.

عمّان - طالت ارتدادات الأزمة الروسية – الأوكرانية الأسواق التجارية الأردنية حين ظهرت في شكل مخاوف من تذبذب إمدادات السلع الاستراتيجية وخاصة في ما يتعلق بالغذاء ما قد ينعكس على الأسعار.

ومع استمرار الأزمة تزامنا مع اقتراب شهر رمضان، يبدي تجار وخبراء اقتصاد أردنيون مخاوفهم من آثار هذا الوضع على الأسعار محليا رغم المخزون الكبير من غالبية السلع الاستراتيجية، خصوصا مادتي القمح والشعير.

وبحسب أرقام رسمية، يستورد الأردن ما يزيد على 80 في المئة من سلّته الغذائية من الأسواق العالمية كل عام لعدم وجود إنتاج محلي أو كفاية منها.

وبدأت مؤخرا أسعار العديد من السلع تشهد ارتفاعا واضحا، بحجة تأثير الحرب على سلاسل الإمدادات، في وقت تستعد فيه الأسواق المحلية لاستقبال شهر رمضان الذي يتميز بخصوصية كما هو الحال في بقية الدول العربية من حيث الطلب الكبير.

إياد أبوحلتم: إذا استمرت أزمة أوكرانيا فسترتفع الأسعار أكثر

وتقول وزارة الصناعة والتجارة والتموين إن الأردن يوفر احتياجاته من القمح والشعير من الأسواق العالمية، وأن روسيا وأوكرانيا من أهم البلدان المصدرة للقمح عالميا.

وبحسب بيانات الوزارة، يبلغ احتياطي البلد من القمح حوالي 1.3 مليون طن، تكفي الاستهلاك المحلي لمدة تصل إلى عام وثلاثة أشهر.

وهذا الرقم أكده رئيس مجلس إدارة الشركة العامة الأردنية للصوامع والتموين أنور العجارمة الأربعاء قائلا إن “مؤشرات المخزون بمستودعات الشركة تلبي احتياجات السوق المحلية لنحو 15 شهرا من القمح، و11 شهرا من الشعير والنخالة”.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى العجارمة قوله في بيان إن “الشركة تعمل على تحديث ممتلكاتها وتنويع مصادر دخلها من خلال مشاريع تتزامن مع التوجيهات الملكية لتضييق الفجوة الغذائية وتعزيز الأمن الغذائي”.

ويكافح الأردن أصلا من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تشمل تحقيق الأمن الغذائي، وتدرك الحكومة أهمية الاكتفاء الذاتي، ولذلك أطلقت منتصف العام الماضي استراتيجية تتعلق بهذا الجانب وهي تمتد حتى نهاية العقد الحالي.

ويؤكد عضو غرفة صناعة الأردن إياد أبوحلتم أن تبعات الأزمة ستؤثر على العالم كله حيث تزود روسيا السوق العالمية بنحو 44 مليون طن سنويا من القمح، في حين أن أوكرانيا خامس دولة مزودة للقمح في العالم بواقع 17 مليون طن.

وأوضح في تصريح لوكالة الأناضول أن دور هذين البلدين لا يقتصر على تصدير القمح، بل لديهما مساهمة كبيرة في تأمين إمدادات الألمنيوم والحديد والمعادن، التي تعد مدخلات إنتاج في السوق الأردنية، حيث بدأت تظهر ارتفاعات أسعارها بشكل واضح في السوق العالمية.

واستبعد أبوحلتم أن تظهر ارتفاعات في الأسعار بشكل كبير خلال شهر رمضان، مرجعا ذلك الأمر إلى أن الكثير من شحنات التجار والمصانع تم التعاقد عليها مسبقا، ومنها ما وصل إلى الأردن بالفعل.

ولكنه مع ذلك أشار إلى أنه في حال استمرت الأزمة الأوكرانية إلى ما بعد شهر رمضان، فستشهد الأسواق هذه الانعكاسات، خصوصا إذا ما استمرت أيضا أسعار النفط التي وصلت إلى 110 دولارات، ومدخلات الإنتاج في منحى صعودي.

وشهدت البلاد شحيحة الموارد خلال الأعوام الماضية، ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة صيفا بسبب موجة الجفاف، التي تضرب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما أدى إلى اختلال واضح في الدورات الزراعية، وتغير في مواقيتها السنوية.

محمد عبيدات: الفوضى التي تشهدها السوق المحلية هذه الأيام مقلقة

وقال رئيس غرفة تجارة الأردن نائل رجا الكباريتي إنه “لن يكون هناك نقص في أي سلعة محليا، حيث أن غالبية التجار تعاقدوا على بضائعهم لشهر رمضان، وبدأوا استيرادها مسبقا وقبل بدء الأزمة”.

وأشار إلى أنه لا يوجد حاليا أي مبرر لارتفاع أسعار أي سلعة، أما مستقبلا، فإن الأسعار تحكمها الظروف والمعطيات العالمية في ذلك الوقت.

أما القمح، فأوضح الكباريتي أن الأردن يستورد غالبية حاجاته من رومانيا، وأنه لا يجد ما يمنع استيرادها حاليا، أما مستقبلا في حال تأثر سلاسل الإنتاج والتوريد فقد تتأثر الأسعار.

وبحسب دائرة الإحصاءات العامة، تبلغ مستوردات الأردن من روسيا وأوكرانيا قرابة 300 مليون دينار (423 مليون دولار) سنويا، أكثر من 71 في المئة منها تتركز في السلع الغذائية الأساسية كالذرة والقمح والشعير.

وقال الخبير في مجال النفط هاشم عقل إن “أسعار الوقود في الأردن ثابتة منذ نوفمبر الماضي رغم الارتفاعات الكبيرة في الأسعار العالمية، حيث ارتأت الحكومة ذلك تخفيفا على المواطنين خلال فصل الشتاء”.

وأوضح أن تراكمات هذا التثبيت والفارق الذي تتحمله الحكومة سيبدأ أثره مطلع أبريل المقبل إذا لم تثبت الحكومة أيضا السعر في ذلك الوقت، مع قدوم شهر رمضان كما جرت العادة كل عام.

ولفت إلى أن هذا سيزيد من قيمة الفارق بين قيمة الواردات والبيع للمستهلك النهائي، والذي يخشى أن يتم عكسه في التسعيرات اللاحقة خلال العام وحرمان المستهلكين من أثر أي انخفاض مستقبلي في السعر العالمي.

وقياسا بالبعض من الاقتصادات العربية، فإن متوسط التضخم الذي يبلغ في الأردن حوالي 1.4 في المئة بحسب صندوق النقد الدولي، يبدو مقبولا رغم ضغوط الأسعار العالمية الآخذة في الارتفاع.

ومع ذلك تحذر جمعية حماية المستهلك من الارتفاعات غير المبررة التي طرأت مؤخرا على أسعار البعض من السلع الأساسية والمواد التموينية ‏وحتى الكمالية، وبعض أنواع الأعلاف خلال الأيام الماضية، بذريعة الحرب.

وقال رئيس الجمعية محمد عبيدات في بيان إن “حالة الفوضى التي تشهدها الأسواق المحلية هذه الأيام تدعو للقلق ‏والخوف، بسبب الارتفاعات المتكررة والمبرمجة على بعض السلع بذريعة حجج واهية من قبل البعض من التجار”.

11