هل ينجح بوتين في فرض شروطه ومنع انضمام دول جديدة إلى الناتو

تراجع حلف الأطلسي في أوكرانيا يعزز طموحات روسيا والصين.
الأحد 2022/01/23
المفاوضات بشأن أوكرانيا تتعثر

معركة لي ذراع تدور رحاها بين دول حلف شمال الأطلسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يريد أن يحصل على تعهد من الناتو بمنع عضوية دول جديدة مثل أوكرانيا، وأي تراجع من الحلف سيعني تعزيز طموحات روسيا والصين لإجبار دول صغيرة على البقاء تحت مظلتيهما.

نيويورك - قبل اجتماع الجمعة بين وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ونظيره الروسي سيرغي لافروف، كانت المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة وأوروبا قد وصلت إلى طريق مسدود بشأن مطلب روسيا بأن يوافق حلف شمال الأطلسي (الناتو) على عدم السماح بقبول أي أعضاء جدد. ورفض إدارة بايدن وقادة أوروبا لمثل هذه الشروط يحمل في طياته خطر توفير مبرر للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لغزو أوكرانيا.

وتعهد بلينكن بمواصلة المفاوضات مع روسيا بشأن الوضع المتوتر على الحدود الأوكرانية، مؤكدا أن الولايات المتحدة سترسل قريبا ردودا مكتوبة إلى روسيا للرد على مخاوفها، في حين انتقد لافروف ما وصفه بهيستيريا الغرب تجاه أوكرانيا مؤكدا أنه لا نية لدى موسكو لغزو جارتها.

وقال بلينكن عقب الاجتماع “إذا كانت روسيا تريد أن تبدأ في إقناع العالم بأن ليس لديها نية عدوانية تجاه أوكرانيا، فإن أفضل شيء للبداية هو عدم التصعيد”. واتفق الجانبان على أنه يجب أن تسير المفاوضات في مناخ أقل انفعالا، وذلك على الرغم من تصريح لافروف بأنه لا يستطيع أن يقول ما إذا كانت المحادثات بينهما تسير على الطريق الصحيح أم لا.

وأشارت بلومبرغ إلى أنه يبدو أن الاجتماع جاء لكسب بعض الوقت من قبل الطرفين لمواصلة الجهود الدبلوماسية وسط تحذيرات متزايدة من الرئيس الأميركي جو بايدن بأن روسيا ربما تخطط لغزو وشيك لأوكرانيا بعد حشدها لنحو 100 ألف جندي بالقرب من حدود البلاد.

وذكر مقال افتتاحي لوكالة بلومبرغ للأنباء أنه رغم خطورة الموقف، سوف يكون الخضوع لابتزاز بوتين أمرا أسوأ. فلطالما اتهم بوتين الناتو بمحاولة “تطويق” روسيا بتوسيع نطاق الحلف عبر الامتداد حتى حافة أراضيها. وفي حقيقة الأمر، هناك حتى الآن خمس دول فقط من الدول الأربع عشرة المجاورة لروسيا أعضاء في الناتو، مما يغطي فقط 6 في المئة من الحدود الروسية. ولم يضف الناتو سوى دولتين إلى عضويته خلال العقد الماضي هما مونتينيغرو (الجبل الأسود) في عام 2017 ومقدونيا الشمالية في عام 2020، ولا يمثل أي منهما تهديدا للمصالح الحيوية الروسية.

على بايدن دعم القيادات في فنلندا والسويد وتبني مقترحات لسرعة تمتع الدولتين بعضوية الناتو في حال قيام روسيا بغزو أوكرانيا
على بايدن دعم القيادات في فنلندا والسويد وتبني مقترحات لسرعة تمتع الدولتين بعضوية الناتو في حال قيام روسيا بغزو أوكرانيا

وصدر عن الناتو في عام 2008 وعد غير ملزم بإمكانية أن تصبح أوكرانيا وجورجيا ضمن أعضائه في نهاية المطاف، ولكنه لم يقدم لهما ما يعرف بخطة عمل للعضوية، وهي خطوة ضرورية لتعزيز عملية الانضمام. ورغم ذلك، يريد بوتين ضمانات مكتوبة بأن الحلف سوف يتخلى عن المزيد من التوسع وأنه سوف يحد من عمليات انتشار القوات والأسلحة في دول أوروبا الشرقية الأعضاء فيه. وأثناء الاجتماعات مع المسؤولين الأميركيين بهدف نزع فتيل تصعيد الموقف في أوكرانيا، ظلت روسيا على إصرارها بأنها تعتبر أي ذكر لتوسع الناتو أمرا غير مقبول.

وفي مؤتمر صحافي للرئيس الأميركي جو بايدن يوم الأربعاء الماضي قال إن عضوية أوكرانيا في الناتو أمر “غير مرجح للغاية” على المدى القريب، في ضوء حجم المزيد من العمل الذي يتعين على أوكرانيا القيام به لتعزيز مؤسساتها الديمقراطية. كما ألمح إلى أن هناك اختلافا بين الدول الأعضاء الحالية بشأن هذا الأمر.

وذكرت بلومبرغ أن تصريحات بايدن ربما تعكس الواقع تماما، لكنها رغم ذلك تعتبر تصريحات غير مدروسة، إذ أنها تنقل صورة عن ضعف الحلف وتفككه في وقت يتعين فيه أن يكون حازما.

ووفقا لمعاهدة الباب المفتوح الخاصة بالناتو، تحظى الدول بالحق السيادي للسعي للانضمام إليه إذا اختارت ذلك. وترجع معارضة بوتين لتوسع الناتو إلى حنينه للاتحاد السوفييتي ورغبته في إعادة ترسيخ السيطرة الروسية على الدول السوفييتية السابقة.

وترى بلومبرغ أن منحه أي حق في إبداء الرأي بشأن حجم وشكل الناتو مقابل سحب قواته من على حدود أوكرانيا سيكون خطأ استراتيجيا كارثيا، إذ أن هذا سوف يمزق أوصال المصداقية الغربية؛ فتسليم أوكرانيا إلى مجال النفوذ الروسي والتخلي عن الدول أعضاء الناتو الواقعة في المحيط الروسي، مثل دول البلطيق، أمر أكثر خطورة أيضا.

وتقول بلومبرغ إن هذا سوف يؤدي أيضا إلى استقواء الصين وقيامها بتكثيف حملات الترهيب ضد الدول الأصغر لانتزاع تنازلات أمنية من الولايات المتحدة.

وذكرت الوكالة أنه يتعين على المسؤولين الأميركيين والأوروبيين التأكيد على أنه رغم أن الناتو لا يعزز بصورة نشطة ترشيح أوكرانيا للانضمام إلى الحلف، لن يتم إلغاء مثل هذه العملية بناء على طلب بوتين، وأن القرارات المستقبلية بشأن توسع الحلف سوف تعتمد على تصرفات روسيا تجاه الدول المجاورة لها.

وأكدت على أنه يتعين على بايدن دعم القيادات في فنلندا والسويد وتبني مقترحات لسرعة تمتع الدولتين بعضوية الناتو في حال قيام روسيا بغزو أوكرانيا. واختتمت بلومبرغ مقالها بأنه ينبغي أن تكون الرسالة الموجهة لبوتين واضحة، وهي أن أي مزيد من التصعيد في أوكرانيا سوف يسفر عن ناتو أكبر وأفضل تسليحا.

6