خطوط الوشم الملونة ستصبح في ذمة التاريخ

يفرض الاتحاد الأوروبي قيودا صارمة على ألوان الوشم حفاظا على صحة المستخدمين؛ فالألوان الوحيدة التي ستكون متاحة هي الأسود والرمادي والأبيض.
هامبورغ (ألمانيا) - ما إن تدخل أستوديو الفنان سبستيان ماكوفسكي الكائن مقره في هامبورغ، حيث يبتكر لزبائنه أشكالا متنوعة من الوشم، حتى تطالعك العشرات من زجاجات الألوان الصغيرة المصطفة على الأرفف.
غير أن التصميمات التي يبدعها ماكوفسكي في طريقها إلى التغيير بسبب قواعد جديدة تم إعلانها، حيث حظر الاتحاد الأوروبي الكثير من المكونات التي تحتوي عليها معظم أحبار الوشم.
وبمقتضى القرار الجديد لم يعد استخدام الكثير من الظلال التي يستعملها ماكوفسكي مسموحا به. ويدير ماكوفسكي “أقدم صالون للوشم في ألمانيا”، الكائن في ضاحية سان بول ذات السمعة السيئة في هامبورغ.
وهو يشكو من تعرض نشاط عمليات الوشم للخسائر، أولا بسبب جائحة كورونا التي أدت إلى إغلاق الكثير من الصالونات، ثم “ظهور هذه القيود الجديدة على استخدامات ألوان الوشم”.
ولا يعلم الكثير من فناني الوشم ما هي الألوان التي يمكن استخدامها حاليا. وتم تطبيق القيود التي تحظر استخدام الآلاف من المواد في مختلف دول الاتحاد الأوروبي اعتبارا من الرابع من يناير الجاري. ويقول الاتحاد الأوروبي إن هذه المواد الكيميائية تترتب عليها آثار خطيرة، وبعضها لم يخضع بشكل كاف لإجراءات البحث العلمي.
واعتبارا من الشهر الحالي ستنتهي فترة السماح باستخدامها، بعد أن اتخذ قرار حظرها عام 2020. ومن جانبها تقول المفوضية الأوروبية إن الهدف ليس حظر نشاط الوشم من حيث المبدأ، وإنما تعمل الوكالة الأوروبية للكيماويات على “جعل الأحبار المستخدمة في الوشم ومستحضرات التجميل الدائمة آمنة بدرجة أكبر”.
ومن المقرر فرض المزيد من القيود على نشاط الوشم في غضون عام، عندما يحظر الاتحاد الأوروبي عددا من الأصباغ الخضراء والزرقاء اعتبارا من 2023، لأنه لم تثبت سلامة هذه المنتجات، بينما تقول الوكالة الأوروبية للكيماويات إنه يشتبه في أن تكون هذه الأصباغ محتوية على مواد مسرطنة. لذلك سيتم حظر معظم أحبار الوشم المستخدمة حاليا، خاصة الأحبار ذات الألوان.
الألوان الوحيدة المتاحة في السوق لخطوط الوشم، والمتماشية مع لوائح الاتحاد الأوروبي، هي الأسود والرمادي والأبيض
والألوان الوحيدة المتاحة في السوق، والمتماشية مع لوائح الاتحاد الأوروبي، هي الأسود والرمادي والأبيض.
ويرى ماكوفسكي أن هذا القرار “يرقى إلى مرتبة حظر مزاولة المهنة، وهو يثير الإحباط بدرجة كبيرة، ونحن نشعر بأنه تم التخلي عنا خاصة من جانب السياسيين”.
ولدى هذا الفنان تفهم كبير لمدى أهمية تطبيق معايير السلامة والنظافة الصحية المتعلقة بالأصباغ، غير أنه يعرب عن عدم رضاه عن الطريقة التي يتم بها تطبيق اللوائح الجديدة.
ويعرب كريستوف ليبيتش الطبيب المختص في الأمراض الجلدية بميونيخ عن وجهة نظر أكثر حذرا؛ إذ يقول إن “الكثير من الألوان المستخدمة في الوشم بالسوق ليست آمنة بشكل واضح”، ويضيف أن “الكثير منها لم يتم اختبارها بدراسات سريرية، وهذا يعني أن أصباغ الوشم يمكن ان تؤدي إلى الإصابة بالحساسية، إلى جانب احتمال الإصابة بالسرطان”. ويؤكد الطبيب أن قرار حظر الكثير من المواد المستخدمة في أصباغ الوشم خطوة “صحيحة تماما”.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أن عمليات الوشم أصبحت من الاتجاهات المجتمعية الشائعة في أوروبا، حيث يضع واحد من كل خمسة أشخاص نوعا من الأشكال الفنية على جسمه، وبالتالي فإنه من المرجح أن تثير القواعد الجديدة قلق الكثيرين.
ومن ناحية أخرى يقول ماكوفسكي إن “الفترة الماضية شهدت اندفاع البعض من الأشخاص إلى حجز مواعيد لدى صالونات الوشم للإسراع في وضع هذه الأشكال الفنية على أجسامهم قبل تطبيق القواعد الجديدة”.
وتوقع ولفجانغ باوملر، أستاذ علاج الأمراض الجلدية التجريبي والخبير في الوشم بمستشفى جامعة رجنسبرغ، حدوث موجة من الفوضى في مشهد عمليات الوشم، بعد تطبيق القواعد”.
ويدور السؤال الآن حول ما إذا كانت خطوط الوشم الملونة ستصبح في ذمة التاريخ؟ ويرد مراقبون على هذا التساؤل بالنفي، ويعربون عن اعتقادهم بأن المنتجين سيطرحون في السوق مجموعة من الألوان كاملة وجديدة، وتتوافق مع اللوائح رغم احتمال وجود فترة من الوقت تختفي فيها المواد اللازمة للوشم من السوق.