القضاء العراقي يلاحق نائبة سابقة بسبب "مخصصات أفراد حمايتها المفقودين"

نينوى (العراق) - أصدرت محكمة تحقيق نينوى، المختصة بقضايا النزاهة، الثلاثاء أمر قبض بحق النائبة في مجلس النواب السابق ميساء يحيى عبدالرزاق، بتهم فساد.
وقال بيان للمحكمة، نشرته وكالة الأنباء العراقية "واع"، إن "ذلك جاء على خلفية التهم الموجهة إلى النائبة في قضية استلامها مخصصات أفراد من حمايتها، رغم كونهم مفقودين منذ سيطرة عصابات داعش الإرهابية على محافظة نينوى".
وأعلنت بغداد أواخر 2017 الانتصار على تنظيم داعش باستعادة الأراضي التي كان يسيطر عليها، وتبلغ نحو ثلث مساحة العراق.
وأضاف البيان أن أمر القبض جاء "استنادا إلى أحكام المادة 340 من قانون العقوبات، وأن التحقيق بالقضية تم في مديرية تحقيق النزاهة في المحافظة".
وتابع "أصدرت المحكمة أمر القبض بحق النائبة، استنادا إلى أحكام المادة الحكمية، التي تنص على إيقاع عقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات، بحق كل موظف أو مكلف بخدمة عامة، أحدث ضررا بأموال أو مصلحة الجهة التي يعمل فيها أو يتصل بها بحكم وظيفته، أو بأموال الأشخاص المعهودة بها إليه".
وفي أحدث عملية لمكافحة الفساد في البلاد، اعتقلت هيئة النزاهة الأحد 9 موظفين في شعبة الحسابات التابعة لدائرة صحة نينوى، على خلفية وجود نقص في المستحقات المدخرة التي وزعتها الدائرة مؤخرا.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر أمني قوله إن عدد الموظفين الذين اعتقلتهم هيئة النزاهة من دائرة الصحة بالمحافظة ارتفع إلى تسعة، بعد أن كان أربعة.
وأضاف المصدر أن "عملية الاعتقال جاءت على خلفية صدور أوامر قبض بحق موظفي شعبة الحسابات، لتوزيعهم الرواتب المدخرة وفيها نقص مالي"، موضحا أن "التحقيق معهم جار لمعرفة سبب استقطاعهم مبالغ مالية من الرواتب".
هذا وأصدر القضاء في وقت سابق أمر استقدام بحق مدير صحة نينوى فلاح الطائي، للتحقيق معه في ذات القضية التي تم توقيف موظفي الحسابات على إثرها.
وذكر بيان لهيئة النزاهة الأحد أن "فريق عمل مكتب تحقيق ميسان التابع للهيئة، الذي انتقل إلى دائرة الصحة في المحافظة، قام بضبط أصل مستندات صرف تخص عقود تنظيف مستشفيات تم صرفها خلافا للقانون"، مبيّنا أن "مبالغها وصلت إلى 223 مليون دينار".
وأضاف أنّ "ثلاثة محاسبين في دائرة الصحّة قاموا بصرف المستحقات الماليّة لأحد مكاتب التعهّدات والتنظيف ضمن العقد الخاصّ بتنظيف مستشفيات (الطفل للولادة، والصدر التعليمي، والزهراوي الجراحي)، للمدّة من 2017/12/1 إلى غاية 2019/9/30، خلافا للضوابط والتعليمات والقانون، ممّا أدّى إلى حدوث هدر بالمال العام".
ويعاني العراق منذ عام 2003 من تفشي الفساد في أغلب مؤسساته وسوء الإدارة، ما أسفر عن ضياع ثروات طائلة على مشاريع وهمية وعمليات غسيل أموال.
ومثّل الفساد سببا رئيسيا في فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في تحسين الخدمات العامة الأساسية، من قبيل التعليم والكهرباء ومياه الشرب وقطاع الصحة وغيرها.
وتعد محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة منذ أكتوبر 2019 في العراق، الذي يعتبر من أكثر دول العالم التي تشهد فسادا، وفق مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية.
ولا يُعرف رقم حقيقي لحجم الأموال العراقية المهربة خارج العراق، إذ تتضارب الأرقام الحكومية والشعبية حول حقيقة تلك الأموال التي استنزفت ثروات البلاد.
وكان الرئيس العراقي برهم صالح سبق أن أعلن عن مشروع قانون استرداد عوائد الفساد وتقديمه إلى البرلمان، والسعي لاستعادة نحو 150 مليار دولار تم تهريبها إلى خارج العراق منذ سنة 2003، وهو تقرير أولي، في حين أن هناك تقديرات أكثر من ذلك بكثير.
وأكدت لجنة النزاهة النيابية أن حجم الأموال المهربة خارج العراق يقدر بـ239.7 مليار دولار، وهو رقم يفوق موازنة البلاد لأكثر من عامين، مشددة على وجود ضغوط سياسية لعرقلة مكافحة الفساد.
وبشكل مستمر تعلن السلطات الرقابية العراقية صدور أوامر قبض ومصادرة الأموال المنقولة وغير المنقولة لمسؤولين بارزين، بينهم وزراء ومحافظون ومدراء عامون، بتهم تتعلق بالفساد المالي والإداري.
وفي يونيو الماضي أعلنت هيئة النزاهة العراقية الرسمية توقيف خمسة عشر موظفا حكوميا، بينهم مدير شركة في محافظة كركوك، بتهمة الفساد.
ويعتبر التحدّي الأكبر أمام بغداد هو استعادة الأموال المنهوبة، والقدرة على إعادة توظيفها ودمجها في الاقتصاد العراقي لإنعاشه.