"أزرار وعقيق تكتسح سماوات الفن الفطري" بأنامل المغربية خديجة بوكرين

المعرض التشكيلي للفنانة خديجة بوكرين أول تجربة فنية فريدة من نوعها، حيث جعلت الفنانة من العقيق مادتها الخام في انسجام مع قطع القماش.
الأربعاء 2022/01/19
لوحات عن عقود خلت

الرباط – “سر العبقرية هو أن تحتفظ بروح الطفولة إلى سن الشيخوخة”، هكذا يعرّف الكاتب الإنجليزي ألدوس هسكلي العبقرية، فيما تعرفها الفنانة المغربية خديجة بوكرين البقال، واقعيا وبطريقة غير مباشرة، في معرض تشكيلي هو الأول لها، اختارت أن تعقده رغم تقدمها في السنّ وأن تخوض به تجربة يخاف منها الكثيرون، لتؤكد بذلك أن العمر مجرّد رقم وأن الميل نحو الابداع والابتكار والعبقرية لا تحده الأعمار. ويحمل المعرض، الذي ينظّم بإشراف من المديرية الجهوية للثقافة فاس – مكناس وبالتعاون مع جمعية رواد القراءة وجمعية مغرب الإبداع، شعار “أمطار من أزرار وعقيق تكتسح سماوات الفن الفطري”. ويتواصل إلى غاية السابع والعشرين من يناير الجاري، بمدينة فاس المغربية.

ويأتي المعرض الذي يضم 46 لوحة فنية برواق محمد القاسمي احتفاء بذاكرة المقاومة بفاس وتخليدا للذكرى الثامنة والسبعين لتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال.

المعرض التشكيلي أول تجربة للفنانة خديجة بوكرين التي تجاوزت عقدها السابع وفيه تحرير لطاقاتها الإبداعية المحجوبة

وتشكل ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال التي وقعت في الحادي عشر من يناير 1944 حدثا تاريخيا بارزا وراسخا في ذاكرة كل المغاربة، يحاول كل واحد منهم الاحتفاء والاحتفال به بطريقته الخاصة، وفاء منه لقادة الحركة الوطنية، وتخليدا للبطولات التي صنعها أبناء المملكة المغربية إيمانا منهم بحقهم في تحرير الوطن والخلاص من الاستعمار الفرنسي والإسباني الذي كان يقتسم البلاد.

وكانت مدينة فاس التي يعود تاريخ تأسيسها إلى نهاية القرن الثامن الميلادي، عاصمة المغرب قبل وقوعه تحت الاحتلال الفرنسي في مايو 1911، وتعد المدينة عاصمة ثقافية للمغرب وإحدى أشهر مدنه العتيقة.

ويعتبر المعرض التشكيلي للفنانة خديجة بوكرين التي تجاوزت عقدها السابع، وتعدّ من فناني الجيل الثالث، أول تجربة فنية فريدة من نوعها، حيث جعلت الفنانة من العقيق مادتها الخام في انسجام مع قطع القماش، مستحضرة خيالها الخصب للعودة بذاكرتها إلى طفولتها وعلاقتها بالريف.

وتقول الفنانة إن المعرض خرج من رحم جائحة كوفيد – 19، التي بسببها اضطر العديد من الناس إلى العزوف عن زيارة الأقارب والأصدقاء والالتقاء بهم مباشرة، فوجدت في ذلك فرصة لتحرير طاقاتها الإبداعية التي ظلت خفية لعقود طويلة، محجوبة في يومياتها الروتينية.

وكانت لحظة انفجار الطاقة الكامنة لدى الفنانة حين عثرت صدفة على عقيق سرعان ما باشرت عمليات ترتيبها في أشكال تعبيرية تنبه لها أحد أبنائها فأضحى يوفر لها مادتها الخام من العقيق والقماش، مشجعا إياها على التنفيس عن مشاعرها وموهبتها التي أبهرت زوار المعرض.

واستقطب المعرض الكثير من الزوّار الذين شجع عدد منهم بوكرين على مواصلة تجربتها الفنية الفتيّة فقد اعتبر بعضهم أن أعمال الفنانة السبعينية سابقة واستثنائية، خصوصا وأنها استطاعت في هذا العمر إطلاق أسلوب فني فريد عن باقي أنماط الفنون التشكيلية المتبعة في المغرب.

Thumbnail

وتشجع الفنانة العصامية قريناتها على تحرير طاقاتهن الإبداعية دون اكتراث بحاجز التقدم في السن، معتبرة تواصلها مع الجمهور من خلال المعرض تحفيزا على تطوير تجربتها.

وفي كلمة افتتاحية للمعرض الذي افتتح في الرابع عشر من يناير الجاري، تقول الطفلة نعمة، حفيدة الفنانة التشكيلية “لم أكن أتصوّر خلال شهر مارس من سنة 2020، وأنا أساعد جدتي في فرز العقيق وتنظيفه، أن تلك الأعمال واللوحات، ستجد رواقا يحتضن أعمالها”. وأضافت “ولم أكن يوما أحلم أن جدتي التي لطالما طبعت قبلة على خدي قبل النوم، أصبحت تطبع لوحاتها وتوقعها بالحرف الأول من اسمها“.

وعبّرت رئيسة مصلحة الشؤون الثقافية بمديرية الثقافة لجهة فاس مكناس، نادية برشيد، عن الاعتزاز باستضافة فنانة عصامية فتحت أعينها على العالم في عقد الأربعينات من القرن العشرين، وتخزن ذاكرتها أحداثا تاريخية هامة.

وأبرزت نادية برشيد أن المعرض التشكيلي الذي يحتفي بذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، محطة للوقوف على أعمال فنانة عصامية يلاحظ تنوع وغنى إبداعاتها.

14