الاتحاد الأوروبي يربط استقرار منطقة الساحل بتحقيق الاستقرار في ليبيا

روما - شدّد الاتحاد الأوروبي على أن تحقيق الاستقرار في ليبيا يرتبط باستقرار في منطقة الساحل، حيث تتواجد جماعات مسلحة، منتسبة غالبا إلى منظمات إرهابية، تعمل على إدامة الأزمات وخلق مناخ سياسي متوتر، فضلا عن تزايد منسوب الهجرة غير النظامية ونشاط شبكات الاتجار بالبشر.
وقالت المبعوثة الخاصة للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل إيمانويلا ديل ري إنه "دون استقرار ليبيا لن يكون هناك استقرار في منطقة الساحل، ودون استقرار منطقة الساحل، لن تستقر ليبيا".
وأضافت ديل ري خلال لقاء مع قائد عملية إيريني الأوروبية الأدميرال ستيفانو توركيتو بمقر العملية في العاصمة روما "منطقة الساحل يمكن اعتبارها الحدود الجنوبية الحقيقية لأوروبا، المنطقة بالقارة السمراء التي تتميز بأزمات مختلفة كما هو الحال في مالي وبوركينا فاسو وتشاد، حيث تتواجد جماعات مسلحة، منتسبة غالبا إلى منظمات إرهابية".
وأشارت ديل ري إلى انتشار شركات أجنبية أمنية بالمنطقة، مثل مجموعة فاغنر الروسية، قائلة إنها "نشطة للغاية، وتقوم بتوسيع نفوذها".

وشدد توركيتو على أهمية مقاربة الاتحاد الأوروبي في المنطقة، وعلى مدى الترابط بين ليبيا والساحل، قائلا “يريني تعني باليونانية السلام، والسلام هو التأثير الذي نسعى له في ليبيا ومنطقة الساحل بأكملها، وتؤيد العملية تنفيذ قرارات الأمم المتحدة وتوفير الاستقرار والأمن في وسط البحر المتوسط وشمال أفريقيا والساحل".
وتقدمت ديل ري بالشكر لعملية إيريني "الضرورية لتحقيق مثل هذه الأهداف المشتركة والصعبة ويقودها بشكل مثير للإعجاب قائد عملياتها، كما أنها تمثل نشاطا من الدرجة الأولى للاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء".
وتواجه جيوش دول الساحل ودول أوروبية عدة منخرطة في مكافحة التطرف في المنطقة، بينها فرنسا، هجمات متزايدة تشنها فصائل مسلحة عدة.
وفي وقت سابق، وصف رئيس النيجر محمد بازوم ضعف وسائل مكافحة الاتجار بالأسلحة انطلاقا من ليبيا، لتسليح فصائل متطرفة تنشط في منطقة الساحل، بأنه "خطأ فادح".
واعتبر بازوم أن دول الساحل "بحاجة إلى دعم أكثر تكيفا من شركائها يتمحور حول الاستخبارات والإسناد الجوي وتعزيز قدرات جيوشها".
وتابع "على صعيد الاستخبارات، الخطأ الفادح الذي يرتكبه الشركاء هو ضعف الانخراط في مكافحة الاتجار بالأسلحة انطلاقا من ليبيا، على الرغم من أنه العامل الأهم على صعيد نشر هذا الإرهاب"، لافتا "مخزون الإرهابيين من بعض هذه الأسلحة يفوق مخزون القوات النظامية منها، فضلا عن قاذفات الصواريخ المضادة للدروع ‘آر.بي.جي’ ورشاشات ‘إم – 80’ الأكثر استخداما في هذه الحروب".
وفي مواجهة انعدام الأمن في منطقة تشهد أعمال عنف تمارسها جماعات متطرفة، قال رئيس نيجيريا محمدو بخاري إن عدم الاستقرار في ليبيا يؤثر على جميع دول منطقة الساحل، بما في ذلك بلاده.
وأضاف مستشاره الرئاسي فيمي أديسينا في بيان له عقب محادثات بين بوخاري والمبعوث الخاص للرئيس التشادي إدريس إيتنو ديبي "إن نيجيريا تقدر الدعم الذي تحصل عليه في معالجة انعدام الأمن من الدولة المجاورة".
وأوضح بوخاري قائلا "نحن على علم بمشكلة تشاد مع ليبيا، التي تدعم بعض المتمردين التشاديين الذين يحاولون زعزعة استقرار البلاد”، مضيفا “عندما قُتل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، هرب المسلحون بأسلحتهم، وهم يعيثون الفوضى في كل مكان الآن".
ويعتبر موقف رئيس نيجيريا تأييدا لدعوة نظيريه التشادي إدريس ديبي والنيجري محمدو إيسوفو فرنسا لإصلاح في منطقة الساحل ما أفسدته في ليبيا من خلال التسبب في سقوط القذافي العام 2011.
فضلا عن المخاطر الأمنية المتصاعدة بسبب انتشار الجماعات المسلحة تنامى منسوب رحلات الهجرة غير النظامية من دول الساحل نحو أوروبا عبر ليبيا كنقطة عبور
وفضلا عن المخاطر الأمنية المتصاعدة بسبب انتشار الجماعات المسلحة، تنامى منسوب رحلات الهجرة غير النظامية من دول الساحل نحو أوروبا، عبر ليبيا كنقطة عبور، وهو ما ساهم في تفاقم الأزمات، وزاد من حدة التهديدات المستهدفة للاستقرار في ليبيا.
وذكر تقرير سابق لمركز كارنيغي للأبحاث أن عجز ليبيا عن السيطرة على حدودها يتسبب بمشاكل كبيرة بالنسبة إلى جميع جيرانها، مشيرا إلى أن تهريب الأسلحة والبشر الذي يعبر الأراضي الليبية، يتدفق بحرية إلى حد ما من جميع أنحاء المغرب العربي، بفضل الجماعات العرقية وعلاقاتها الوثيقة بشبكات الإجرام المنظَم، والتي تعمل على ربط المنطقة بعضها ببعض.
ويعتبر الجنوب الليبي ممرا مهما لتهريب الأسلحة وتجارة البشر، كما أنه بات إحدى أهم منافذ توريد الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا؛ إذ تعمل عصابات منظمة على جلب المهاجرين غير الشرعيين من دول أفريقية، وإيصالهم إلى منافذ بحرية عدة بطرابلس وزوارة وتاجوراء، ما يهدد أمن واستقرار القارة الأوروبية.
وفي وقت سابق شددت نائبة وزير الخارجية الإيطالي ديل ري على أن تحقيق الاستقرار في منطقة الساحل الوسطى هو أولوية استراتيجية لإيطاليا، بالنظر إلى موقعها الجغرافي الذي يربط أفريقيا جنوب الصحراء بحوض البحر المتوسط.