الرئيس التونسي يتعهد بعدم التدخل في القضاء

تونس - تعهد الرئيس التونسي قيس سعيّد بعدم التدخل في القضاء، نافيا في ذات الوقت أن تكون لديه نوايا لجمع السلطات، وذلك غداة إعلانه حل المجلس الأعلى للقضاء في خطوة واجهت انتقادات من خصومه.
وقال سعيّد في كلمة له خلال لقائه رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالقصر الرئاسي مساء الاثنين، إن "مشروع حل المجلس الأعلى للقضاء جاهز وستتم مناقشته، وسأعيد قراءة مشروع القرار لإضافة تعديلات إن اقتضى الأمر".
وأضاف "أريد أن أطمئن الجميع في تونس وخارج تونس أنني لن أتدخل في القضاء أبدا. وأنني لم ألجأ إلى الحل إلا لأنه صار ضرورة".
وجدد سعيّد تشديده على أن "عمل القضاء هو وظيفة في الدولة التونسية، وليس من دوره التشريع (أي أنه لا يسن القوانين بل يعمل بها)".
وأكد أن "قرار الحل جاء لتطهير البلاد (من الفساد)، والتطهير لا يتم إلا بوجود قضاء عادل، الجميع متساوون أمامه، ليس كما يحصل اليوم حيث لا عقاب للمجرمين والبعض محتم بأفراد تسللوا داخل السّلطة وداخل القضاء".
وأضاف "هذا المجلس تم الاختيار عليه وعلى أعضائه، بل وترتيبهم للوصول إلى الحلول التي تم التوصل إليها في الفترة الماضية".
ورغم أن قرار حل المجلس الأعلى للقضاء قوبل بترحيب كبير من الشارع التونسي، إلا أنه لقي رفضا من قبل القضاة في تونس الذين يرون في القرار وسيلة لتقويض استقلالهم.
وكان الرئيس التونسي أعلن ليل السبت/الأحد خلال اجتماع في وزارة الداخلية حلّ المجلس الأعلى للقضاء، متّهما هذه الهيئة بالفساد وبإبطاء التحقيقات في اغتيال ناشطين يساريين عام 2013.
والمجلس الأعلى للقضاء مؤسسة دستورية "ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية"، حسب الدستور، ومن بين صلاحياته اقتراح الإصلاحات الضرورية في مجال القضاء.
ويتكون المجلس الذي استحدث عام 2016 من 45 عضوا بين قضاة ومتخصصين في القانون. وكان سعيّد قرر في خطوة أولى في التاسع عشر من يناير الماضي حذف المنح والامتيازات المالية لأعضاء المجلس.
وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء في تونس يوسف بوزاخر الاثنين إن قوات الشرطة أغلقت أبواب المجلس بأقفال حديدية ومنعت الموظفين من دخوله.
وأكد مصدر أمني من أمام مقر المجلس الأعلى للقضاء في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء، أن الشرطة لم تتول إغلاق المجلس. كما أنه لم يتم منع الموظفين من الدخول.
وأضاف ذات المصدر أنهم يقومون بتأمين المقر بحكم أن المجلس مؤسسة دستورية، وذلك إثر الدعوات الأخيرة إلى التظاهر والاعتصام أمامه.
وخلال كلمته مساء الاثنين، نفى الرئيس التونسي أن تكون لديه نوايا لتجميع السلطات، ولكنه يرفض "دستورا كاللباس أو الحذاء على مقاس من وضعوه".
وطرح الرئيس التونسي بعد إعلانه التدابير الاستثنائية وتعليق العمل بدستور 2014، خارطة طريق سياسية تبدأ باستشارة وطنية إلكترونيا حتى مارس، ثم استفتاء شعبي في يوليو حول الإصلاحات السياسية، تعقبه انتخابات برلمانية في ديسمبر المقبل.
وذكر سعيّد قبل أسبوع أن النتائج الأولية للاستشارة كشفت عن أن 82 في المئة يفضلون نظاما رئاسيا وأن 89 في المئة ليست لديهم ثقة في القضاء.
ولا تحظى خارطة الرئيس التونسي بإجماع لدى الأحزاب والمنظمات. ويتهمه خصومه بالتدبير لانقلاب على الديمقراطية، بينما يؤكد سعيّد أن هدفه التصدي للفساد والفوضى المتفشية في مؤسسات الدولة.