عودة الاحتجاجات في الشرق تربك الحكومة السودانية

بورتسودان ( السودان) - تسود مخاوف وسط قطاعات واسعة في السودان من لجوء مجلس نظارات البجا لإغلاق شرق البلاد مجدداً بعد رفعه الإغلاق مؤقتا لشهر أملا في التجاوب مع حزمة مطالب وضعها على طاولة الحكومة السودانية، في مقدّمها إلغاء مسار الشرق المضمن في اتفاق سلام جوبا وعقد منبر تفاوضي موسع.
وتنتهي المهلة المحددة في التاسع عشر من ديسمبر الجاري، وسط تحذيرات مجلس السيادة السوداني من أنه لن يسمح بإغلاقات أخرى.
وفي الرابع من ديسمبر الجاري وافق مجلس البجا على طلب لجنة حكومية بإرجاء إغلاق ميناء بورتسودان والطريق القومي الرابط بين العاصمة ومدينة بورتسودان إلى التاسع عشر من ديسمبر الجاري.
وقال أمين إعلام المجلس عثمان كلوج في بيانه “نعلم بأن الدولة ستقاتلنا من أجل الموارد في شرق السودان”، مضيفا “نحن مستعدون للموت والقتال من أجل انتزاع حقوقنا والحكم الذاتي وفقاً للأرض والثقافة”.
وتوصل اجتماع عقده نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي”، مع أطراف اتفاق جوبا للسلام، بمشاركة وفد الوساطة من جمهورية جنوب السودان، لمراجعة تنفيذ بنود الاتفاقية وبحث الأزمة في شرق السودان، إلى اتفاق أمن على ضرورة قيام مؤتمر جامع يضم كل أهل الشرق لمناقشة قضاياهم.
ويطالب المجلس بإلغاء مسار الشرق في اتفاق سلام السودان، وتنفيذ مقررات مؤتمر سنكات، فضلا عن منبر تفاوضي منفصل وجديد حول قضايا الشرق بين الحكومة والمجلس.
ونفّذ محتجون في شرق السودان في سبتمبر الماضي إغلاقا شاملا استمر لأسابيع لطرق حيوية في ولاياته الثلاث “البحر الأحمر وكسلا والقضارف”، إضافة إلى الطريق الرئيس الرابط بين بورتسودان والعاصمة الخرطوم.

وتكمن تعقيدات الأوضاع في شرق السودان في وجود تداخلات داخلية وخارجية تؤثر على مجريات الأوضاع، ودائما ما يكون الصراع الإقليمي على الموانئ المطلة على ساحل البحر الأحمر حاضرا في أيّ أعمال عنف أو احتجاجات، ما يُصعّب من مهمة الحكومة التي فشلت في اللعب بورقة التناقضات الدولية.
وتسبب الإغلاق السابق للإقليم في انقطاع وصول الاحتياجات الأساسية بما في ذلك القمح والوقود والأدوية إلى أنحاء البلاد، وأغلقت مخابز أبوابها في الخرطوم وبعض الولايات بسبب شح الدقيق، بما يضاعف الضغوط على الحكومة التي تحاول إطفاء النيران المشتعلة في ملفات سياسية ومجتمعية واقتصادية متفاقمة.
وتدرك دوائر في السلطة الحاكمة أن تأجيل الحلول لن يقود إلى أزمات أكبر، وترى أن الخطأ كان منذ بداية التوقيع على اتفاق جوبا للسلام دون الوصول إلى توافق بين كافة المكونات، لأن نظارات البجا عبّرت عن موقفها الرافض للمسار قبل التوقيع عليه بشكل نهائي، وبالتالي فهؤلاء يدعمون الوصول إلى حلول نهائية وإن كان ذلك على حساب اتفاق جوبا الذي قد يخضع لتعديلات في المستقبل القريب.
وتفاقم الأجواء المشحونة في الشرق الضغوط على المجلس الانتقالي السوداني الذي لا لايزال يواجه صعوبات في تنفيذ الاتفاق السياسي، وسط شارع منتفض ضده ويطالب بعودة الحكم المدني واستبعاد العسكريين.
ويشهد السودان، منذ الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي، احتجاجات رفضا لإجراءات اتخذها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في اليوم ذاته، وتضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وعزل رئيس الوزراء عبدالله حمدوك عقب اعتقال قيادات حزبية ومسؤولين، ضمن إجراءات وصفتها قوى سياسية بأنها “انقلاب عسكري”.
ورغم توقيع البرهان وحمدوك اتفاقا سياسيا في الحادي والعشرين من نوفمبر يتضمن عودة الأخير إلى منصبه، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتعهد الطرفين بالعمل سويا لاستكمال المسار الديمقراطي، إلا أن الضغوط والخلافات تعرقل ولادة الحكومة السودانية الجديدة.