فنان إماراتي يطوع عناصر بيئته ليخلق أفكارا فنية غير مألوفة

بينالي البندقية يستضيف معرض "محمد إبراهيم: بين الشروق والغروب"
الأربعاء 2022/01/19
أفكار لا تنضب وروح مفعمة بالطاقة

ينطلق الفنان الإماراتي محمد أحمد إبراهيم في منتوجاته اليدوية وممارساته الفنية القائمة على فكرة الشكل، من بيئته المحيطة، مأسورا بجمال المناظر الطبيعية الخلابة ومعيدا تمثل العالم من حوله محولا كل الأدوات المتاحة إلى أفكار فنية. ونالت أعماله اهتماما واسعا آخرها اختياره ليمثل الإمارات في معرض ضمن فعاليات بينالي البندقية.

أبوظبي – أعلن الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة عن معرضه القادم في بينالي البندقية 2022 بعنوان “محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب”، والذي سيقدم عملا تركيبيا جديدا للفنان الإماراتي المخضرم محمد أحمد إبراهيم صمم خصيصا للجناح الوطني.

وسيحتضن المعرض، المُقام تحت إشراف القيمة الفنية مايا أليسون، المدير التنفيذي لرواق الفن ورئيس القيمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي، عملا تركيبيا مكونا من عدة منحوتات بحجم الإنسان مصنوعة بأسلوب نحتي مجرّد ومتناغم مستمد من الأشكال الطبيعية والعضوية، تأتي مستوحاة من العلاقة الوطيدة التي تربط الفنان ببيئته المحلية في مسقط رأسه، خورفكان، تلك المدينة التي تحيطها جبال الحجر العالية على الساحل الشرقي من إمارة الشارقة في دولة الإمارات.

فنان مختلف

أعمال تنسجها الأفكار بين الألوان والحركة
أعمال تنسجها الأفكار بين الألوان والحركة

يمثّل معرض “محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب” المشاركة السابعة للجناح الوطني لدولة الإمارات في المعرض الدولي للفنون ببينالي البندقية، كما يُعد إيذانا باعتماد الجناح نهجا شموليا بقيادة الفنانين، حيث تم اختيار الفنان إبراهيم أولا ومن ثمّ قام بدوره بترشيح مايا أليسون لتولي مهمة التقييم الفني في معرض الجناح الوطني خلال الدورة الـ59 من المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية، الذي سيرحب بالزوّار والحضور خلال الفترة من الثالث والعشرين من أبريل إلى السابع والعشرين من نوفمبر 2022.

وتُقام الدورة الـ59 من المعرض الدولي للفنون في بينالي البندقية بقيادة القيمة الفنية الإيطالية سيسيليا أليماني، المقيمة في مدينة نيويورك، تحت شعار “خيال بلا عنان”، والذي يتطرّق إلى مسألة تمثيل الجسد وتحولاته الخيالية، كما يبرز العلاقة الممتدة بين الجسد والأرض.

وتماشيا مع هذا الشعار، جاء مفهوم الأعمال النحتية الحيوية للمبدع إبراهيم التي تتلاقى معا في مشهد ساحر ينسج أفكاره بين الألوان والحركة ليأخذ المشاهد على متن رحلة تستعرض الأجسام ومراحلها التحولية.

ما يميز إبراهيم أسلوبه الذي تبناه لسنوات في معالجة الأفكار والمفاهيم بطريقة مغايرة لاحتمالات المكان والمواد المستخدمة

وتنبعث هذه الأشكال من حوار الفنان المادي مع الخامات المستخدمة في صياغة عمله الفني، من خلال تراكم الورق المعجّن على هياكل غير محددة والتي تتحوّل أثناء مباشرته ممارساته الفنية لتستقر في موقعها وشكلها النهائي. وعادة ما تدخل في تكوين أشكال أعماله الفنية مجموعة من المواد الخام، مثل الطين وأوراق الشجر والشاي والقهوة والتبغ.

وقال الفنان إبراهيم “يبرز معرض ’محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب‘ العلاقة التي تربطني بالطبيعة والمكان الذي أعيش فيه، ويعكس التباين بين النور الصباحي في خورفكان وألوانه المغايرة حينما تفترش الشمس في السماء، وبين تلاشي هذه الألوان بعد الظهيرة عندما تبدأ الشمس بالمغيب والاختفاء وراء الجبال التي تحيط بمسقط رأسي – خورفكان.. فنحن لا نرى غروب الشمس أبدا في خورفكان، لكن بإمكاننا تخيل تلك اللحظة الساحرة للشمس وهي تغرب في الجانب الآخر من دولة الإمارات.. وإنني متحمس للغاية للكشف عن عملي التركيبي الجديد، بالتعاون مع أليسون والجناح الوطني لدولة الإمارات، لتمثيل دولة الإمارات بكل فخر واعتزاز في 2022 في محفل دولي بحجم وقيمة بينالي البندقية”.

وقالت القيمة الفنية أليسون المدير التنفيذي لرواق الفن ورئيس القيمين الفنيين في جامعة نيويورك أبوظبي “على مدار السنوات الماضية كنت أتابع عن كثب نشاط إبراهيم الفني وتطور علاقته الوطيدة مع كل بيئة يخوض غمار تفاصيلها ومكوّناتها، بداية من المناظر الطبيعية بين صخور الجبال في مسقط رأسه، ووصولا إلى البيئة الساحرة في الأماكن التي أقام فيها خلال إقاماته الفنية في هولندا وفرنسا والهند وغيرها من الدول الأخرى”.

رغم مرور نحو أربعة عقود من مسيرته الإبداعية يواصل الفنان جهوده ومساعيه لتعميق وتطوير ممارساته الإبداعية بشغف

وتابعت “يواصل هذا الفنان الملهم، رغم مرور نحو أربعة عقود من مسيرته الإبداعية، جهوده ومساعيه المبذولة في تعميق وتطوير ممارساته الإبداعية بشغف لا ينضب وروح مفعمة بالطاقة، مستمدا عزيمته التي لا تلين من علاقته بمنتوجاته الفنية والمجتمع الإبداعي. ولعل ما يميز إبراهيم عن غيره من الفنانين الآخرين هو أسلوبه الذي تبنّاه لسنوات عديدة في معالجة الأفكار والمفاهيم بطريقة مغايرة لاحتمالات المكان والمواد المستخدمة، وإنني حقا سعيدة بهذه الفرصة التي ستتيح لهذا الفنان المبدع فرصة عظيمة لتقديم أعماله الفنية أمام جمهورعالمي، وإنها نقطة تحول فريدة في مسيرة المؤسسات التي تدعم هذا المشروع”.

وأضافت أليسون “خلال العقد الماضي كان للجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة في بينالي البندقية دورٌ محوريٌ في سرد قصص ثقافة الإمارات وتاريخها على المسرح العالمي. وبالتزامن مع ذلك، أتاح التزام جامعة نيويورك أبوظبي بإقامة معارض رواق الفن وإصدار المنشورات وعقد برامج زمالة القيّمين الفنيين بالتعمّق أكثر في تاريخ المشهد الفني الإماراتي، وأنا ممتنة اليوم لكلا المؤسستين على شراكتهما لدعم الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة 2022 في بينالي البندقية. فلطالما زخرت دولة الإمارات بحركة فنية جادة ومتنوعة تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، بما يتجاوز توقعات الجمهور العالمي، وهذا ما يجعلني متحمّسة للغاية للمساهمة مرة أخرى في مواصلة هذا الزخم الفني وإضافة فصل جديد إلى سجّل المشاركات الثقافية للدولة”.

تطوير الذوق

كل المواد يمكن أن تصبح فكرة فنية
كل المواد يمكن أن تصبح فكرة فنية

يشكل معرض “محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب” التعاون الخامس بين الفنان إبراهيم والقيمة الفنية أليسون، كما يتضمن ثالث مؤلف صادر عن القيمة الفنية حول دراسة أعمال الفنان الإماراتي، مما يضفي طابعا متميزا على مشاركتهما معا في معرض الجناح الوطني.

ويوثّق هذا الكتاب المُرافق للمعرض، بعنوان “محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب – أعمال فنية: 1986 – 2022” رحلة الفنان الكاملة وتطوّر أعماله وممارساته الفنية لأول مرة في تاريخه، وقد شارك في تحريره كل من أليسون وكرستيانا دي ماركي المقيمة بين دبي وبيروت ولها باع وخبرات طويلة من العمل التعاوني والكتابي حول المجتمع الفني الإماراتي.

وقالت ليلى بن بريك مديرة التنسيق في الجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية “سيكشف معرض ’محمد أحمد إبراهيم: بين الشروق والغروب’ النقاب عن أشكال نحتية جديدة تحمل توقيع المبدع إبراهيم، الذي يحظى بشهرة واسعة بوصفه أحد الأعضاء المؤثرين في المجتمع الفني الزاخر بدولة الإمارات منذ بدايات حقبة الثمانينات. ويسلّط المعرض الضوء على تصوّرات الفنان ومقاربته في رصد أبعاد ومفاهيم علاقاته الوطيدة مع الطبيعة الساحرة في دولة الإمارات”.

وقالت أنجيلا ميجلي المديرة التنفيذية لدى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان “يواصل الجناح الوطني لدولة الإمارات، بالتعاون مع رواق الفن في جامعة نيويورك أبوظبي، دوره المحوري في رسم ملامح الجهود البحثية والمساعي الثقافية من خلال تسليط الضوء على ممارسات وأعمال الفنان الإماراتي إبراهيم داخل معرض الجناح الوطني في بينالي البندقية 2022، ويُعد هذا المعرض شاهدا قويا على التزامنا المستمر في تطوير الذوق الثقافي والإبداعي داخل المجتمع الإماراتي وتمكين عقول الإبداع من النمو والازدهار”.

وقالت مارييت ويسترمان نائب رئيس جامعة نيويورك أبوظبي “يُعد بينالي البندقية إحدى أهم وأعرق الفعاليات الفنية في العالم. فخورون جدا باختيار رئيسة القيّمين الفنيين بالجامعة أليسون لتكون القيّمة الفنية على الجناح الوطني لدولة الإمارات العربية المتحدة هذا العام. لطالما التزمت جامعة نيويورك أبوظبي التزاما عميقا بالفنون، بدءا من رواق الفن الذي يُضاهي بجودته متاحف الفن، إلى مركز الفنون الأدائية المفعم بالحيوية، وصولا إلى درجة ماجستير الفنون الجميلة الجديد الذي تقدّمه الجامعة”.

وتتولى مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان مهام المفوّض الرسمي للجناح الوطني لدولة الإمارات في بينالي البندقية وبدعم من وزارة الثقافة والشباب، كما يمتلك الجناح الوطني مقرا دائما في موقع “أرسنال – سالي دي آرمي”.

13