أطباء لاجئون في الأردن على جبهة مقاومة الوباء

عمان ـ في كل صباح يفحص الطبيب السوري اللاجئ في الأردن محمد عرّاض مرضاه في مستشفى عام بالعاصمة الأردنية عمان حيث يعمل بعد أن منحته الحكومة الأردنية استثناء لممارسة مهنة الطب.
وعرّاض واحد من بين ثمانية أطباء من سوريا والعراق واليمن بدأوا العمل في مستشفيات وعيادات بأنحاء الأردن كمتطوعين مع الأمم المتحدة في إطار مكافحة المملكة لأزمة وباء كورونا.
وقال عرّاض، الذي فر من بيته في دمشق عام 2012 ولجأ للأردن “هذا العمل هو عودة للحياة، صحيح أنني غادرت بلدي وتركت عملي، والطبيب مثل السمك لا يحس بوجوده إلا في عمله، فعندما عدت إلى مهنتي كأنني عدت إلى الحياة”.
66 ألفا و323 حالة إصابة بفايروس كورونا حتى صباح الثلاثاء بحسب وزارة الصحة
وفي حين كان الأطباء يدعمون في البداية الكادر الطبي في المستشفيات العامة بالمملكة الأردنية وسط ارتفاع حالات الإصابة بفايروس كورونا، فقد تم توزيعهم بعد ذلك في جميع أنحاء المملكة حسب الحاجة لتخصصاتهم.
وتزداد المخاوف بشأن انتشار الفايروس، فقد أظهرت بيانات وزارة الصحة بشأن الوباء ارتفاع عدد الإصابات النشطة في الأردن إلى 66 ألفا و323 حالة حتى صباح الثلاثاء، ليتصدر بذلك دول الشرق الأوسط في عدد الإصابات، حيث تجاوز إيران والعراق الأعلى عربيا بأكثر من مليون إصابة حاليا.
ووضعت دول كثيرة الأردن على القائمة الحمراء ونصحت رعاياها بعدم السفر إليه.
ولا تنقص الأطباء اللاجئون الحماسة في مزاولة الطب، بل لديهم دوافع قوية للعمل، لكنهم بسبب القوانين غالبا ما يجدون أنفسهم مضطرين إلى العمل في الوظائف التي تتطلب مهارات دنيا أو وظائف أخرى بعيدة عن دراستهم ريثما يُسمَحُ لهم العمل في اختصاصاتهم.
وعن إحساسها حاليا بعد عودتها لممارسة مهنتها قالت الطبيبة إسراء حقي، وهي لاجئة من العراق “طبعا شعور جميل أن تعود للعمل بعد انقطاع فأكثر الأشياء إيجابية للطبيب أنه يظل في عمله ويمارس مهنته”.
وأضافت “من الضروري الوقوف إلى جانب المواطنين الأردنيين الذين نعيش معهم ونساعدهم في محنة هذا الوباء، ونخفف عن الأطباء الأردنيين العبء، خصوصا في جائحة كورونا”.
وقال الطبيب عماد أبويقين مدير مستشفى الإسعاف والطوارئ لإدارة مستشفيات البشير “هي خطة جيدة لدمج هؤلاء الأطباء في المجتمع المحلي والاستفادة من خبراتهم. لا شك أن هذه الخبرات قد تكون في بعض الأحيان خبرات نادرة قد تعزز مستوى الرعاية الصحية في أقسام الإسعاف والطوارئ وفي بعض المستشفيات لاسيما خارج العاصمة عمان”.
واحتفلت مفوضة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في الآونة الأخيرة بتمديد عقود هؤلاء الأطباء اللاجئين مع وزارة الصحة وقدمت لهم جائزة الخدمة التطوعية، باعثة بذلك رسالة مفادها أن اللاجئين يمكنهم المساهمة في البلدان المضيفة لهم.
وكانت المفوضية وجهت في أكتوبر 2020 دعوة للاجئين الذين لديهم خبرة ومؤهلات سابقة للعمل في المهن الطبية. وتم تلقي أكثر من 300 طلب، وكان من الواضح أن الكثيرين كانوا حريصين على استخدام معرفتهم مع استمرار انتشار الوباء.
مفوضة الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين احتفلت في الآونة الأخيرة بتمديد عقود هؤلاء الأطباء اللاجئين مع وزارة الصحة
وقال دومينيك بارتش ممثل المفوضية في الأردن “هذه فرصة عظيمة وفي نفس الوقت مسؤولية على عاتق اللاجئين الذين كانوا حريصين على المساهمة بشكل مباشر في الاستجابة الوطنية لفايروس كورونا”.
وأضاف “الرسالة تبين بوضوح أن اللاجئين لا ينتظرون مجرد توزيع مساعدات لكن لديهم مؤهلات يمكنهم تقديمها للمجتمع، لذلك هي رسالة قوية للغاية وآمل أن تكون أيضا رسالة للمجتمع الأردني لإدراك أنه عندما يتعلق الأمر بهذه الأزمة بالذات، فأنت تعلم كيف تتعامل مع وباء كوفيد، وأننا جميعا معا، يدعم كل واحد منا الآخر”.
ويمثل توظيف هؤلاء الأطباء خطوة كبيرة للأمام في إتاحة فرص إضافية لكسب العيش للاجئين في الأردن، كما أنه يأتي بعد شهور من المناقشات بين وزارة الصحة والمفوضية حول كيفية مساهمة اللاجئين في وقف انتشار الجائحة.
وقال بارتش “منذ بداية جائحة كورونا تم إدراج اللاجئين ضمن خطة الاستجابة لمكافحة الوباء وهذا سخاء من قبل الحكومة الأردنية، وأصبحوا قادرين على الحصول على الرعاية الصحية والعلاج الطبي كما المواطنين الأردنيين، كما أنهم تلقوا اللقاح لفايروس كورونا كما هو حال المواطنين الأردنيين”.
وقال الطبيب وليد الذي يعمل في مستشفى باربد “بصفتي لاجئا، أعرف شعور فقدان أحبائك ومنزلك وبلدك. أنا محظوظ لأن تتاح لي هذه الفرصة لتقديم المساعدة وأن أكون منتجا. نشعر بقيمتنا في كوننا أعضاء نشطين في مجتمعاتنا”.
ونظرا لأن الوباء لا يزال مستشريا في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الأردن، فمن المتوقع أن يُطلب من المزيد من العاملين الطبيين من اللاجئين الانضمام إلى المجموعة التي تعمل في مقاومة الفايروس.
ويذكر أن السلطات الأردنية قامت بالتعاون مع المفوضية بتلقيح اللاجئين المسجلين لدى المفوضية ضد فايروس كورونا، ضمن الخطة الوطنية الأردنية لتوزيع اللقاح مجانا على كل المقيمين على أراضي المملكة.