واشنطن ترحب بإعلان قيس سعيّد جدولا زمنيا للإصلاح السياسي

نيد برايس يرحب بخارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس التونسي مؤكدا التزام بلاده بالشراكة الأميركية - التونسية.
الأربعاء 2021/12/15
خارطة طريق تلقى ترحيبا بالداخل والخارج

تونس - رحّبت الولايات المتّحدة الثلاثاء بخارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس التونسي قيس سعيّد الاثنين، وقرّر بموجبها إجراء استفتاء على إصلاحات دستورية في الصيف تليه انتخابات تشريعية في نهاية 2022، وذلك على الرّغم من تنديد المعارضة بتمديده لعام كامل تعليق عمل البرلمان.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس في بيان "نرحب بإعلان الرئيس سعيّد عن جدول زمني يحدد مسار الإصلاح السياسي والانتخابات البرلمانية".

وأضاف "نتطلع إلى عملية إصلاح شفافة وشاملة لأصوات المجتمع المدني والسياسي المتنوع".

وأكد المتحدث في البيان أن الولايات المتحدة "تدعم تطلعات الشعب التونسي إلى حكومة فعّالة وديمقراطية وشفافة تحمي الحقوق والحريات. وسنظل ملتزمين بالشراكة الأميركية - التونسية".

ويأتي الموقف الأميركي الداعم للرئيس سعيّد وتوجهاته نحو استكمال المسار الديمقراطي، بعد دعوة سفراء الدول الأعضاء في مجموعة السبع المعتمدين في تونس وسفير الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك الجمعة إلى عودة "سريعة" لعمل المؤسسات الديمقراطية في البلاد، حيث جمّد الرئيس عمل البرلمان وتولى السلطة بنفسه.

ومساء الاثنين أعلن الرئيس سعيّد عن جملة من القرارات تتمثل في الإبقاء على المجلس النيابي معلقا أو مجمدا إلى تاريخ السابع عشر من ديسمبر 2022، موعد تنظيم انتخابات نيابية مبكرة وفقا لقانون الانتخابات الذي سيتم تنقيحه.

كما أعلن أنه مع مطلع يناير القادم سينطلق تنظيم استشارة وطنية إلكترونية على أن تنتهي في العشرين من مارس، وستتولى لجنة تتكون من خبراء تأليف مختلف المقترحات التي سيعبّر عنها التونسيون حتى نهاية يونيو، على أن ينظم الاستفتاء في الخامس والعشرين من يوليو 2022، وهو يوم عيد الجمهورية.

واعتبر كريس مورفي، رئيس اللجنة الفرعية للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديمقراطي، "خارطة الطريق التي وضعها الرئيس سعيّد غير متكاملة، وطويلة المدى على المستوى الزمني في علاقة بعودة الديمقراطية في تونس"، متسائلا "كيف يمكن أن تظل البلاد بلا دستور إلى غاية الصيف القادم وبلا برلمان إلى غاية العام القادم؟".

ورحبت أحزاب تونسية بقرارات الرئيس سعيّد، حيث اعتبر حزب "التحالف من أجل تونس" الثلاثاء أنّ "الإجراءات المعلن عنها توضّح معالم الطريق لسنة قادمة تتوّج بانتخابات ديمقراطية، تعيد المؤسسة التشريعية إلى دورها في دعم أسس الدولة وسيادة قرارها، وفق ما سيفرزه الاستفتاء الشعبي من تعديلات على الدستور وعلى النظام الانتخابي".

وأضاف أن خطاب الرئيس سعيّد هو "إعلان نهاية منظومة فاشلة وتهيئة أرضية قانونية وأخلاقية لجيل سياسي".

وأعلن حزب البعث التونسي تأييده لقرارات سعيّد الجديدة، مؤكدا في بيان "مباركته لجملة هذه الإجراءات بما احتوته من تسقيف زمني، وما عبّرت عنه من إرادة واضحة وصلبة للإصلاح".

ونوّه البيان بتجنب رئيس الدولة اتخاذ قرارات مثل حل البرلمان أو المجلس الأعلى للقضاء أو إلغاء الدستور، وهي القرارات التي كانت ستزيد من توتر المشهد السياسي وتشنجه.

وعبّر الحزب عن تأييده لقرار الرئيس إجراء استشارة شعبية واسعة عبر المنصات الإلكترونية، وعبر عقد جلسات تشاورية بحضور المواطنين بالمناطق، مؤكّدا أن هذه الاستشارة يجب أن تحترم المكتسبات المنجزة خلال عقود من النضال الشعبي، من حريات ومؤسسات اجتماعية ومناخ ديمقراطي.

واعتبرت حركة "النهضة" الإسلامية الثلاثاء أن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس سعيّد "خطوة أحادية لا تلزم سواه".

وقال رياض الشعيبي، المستشار السياسي لرئيس الحركة راشد الغنوشي، إن تمادي قيس سعيّد "في وضع خارطة للمرحلة القادمة دون استشارة الفاعلين السياسيين بما في ذلك مجلس النواب يعتبر خطوة أحادية ولا تلزم سواه".

وكان سعيّد قرر في الخامس والعشرين من يوليو، في خضم أزمة اجتماعية واقتصادية وبعد أشهر من الجمود السياسي، اللجوء إلى الفصل الثمانين من دستور 2014 الذي يخوله اتخاذ "تدابير استثنائية" في حال وجود "خطر داهم" على البلاد، وأعلن بمقتضاه إعفاء رئيس الحكومة وتجميد عمل البرلمان.

وبعد ذلك بشهرين، أصدر رئيس الجمهورية في الثاني والعشرين من سبتمبر أمرا قضى بتجميد العمل بقسم واسع من الدستور ومنح نفسه سلطة التشريع عبر مراسيم، وأعلن تمديد الإجراءات التي اتّخذها "حتى إشعار آخر". 

ولقيت قرارات سعيّد ردود فعل متضاربة، إذ اتهمه خصومه، وفي مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية، بتنفيذ "انقلاب"، بينما رحبت شريحة واسعة من المواطنين بقراراته وقد خرج كثيرون منهم للاحتفال، ولاسيما بعد فرض منع السفر أو الإقامة الجبرية على العديد من الشخصيات والسياسيين ورجال الأعمال، فضلا عن توقيف وملاحقة نواب في البرلمان قضائيا، بعد أن رُفعت عنهم الحصانة النيابية.