خطر الجوع يهدد أفغانستان بعد سيطرة طالبان على السلطة

جنيف - ازداد الواقع الإنساني والمعيشي في أفغانستان تأزما بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة، وصنفت لجنة الإنقاذ الدولية أفغانستان بعد استيلاء الحركة على السلطة “أسوأ منطقة متاعب إنسانية في العالم”، وذلك ضمن قائمة اللجنة الخاصة بمراقبة الطوارئ المتعلقة بأبرز الأزمات في مختلف أنحاء العالم لعام 2022.
وأظهر أحدث استطلاع أجراه برنامج الأغذية العالمي عبر الهاتف أن 98 في المئة من الأفغان لا يحصلون على الغذاء الكافي، وهي زيادة مقلقة بنسبة 17 في المئة منذ أغسطس الماضي.
وقالت الوكالة الأممية إن “العائلات بالكاد تستطيع التأقلم مع هذا الوضع، وهي تلجأ إلى تدابير يائسة بالتزامن مع بداية الشتاء، حيث يأكل ثمانية من كل عشرة أشخاص كمية من الطعام لا تفي بالحاجة، ويقترض سبعة من كل عشرة أشخاص طعاما لمجرد تدبير أمورهم”.
بعثة الأمم المتحدة ووثقت ستين حالة اعتقال تعسفي وضرب وتهديدات لنشطاء وصحافيين وموظفي لجنة حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان
وطالبت نائبة المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، ندى الناشف، طالبان بضرورة احترام الحقوق والحريات الأساسية في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها أفغانستان.
وخلال إحاطة قدمتها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف عرضت ندى الناشف بالتفصيل كيف أن الأزمة الإنسانية العميقة في أفغانستان تهدد الحقوق الأساسية، مع وجود النساء والفتيات والمجتمع المدني ضمن أكثر المتضررين.
وقال برنامج الأغذية العالمي الثلاثاء إن الاقتصاد الأفغاني المنهار يجعل من الصعب على الناس الحصول على ما يكفي من الطعام.
وتحتاج الوكالة الأممية بشكل عاجل إلى 220 مليون دولار شهريا في عام 2022، حيث تكثف عملياتها لتوفير المساعدات الغذائية والنقدية لأكثر من ثلاثة وعشرين مليون أفغاني يواجهون الجوع الشديد.
وقد ساعد البرنامج خمسة عشر مليون شخص في جميع مقاطعات البلاد البالغ عددها أربع وثلاثين حتى الآن، ووصل عددهم إلى حوالي سبعة ملايين في نوفمبر وحده، بدلا من أربعة ملايين في سبتمبر الماضي.
وقالت ماري - إيلين ماكغرارتي، المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في أفغانستان، “تواجه أفغانستان فيضانا من الجوع والعوز لم أر مثله مطلقا خلال عشرين عاما من العمل مع برنامج الأغذية العالمي”، فيما قالت الناشف “ستحدد الكيفيةُ التي ستعالج بها سلطات الأمر الواقع والمجتمع الدولي الأزمات الاقتصادية والإنسانية الضخمة في البلاد تمتعَ الأفغان بحقوق الإنسان، الآن وفي المستقبل، ستحدد الفرقَ بين الحياة المحتملة في ظل الكرامة والرفاهية أو تسريع الحرمان والظلم والخسارة المأساوية في الأرواح”.
ويظل موظفو مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على الأرض في أفغانستان، حيث يعاني الاقتصاد من الشلل إلى حد كبير، والفقر والجوع آخذان في الازدياد.
ويواجه الشعب الأفغاني أزمة اقتصادية حادة ونقصا في الغذاء وتزايدا في معدلات الفقر بعد ثلاثة أشهر من عودة طالبان إلى السلطة، ويتمثّل أحد أبرز التحديات في إيصال الأموال إلى أفغانستان دون أن تتعرض المؤسسات المالية للعقوبات الأميركية المفروضة على حركة طالبان.
أحدث استطلاع أجراه برنامج الأغذية العالمي أظهر أن 98 في المئة من الأفغان لا يحصلون على الغذاء الكافي
ووثقت بعثة الأمم المتحدة في البلاد (يوناما) ما يقرب من ستين حالة اعتقال تعسفي وضرب وتهديدات لنشطاء وصحافيين وموظفي لجنة حقوق الإنسان المستقلة في أفغانستان، وقد نُسبت هذه الانتهاكات إلى سلطات الأمر الواقع.
كما تم تهديد العديد من المدافعات عن حقوق المرأة، وهناك مخاوف واسعة النطاق من الانتقام منذ حملة القمع العنيفة ضد الاحتجاجات النسائية السلمية في سبتمبر. وأغلقت الكثير من وسائل الإعلام ومجموعات المجتمع المدني أبوابها.
وبعد تجميد مساعداته المقدمة إلى كابول في أغسطس الماضي قرر البنك الدولي الأسبوع الماضي إرسال مساعدات إنسانية إلى أفغانستان بقيمة 280 مليون دولار لتصل إلى اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي، في خطوة أولى لإنقاذ الشعب الأفغاني في هذا الوقت الحرج.
ومنذ 2002 قدّم الصندوق الاستئماني لإعادة إعمار أفغانستان دعما من خلال برامج وطنية، مثل الحد من وفيات الرضع وتحسين تعليم الأطفال.
وفي نهاية أغسطس الماضي أعلن البنك الدولي تعليق مساعداته المخصّصة لأفغانستان، مؤكدا في الوقت نفسه أنه يبحث في “سبل البقاء ملتزمين بمواصلة دعم الشعب الأفغاني”.