شباب السينما العالمية يلتقون بالقلعة الأثرية في دمشق

للسنة الثانية على التوالي تتجسّد السينما الطلابية في مهرجان سينمائي خاص بها في دمشق. فبعد حراك فعال كونته العام الماضي من خلال تنظيم الدورة الأولى بمساهمة عدد من المبدعين الشباب فيها، انتظمت الدورة الثانية لتضمّ آفاقا جديدة من سينما الطلاب والشباب في العالم.
دمشق- انطلقت في التاسع من ديسمبر الجاري في قلعة دمشق الأثرية أعمال الدورة الثانية من مهرجان السينما الطلابية الذي يقيمه المعهد التقاني للفنون التطبيقية التابع لوزارة الثقافة السورية وتحت رعايتها وبمشاركة المؤسسة العامة للسينما وبعض الجهات الأخرى. وهو المهرجان الأول في سوريا الذي يعنى بالسينما الطلابية ويقدّم أفلاما من سوريا وخارجها.
وكانت البداية العام الماضي، حيث تضافرت جهود العديد من الجهات التابعة لوزارة الثقافة مع مجهودات خاصة بذلها بعض الأعضاء للوصول إلى صيغة ضمّت في حينه مشاركة عدد من الأفلام من تنفيذ طلاب المعهد، كما قُدّمت أفلام شبابية من إنتاج المؤسسة العامة للسينما وبعض الإنتاجات الخاصة.

حسام وهب: ثمانية عشر فيلما تشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان
وفي النسخة الثانية التي تتواصل فعالياتها حتى الخامس عشر من ديسمبر الجاري يتابع المهرجان توسيع آفاق العمل فيه، فينفتح على مساحات سينمائية دولية أكبر، تضمّنت مشاركات من أميركا اللاتينية وأوروبا والصين واليابان إضافة إلى المشاركات العربية والسورية.
خارطة العروض
عن المهرجان وفكرته قال غاندي خضر مدير المعهد التقاني للفنون التطبيقية ومدير المهرجان “فكرة المهرجان الأساسية تكمن في الاهتمام بالمواهب السينمائية الشابة وتشجيعهم على المزيد من المعرفة والبحث في مجال السينما، وكذلك تمكينهم من الإطلاع على السينما العالمية الشابة من خلال الأفلام المشاركة في المهرجان، وهو فرصة حقيقية لكي يقدّم طلابنا أفلامهم أمام الجمهور ويتعرّفوا على مدى تقبل الجمهور لها، وكي يكون جوّ التنافس حاضرا بينهم وبين سينمات أخرى”.
وبدوره يقول المدير الفني للمهرجان حسام وهب إن “فكرة المهرجان بدأت عندما أردنا إتاحة المجال لطلابنا لعرض أفلام تخرّجهم في مهرجانات
خارج سوريا، ثم استقر الرأي على أن نؤسّس لمهرجان يمكن فيه لطلابنا والدارسين للسينما في معاهد
وأكاديميات سورية مختلفة من الاطلاع على تجارب سينمائيين في مثل أعمارهم من دول أخرى وينتمون إلى ثقافات مختلفة ومتنوّعة، ويمكنهم كذلك من الاطلاع على أحدث إنتاجات الفيلم القصير في العالم. وبالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما، ومديريات أخرى في وزارة الثقافة انطلق المهرجان في العام الماضي، واستطاع استقطاب عدد كبيرٍ من الأفلام من دول كثيرة، وانتقاء الأجود منها، وحقّق نجاحا معقولا من حيث سويّة الأفلام المعروضة أو اهتمام الجمهور بها، إذ أنه المهرجان الوحيد المختص بالسينما الطلاّبية في سوريا”.
ويتابع وهب “هذا العام تمكنا رغم الكثير من المعوّقات من إنجاز نسخة ثانية من المهرجان، استقبلنا فيها أكثر من تسعين فيلما من أربعٍ وعشرين دولة، انتقت منها لجنة المشاهدة أربعين فيلما للعرض منها ثمانية عشر للمسابقة الرسمية. كذلك قدّم طلاب معهدنا وطلاّب دبلوم السينما في المؤسسة العامة للسينما عددا من الأفلام اخترنا منها ثمانية أفلامٍ للعرض ستشارك خمسة منها في المسابقة الرسمية، وسنعرض كذلك ثلاثة أفلامٍ قصيرة احترافية من إنتاجات المؤسسة لمخرجين شباب، وفيلما من إنتاجٍ خاص”.

المهرجان افتتح نسخته الثانية عبر الفيلم الإسباني "البرزخ" الذي يسرد التفاصيل الأخيرة لسيدة عجوز تحاول إنهاء حياتها
ويتابع “حرصت لجنة التنظيم التي تألفت من بريام سويد مشرف عام وغاندي الخضر مدير المهرجان وطارق السواح أمين سر المهرجان وحسام وهب المدير الفني ورشا بركات مندوبة مؤسسة السينما على تأمين الظروف التي تكفل تحقيق أكبر قدر من النجاح للمهرجان، وكذلك لجنة التحكيم التي ضمّت المخرج الشهير نجدة إسماعيل أنزور رئيسا وبعضوية كل من الكاتب حسن م. يوسف والمخرج باسل الخطيب والممثلة روبين عيسى والموسيقي عدنان فتح الله”.
ويشارك في المسابقة الرسمية للمهرجان ثمانية عشر فيلما من اثنتي عشرة دولة، كما سيقدّم أفلاما نفذها طلاب المعهد التقاني للفنون التطبيقية بمشاركة طلاب قسم التصوير فيه. ويشارك في عروض المهرجان إلى جانب المسابقة الرسمية ثمانية أفلام سورية من أعمال طلاب دبلوم العلوم السينمائية وفنونها الذي تقيمه المؤسسة العامة للسينما وأفلام سورية أخرى.
وعمل المهرجان على إيجاد فعاليات خاصة على التوازي مع المسابقة الرسمية له، منها تظاهرة “نظرة على سينما الشباب في إسبانيا”، حيث سيعرض فيها ثلاثة عشر فيلما من إسبانيا داخل المسابقة وخارجها. منها عرض الافتتاح الذي حمل عنوان “البرزخ”، وهو فيلم يتحدّث عن تفاصيل حياة سيدة عجوز وهي تحاول إنهاء حياتها.
وتساهم المؤسسة العامة للسينما السورية بثلاثة أفلام قصيرة، وهي “جواد” إخراج أيهم عرسان و”نوم عميق” إخراج خالد عثمان و”عنها” إخراج رباب مرهج، وهو فيلم تدور أحداثه في مساحة لا تتعدّى المئات من الأمتار في قلب مدينة دمشق، لكنّ فضاءه الوجداني لا تحدّه آفاق، حيث مسرح الحمراء وسينما الشام وما بينهما فندق الشام ومقهى البرازيل تكمن واجهة الأحداث التي تجمع الشخصي والعام، المسرح والسينما، الصديق والعدو، الصادق والكاذب.
ليخلق كل ذلك شلالا من الذكريات التي تحوط ممثلة عانت وأحبت وتزوّجت وطعنت وتألمت، ثم انتهت بشكل مأسوي، تحت لوحة إعلانية كبيرة تحمل عبارة مباغتة “ماتت بسبب تناولها جرعة مفرطة من الأمل”، في نوع من التجريب الجمالي الذي تتداخل فيه الأزمنة وتتماهى فيه الشخوص وتتكامل الأحلام نحو صناعة شخص خائب، محطّم بالتفاؤل وبالأمل.
والفيلم من تمثيل كل من فايز قزق وميلاد يوسف وروبين عيسى وكرم شعراني ونجاة محمد وسلمى سليمان ومحمد وحيد قزق وفاضل وفائي.
كما يشارك في المهرجان فيلم سوري مستقل إنتاجيا بعنوان “أبناء المستحيل” إخراج حسام حمود، وقد حقّق جوائز سينمائية حديثا، وهو فيلم يعالج موضوع ذوي الاحتياجات الخاصة.
مشروع وآفاق

"عنها".. فيلم فانتازي سوري يعرض خارج المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو يسرد طموحات امرأة بحجم وطن
كانت المؤسسة العامة للسينما بسوريا ولا تزال عونا للمهرجان في الكثير من تفاصيله وقدّمت عبر كوادرها جهودا كمّلت عمل القائمين عليه. وعن السينما والتجربة قال
المدير العام للمؤسسة العامة للسينما مراد شاهين “السينما هي الفن الأقرب والأكثر انتشارا بين الناس ليس فقط من منطقتنا بل على امتداد مساحة العالم بأسره. ومن هنا تأتي أهمية هذا الفن في التواصل بين الشعوب لتكوين معرفة جامعة عن كافة المجتمعات وعن أساليب وطرائق عيشها وتفكيرها وعاداتها وتقاليدها وعن همومها وآمالها”.
ويضيف “لهذه الأسباب مجتمعة كانت السينما السورية خير مرسال لنا عبر العالم للتعريف بأصالة هذا الشعب وبعاداته وتقاليده وإرثه وحضارته، هذه الحضارة التي دائما ما شكّلت جزءا أساسيا من هوّية كل واحد منا، وشكّلت أساسا حقيقيا لنبني عليه مستقبلنا وآمالنا وتطلعاتنا في قادم الأيام، فبالسينما نعيش وتعيش معنا أحلامنا وآمالنا وبالسينما نستطيع أن نكون رسلا حقيقيين لنبرز الوجه الأجمل والحقيقي لبلدنا وشعبنا”.
النسخة الثانية من المهرجان تضمنت مشاركات من أميركا اللاتينية وأوروبا وآسيا إضافة إلى مشاركات سورية وأخرى عربية
ومهرجان القلعة للسينما الطلابية يشكّل فرصة لمخرجي الأفلام من الطلبة ودارسي السينما وفنونها في معاهد وأكاديميات مختصّة، أو دارسين مستقلين لعرض أفلامهم وتجاربهم أمام جمهور مختلف ومتنوّع، وهو يفتح مجال المشاركة فيه ضمن شروط فنية خاصة منها: ألاّ يزيد عمر المشارك عن الثلاثين عاما بتاريخ تقديم طلب المشاركة، وأن يكون طالبا في أحد معاهد أو أكاديميات السينما، أو أن يكون دارسا للسينما بشكل مستقل أو بالمراسلة، وفيما لو كان خريجا، فيجب أن يكون الفيلم قد أنتج أثناء فترة الدراسة أو كمشروع تخرّج. وألا يزيد طول الفيلم عن عشرين دقيقة.
ويجب أيضا ألاّ يكون الفيلم قد عرض سابقا على محطة تلفزيونية أو على مواقع الإنترنت المتخصّصة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقبل المهرجان أنواع الأفلام الروائية أو الوثائقية أو الرسوم المتحركة.