القيود السياسية تقوض قدرة الكويت على معالجة الاختلالات الاقتصادية

فيتش تخفض التصنيف الائتماني للكويت وتحذر من تداعيات الانقسامات السياسية على معالجة المشكلات الهيكلية.
الجمعة 2022/01/28
مساع حكومية لإصلاحات هيكلية للاقتصاد

الكويت - خفّضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الخميس تصنيف الكويت من “أ أ” إلى “أ أ +” مع نظرة مستقبلية مستقرة، مشيرة إلى أن “القيود السياسية المستمرة” تقوض قدرة الإمارة الخليجية الغنية بالنفط على معالجة المشكلات الهيكلية.

وقالت فيتش إن اعتماد الكويت الكبير على إنتاج النفط ونظام رفاهية واسع للمواطنين وقطاع عام كبير إنما هو من القضايا الهيكلية التي تحتاج إلى معالجة.

ويأتي تخفيض التصنيف الائتماني من قبل فيتش على الرغم من تقييم الوكالة لمركز صافي الأصول السيادية الخارجية للكويت بما يتجاوز 500 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو الأعلى بين جميع الدول التي تصنفها الوكالة ويعادل عشرة أمثال متوسط الدول ذات التصنيف “أ أ”.

وقالت فيتش إن “هناك غيابا لإصلاح مالي أساسي ذي مغزى للتعامل مع صدمات أسعار النفط الأخيرة، ولا تزال آفاق الإصلاحات ضعيفة، على الرغم من بعض التطورات السياسية الإيجابية في إطار الحوار الوطني”، الذي دعا له أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بين الحكومة والبرلمان.

70 في المئة على الأقل من ميزانية الكويت يجري إنفاقها على النفقات الثابتة مثل الرواتب والدعم

وتحاول الكويت منذ سنوات إقرار قانون للدين العام يسمح لها بالاقتراض من الأسواق الدولية وإصدار سندات، لكن البرلمانات المتعاقبة أعاقت إتمام هذه الخطوة.

وتسعى الحكومة الجديدة التي تم تشكيلها الشهر الماضي، وهي الثالثة في عام 2021، إلى المضي قدما في إصلاحات هيكلية للاقتصاد.

وقالت الوكالة “بينما نفترض أنه سيتم إقرار قانون الدين العام في سنة 2022، إلا أن هذا الأمر تتم مناقشته منذ 2017، وهو ما يعكس بطء عمليات صنع القرار في الكويت”.

وأشارت إلى أن هناك بعض الغموض الذي لا يزال يكتنف تمرير القانون، وقد يؤدي ارتفاع أسعار النفط إلى إبطاء عملية اتخاذ القرار.

وأعرب الباحث الاقتصادي الكويتي ميثم الشخص عن استغرابه من اعتماد الوكالات على إقرار قانون الدين العام أو عدم إقراره في البرلمان “كمعيار أساسي” في التصنيف الائتماني للكويت، معتبرا أن الملاءة المالية للبلاد عالية جدا، لاسيما في أصولها السيادية. وقال إن ارتفاع أسعار النفط “سوف يعزز من سيولة الدولة سريعا”.

وأضاف الشخص أن الكويت إذا ذهبت إلى الأسواق الدولية لإصدار سندات بعد إقرار قانون الدين العام، “فسوف ينجح الاكتتاب بدرجات عالية لأن سمعة الكويت في السداد مرتفعة جدا وتفوق هذه التصنيفات”.

وأطلق أمير الكويت العام الماضي حوارا وطنيا بين الحكومة والبرلمان الذي تغلب عليه الأصوات المعارضة، بهدف كسر الجمود السياسي في البلاد، لكن هذا الحوار سرعان من انتكس بعد انسحاب نائبين من المعارضة.

Thumbnail

وقالت الوكالة “حتى من دون قانون للدين العام، ستظل الحكومة قادرة على الوفاء بالتزاماتها التمويلية، ومع ذلك فإن العقبات أمام تمرير القانون والجمود المؤسسي يجبران الحكومة على الاعتماد على إجراءات مؤقتة، وهو أمر غير معتاد في مستوى تصنيف الكويت”.

وتوقعت الوكالة أن ترتفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعا حادا في الكويت، لتصل إلى حوالي خميسن في المئة “على المدى المتوسط”، من حوالي عشرة في المئة حاليا، في حال إقرار قانون الدين العام.

وقالت فيتش إن الكويت تنفق أكثر من سبعين في المئة من ميزانيتها على “النفقات الثابتة” مثل الرواتب والدعم، في بلد توظف فيه الدولة قرابة ثمانين في المئة من المواطنين.

وأضافت الوكالة “نتوقع أن يتسع عجز الميزانية إلى 2.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2022، و5.7 في المئة في السنة المالية 2023، مع تراجع أسعار النفط واستمرار ضغط الإنفاق وبقاء التقدم في الإصلاحات المالية محدودا”، وتابعت أنها لا تتوقع إقرار ضريبة القيمة المضافة “في السنوات القليلة المقبلة”.

وقال ميثم الشخص إن الحكومة شكلت فريقا للعمل على تحسين التصنيف الائتماني للكويت، وهذا الفريق سيكون عليه العمل بجهد مضاعف لإقناع الساسة ونواب البرلمان بشكل خاص بخطوات تحسين هذه التصنيفات.

ويشكك كثيرون في إمكانية أن تتمكن الحكومة من إقناع النواب، الذين يصرون على ربط إقرار قانون الدين العام بإصلاحات جوهرية تتضمن محاربة الفساد والهدر.

3