سائقو التوك توك قلقون من الوقود النظيف

بدأ القلق يساور أصحاب سيارات النقل الجماعي والتوك توك أمام مشروع مصري يتعهد بتغيير وسائل النقل العمومي القديمة بأخرى جديدة تعمل بالطاقة النظيفة، ويزداد قلق هؤلاء من خسارة موارد رزقهم بمنع سياراتهم القديمة من الجولان في طرقات القاهرة وعدم التأقلم والاندماج في الخطة الجديدة الصديقة للبيئة.
القاهرة - ينطلق أحمد سمير بخبرة عبر حركة المرور في القاهرة في سيارته التوك توك، ويكسب رزقه الضئيل من خلال نقل المصريين حول المدينة الضخمة الفوضوية في الناقلة ذات العجلات الثلاث.
روتين سمير اليومي في القاهرة قد يتوقف بشكل مفاجئ في إطار خطة حكومية طموحة لجعل شوارع القاهرة أكثر خضرة، فقبل استضافة مؤتمر المناخ كوب 27 هذا العام، أعلنت الحكومة عزمها البدء في التخلص من جميع ناقلات التوك توك التي تعمل بالوقود في السنوات المقبلة وجعل أشكال النقل العام الأخرى أكثر صداقة للبيئة.
ويخشى السائقون أن يكون إنقاذ الكوكب على حسابهم. وقال سمير البالغ من العمر 21 عاما، الذي يكسب 150 جنيها مصريا (10 دولارات) يوميا بعد ثماني سنوات من عمله في تاكسي التوك توك، “ليس لدي أي عمل آخر والتوك توك هنا هو وسيلة التنقل الوحيدة للكثير من الناس”.
في نوفمبر، قالت وزارة المالية المصرية إنها ستحظر استيراد قطع غيار التوك توك الاحتياطية وهي خطوة أولى لدفع الملايين من السائقين إلى استخدام الميني فان التي تعمل بالغاز الطبيعي.
لكن سائقي سيارات التوك توك يخشون الفشل في اختبارات سياقة مثل هذه السيارات المرخصة أو في جمع الأموال لتغطية تكلفتها مقدما، على الرغم من القروض الحكومية الميسرة المعروضة. كما أن شوارع المدينة القديمة ليست مصممة للشاحنات الحديثة.
مشروع لتغيير 250 ألف سيارة قديمة بأخرى جديدة تعمل بالغاز الطبيعي لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
وقال سمير “هذا يعني خسارة وظائف للكثيرين منا ولا بديل عن تنقل الناس هنا. كيف يمكن لسيارة ميني أن تدخل هذه الأزقة الضيقة؟”.
ويخشى سائق آخر، هشام علي البالغ من العمر 54 عاما، أن يفقد كل مصادر رزقه في حال المضي قُدما في الخطة.
وقال علي “كيف يمكن لشخص مثلي أن يتحمل شراء حافلة صغيرة لا تقل تكلفتها عن 100 ألف جنيه؟”.
وظهر التوك توك لأول مرة في شوارع مصر منذ حوالي 16 عاما، وبلغ مجموع هذه المركبات حوالي 6 ملايين بحلول 2015، وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن شركة الاستشارات إن غايج.
ولا توجد قوانين تقيد عمل السائقين ومعظمهم غير مسجلين. وفي 2017، كان هناك 125275 توك توك مرخصا فقط في جميع أنحاء مصر، منها أربعة فقط في القاهرة، وفقا لوكالة الإحصاء الرسمية في البلاد.
السيارات ذات الإطارات المفتوحة هي وسيلة فعالة ورخيصة للتنقل في متاهة شوارع القاهرة وتجاوز السيارات في حركة المرور سيئة السمعة، لكن الحوادث المتكررة أثارت دعوات إلى حظرها.
وليس استبدالها سوى جزءا واحدا من برنامج أوسع لتحديث نظام النقل في مصر، والتخلي عن عدد كبير من السيارات الخاصة والحافلات التي تستهلك الكثير من الوقود واستبدالها بسيارات جديدة أكثر مراعاة للبيئة. وبالنظر إلى حجم وطموح مثل هذا التحول، لا تتوقع الحكومة أن تستمر مركبات التوك توك حتى 2027.
ومن المقرر أن تستمر عملية إصلاح النقل بالكامل حتى 2030.
وتريد الحكومة تشجيع مبادلة ما يصل إلى 250 ألف سيارة مضى عليها أكثر من 20 عاما بسيارات جديدة تعمل بالغاز الطبيعي لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. وتخطط السلطات لاستبدال الميكروباصات وسيارات الأجرة وحتى السيارات الخاصة بدعم يصل إلى 1.2 مليار جنيه. ومن المقرر أن يستمر هذا التحول حتى 2030.
وللتشجيع على شراء السيارات الجديدة، ستُعرض على المصريين قروض بفائدة 3 في المئة، تُدفع على فترة تصل إلى 10 سنوات. وتشمل المرحلة الثانية المدعومة تحويل السيارات التي تعمل بالغاز إلى سيارات تعمل بالغاز الطبيعي أو وقود مزدوج.
أما بالنسبة إلى عربات التوك توك، فستوفر السلطات شاحنات صغيرة جديدة للسائقين المرخصين بأسعار مدعومة وقروض مُيسّرة، حسبما قال أحمد عبدالرازق، المتحدث باسم مبادرة الحكومة. وأضاف “ستُقدّم تسهيلات واسعة لسائقي التوك توك بالنظر إلى وضعهم الاقتصادي”.
وقالت يمنى الحماقي، أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس، توجد حاجة للمزيد من البحث لإنجاح الخطة.
وتابعت، “قبل اتخاذ القرار، يجب إشراك الأطراف المعنية مثل السائقين أنفسهم وجميع العاملين في الصناعة. وعلى الحكومة أن تأخذ في الاعتبار أيضا أن التوك توك يوفر وسيلة نقل لسكان الأحياء العشوائية. وأخيرا ينبغي إجراء دراسة حول تأثير القرار على العمال وأصحاب الأعمال المشاركين في عمليات الاستيراد والتجميع والتصنيع والصيانة”.
ويمضي محمد إبراهيم أكثر، حيث عدم وجود التوك توك يعني غياب الحاجة إلى إصلاحاته مما يؤثر بشكل خطير على العمل في متجر الميكانيكا الذي يمتلكه.
وقال “كان على الحكومة أن تدرس من يخسر من هذا القرار وتعوضهم”.
ويشعر المسافرون بالقلق من تداعيات الخطة أيضا، حيث تستقل الموظفة نجوى سيد التوك توك كل يوم ولا تستطيع تحمل تكاليف التنقل بسيارة أجرة بـ20 جنيها.
وقالت “أنا أدفع 5 جنيهات فقط. ولولا التوك توك، لكنت أدفع الكثير من المال شهريا أو ألجأ إلى المشي كل هذه المسافة”.
وتُظهر المعضلة الصعوبات التي تواجهها الحكومات في سعيها من أجل جعل اقتصاداتها الصديقة للبيئة ولكن دون أن تترك الناس وراءها.
وقال حسن أبوالنجا، الباحث في تغير المناخ والتنمية المستدامة في الجامعة التقنية في كولونيا، إن الكربون وثاني أكسيد الكربون ينبعثان من التوك توك.
وقال إن الحظر “قرار سليم عندما يتعلق الأمر بخطة مصر لمكافحة تغير المناخ وتقليل انبعاثات الكربون، لكن سيكون له تأثير اجتماعي سلبي على جميع المعنيين”.
وبدلا من ذلك، اقترح أن تحتفظ الحكومة بعربات التوك توك الحالية وأن تدعم تلك الجديدة التي تعمل بالغاز الطبيعي أو الطاقة المتجددة، مما يعكس المقايضة التي أجرتها الهند في 1998. وقال “يجب أن يأتي قرار استبدال التوك توك بسياسة وحوافز”.